المرأة المنتخبة ببلدية الجزائر الوسطى

بن غالية : وجودي في مجلس محلي، عمل نضالي

جمال أوكيلي

بوعلي : إلتزاماتنا تجاه المواطن، نجسدها ميدانيا

المرأة المنتخبة ببلدية الجزائر الوسطى، عين ساهرة على متابعة المشاريع المقترحة في شتى القطاعات، ومرافقة المواطن في انشغالاته اليومية المتعلقة بالقضايا ذات المنفعة العامة، ففي كل مرة يكبر هذا الأمل في خدمة الآخر، أكثر فأكثر، والتوجه نحو مبادرات مفتوحة لتلبية الطلبات في هذا الشأن. وفي نفس الوقت عدم ترك الفراغ سيد الموقف، إنه نضال في الميدان مرهق، مضن وشاق، لكنه الخيار الوحيد لتغيير الذهنيات وإخراجها من تقوقعها نحو آفاق واقعية مفروضة على ذلك الحاجز النفسي المعطل لكل إنطلاقة واعدة، النابعة من إرادة فولاذية لا تقهر، مهما كان حجم الإحباط.

هذه الروح المتقدة والقوة الناعمة لمسناها عند نموذجين حيين ببلدية الجزائر الوسطى، ويتعلق الأمر بالناشطتين، بن غالية مهدية، نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي ملكفة بالثقافة التربية السياحة والصناعات التقليدية، وكريمة بوعلي، مندوب بلدي بملحقة الإخوة بليلي.
ليس من السهل أن تشتغل ببلدية الجزائر الوسطى، كل الأنظار مشدودة إلى المنتخبين المحليين وما يلاحقهم من أوصاف لا تنتهي، خاصة إن كانت إمرأة، يوميا تزداد درجات الضغط من المحيط الذي حولها، لا تفهمه ولا تجد له تفسيرا منطقيا، سوى أنه عبارة عن تثبيط للعزائم، ترفض مهدية وكريمة الاستسلام له مهما كانت الظروف، من باب أنهما مرتاحتان مع ضميريهما المهني ولا تخضعان لأي تأثيرات خارجة عن نطاق عملهما، بحكم ما تؤديانه من مهام للصالح العام.

الإستثمار في الإنسان

المنتخبة بن غالية مهدية إطار بالمديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، مكلفة بالإعلام تعتبر أن وجودها في المجلس الشعبي البلدي للجزائر الوسطى امتدادا طبيعيا لتعلقها، وارتباطها الوثيق بالعمل النضالي، تارة ضمن التنظيمات الطلابية وتارة أخرى في الوسط الجمعوي، هذا ما سمح لها باكتساب رصيد نادر في التواصل مع الآخر والدفاع عن حقوقه.
وهكذا، ترى مهدية بأن إقتحامها هذا النشاط المحلي يندرج في إطار تلك القناعات العميقة المتبناة، ضمن إطار منظم يتجاوز بكثير ما كان يجري في الهياكل السابقة، من باب الحرص على توفر ما يعرف برجع الصدى في مخاطبة الآخر.
وشددت مهدية كثيرا على ردود الفعل المتولدة عن الذهنيات الحالية، التي ترفض أن تكون المرأة حاضرة في صناعة الأحداث المحلية، ووقوفها إلى جانب المواطن وحل مشاكله اليومية، وهذا ما يحدث يوميا بهذه البلدية. وعليه، فإن أحسن استثمار، الذي يستدعي الأمر إستهدافه، ذلك المتوجه إلى الإنسان. علينا أن نضبط عقارب ساعاتنا على هذه النقطة الشائكة، وكل تغيير محسوس هو إضافة في مسار التغيير.
وبالرغم من كل هذا، فإن المنتخب المحلي يتعرض لوابل من الانتقادات اللاذعة، ويندرج هذا في إطار السعي لتشويه صورته عمدا أمام الرأي العام، على أساس أنه يملك الدنيا وما فيها، وهذا خطأ وغير صحيح. وفي هذا السياق، قالت مهدية أن المنتخب المحلي محاصر من كل الجوانب، صلاحياته محدودة، لذلك تجده تحت رحمة الوالي، الوالي المنتدب، ورئيس الدائرة، هذا ما يجعل قراره حبيس أو رهين وصاية أخرى. وأمام هذا التضييق لا ينتظر المواطن الكثير من المنتخب المحلي.
وللأسف، لا يوجد أي تواصل بين المنتخب والإدارة المحلية، فيما يتعلق بإثراء مشاريع القوانين، والتشريعات التنظيمية وغيرها من القرارات ليكون المنتخب في مستوى الحدث.
وتشرف مهدية حاليا على الثقافة التربية السياحة والصناعات التقليدية، ولأول وهلة تبدو المهام الكثيرة الملقاة على عاتق هذه المنتخبة بتسيير قطاعات، 4 قطاعات كاملة، وهذا ما يشير ضمنيا إلى حجم العمل الذي ينتظرها يوميا في إدارة متطلبات هذه الجوانب الحساسة، ذات الصلة الوثيقة سواء بالمهنيين أو المواطنين، من خلال المعارض وغيرها.
والشغل الشاغل لمهدية هو البحث الحثيث عن إحداث تلك الحركية المتواصلة في المجال الثقافي، عن طريق توفير الفضاءات اللازمة لمحبي الفن والإبداع..وفي هذا السياق، فإن هناك عملا ملحوظا في هذا الاتجاه، يتمثل في المكتبات العمومية، قاعات السينما، مسارح للشباب، ورشات للتكوين في أبي الفنون والفن السابع،زيادة على إدراج المسرح المدرسي، ونشاطات متنوعة سواء المتعلقة برزنامة المواسم الأعياد.
هناك مجهود جبار يبذل على هذا المستوى قصد تقريب المواطن من الهياكل الثقافية المتواجدة عبر أحياء البلدية، وهذا بانتقاء له النوعية الحاملة للمهنية، في شتى الفنون المقترحة عليه، من أسماء لها سمعة محترمة في هذا الميدان، وضعت برنامجا ثريا في هذا الصدد تبقى الكرة في شباك الآخر.
وتصنف مهدية العلاقة أو التواصل مع رئيس البلدية عبد الحكيم بطاش بالعادية جدا، كون هذا الأخير اعتمد على مبدأ التسيير التشاركي، الذي يمنح الفرصة للجميع، ويفتح الباب لكل الكفاءات مهما كانت مشاربهم، المقياس الوحيد هو الثقة الجدية والالتزام.

مرافقة الذهنيات بهدوء

أما المنتخبة كريمة بوعلي فهي إطار بسوناطراك، التحقت بالعمل المحلي ضمن انخراطها في القائمة الحرة «لؤلؤة الجزائر» التابعة للمتصدر عبد الحكيم بطاش، خلال محليات 23 نوفمبر 2017، والفائزة بـ 16 مقعدا أي بالأغلبية الساحقة، وهذا الانضمام ليس وليد ظروف طارئة، بل يعود إلى الممارسة الدائمة والاحتكاك المتواصل مع عالم النقابات والجمعيات الرياضية، زيادة على الرغبة الجامحة في خدمة المواطن، والتكفل بانشغالاته.
بالنسبة لكريمة، فإن ما تقوم به من أشغال يسرى في دمها، ولا تستطيع التخلي عنه أبدا، إيمانا منها بالمهمة المكلفة والمنوطة بها، والاتزامات التي قطعتها على نفسها تجاه المواطن خلال الحملة الانتخابية، لذلك فإن رنين هاتفها لا يتوقف، المكالمات تصلها من كل جهة، قصد أخطارها بعينات من الحالات الواقعة هنا وهناك، هذا لم يمنعها أبدا من الانتقال إلى عين المكان للاطلاع على الوضع، واتخاذ القرار المناسب في الحين بعد استشارة المسؤولين المشرفين على مصالح الأشغال، وقد يمتد ذلك العمل إلى ساعات متأخرة من الليل، إلى غاية حل المشكل ولو نسبيا، المهم أن يكون محل عناية نزولا عند رغبة المواطن، ولا تتوانى كريمة في مرافقة مشاكل المواطن، ما دامت في خدمته، بالرغم من الإرهاق جراء كثرة التنقلات.
وما يحز في نفسها، تلك الذهنيات البالية التي تقاوم كل مجهود صادق يرمي إلى تغيير الصورة النمطية لدى المرأة، ورفضها الانتقال إلى الآفاق الواعدة، بالإضافة إلى الصمت المطبق الملاحظ لدى المواطن في التفاعل مع التغييرات المراد إحداثها على مستوى البلدية.
وخلال إشرافها مؤخرا على متابعة عملية قطع الأشجار ودهن الجدران، إصطدمت بمعارضة شديدة من قبل بعض سكان الحي الذين أبدوا رفضا قاطعا لما كان ينجز؛ وبالرغم من كل هذا، فإنها واصلت عملها إلى غاية استكمال هذه المهمة، دون الالتفات إلى الوراء، حتى لا تعطل ما تقولم به من منفعة عامة.
وتحصر كريمة نشاطها خارج المكتب أي في الميدان، حتى تعرف أكثر ما يريده المواطن، ولا يتعلق الأمر بقطاع معين، بل أن المنتخب مطلوب منه أن يكون متعدد المهام، أي لا يحشر نفسه في زاوية ضيقة يصعب عليه الخروج منها، وهذا ما قد يقلص من حظوظه في اكتساب تجربة العمل الميداني، المقياس الوحيد الذي يجعله أكثر اطلاعا على ما يجري حوله، خاصة ما تعلق بالمشاكل اليومية.
كل هذا لا يمنع أبدا من المضي قدما باتجاه تحقيق الأهداف المسطرة، لأن هناك إرادة تفوق كل تلك المحاولات الرامية إلى إحباط النوايا الحسنة الحاضرة في الميدان، والتي تحتاج فعلا إلى الكلمة الطيبة القادرة على إستحداث الوثبة المطلوبة في تنفيذ المخططات المبرمجة.
وتعتبر كريمة أن هناك مرونة غير مسبوقة في اتخاذ القرار على مستوى مداولات المجلس الشعبي البلدي تجاه ما اقترح من مشاريع، وهذا عقب عرضه على المجلس التنفيذي الذي يبدي ملاحظاته المطلوبة من عدة جوانب، ثم يصبح جاهزا للتطبيق دون أي إحراج يذكر.
وهذه الصيغة النظيمية المعمول بها، سمحت فعلا بتحول بلدية الجزائر الوسطى إلى ورشة مفتوحة، في جل الأحياء هناك عمل ينجز لصالح المواطن.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025