صورايا غزلان صحفية بالقناة الإذاعية الثالثة

صوت أثيري ملتــــزم يشـد المستمع

سهام بوعموشة

صورايا غزلان سعاد اسم معروف لدى مستمعي القناة الإذاعية الثالثة الناطقة بالفرنسية، لمعت في قسم الربورتاجات الكبرى منذ الثمانينيات إلى غاية اليوم، بدايتها كانت في الصحافة المكتوبة في جريدة إقتصادية، موهبتها وحبها للمهنة التي سكنت وجدانها أهلتها لأن تبرز في المشهد الإعلامي كقلم جاد وملتزم وصوت صادق يشد المستمع، كونها حريصة على النقل الدقيق للأحداث وإيصال معاناة سكان الجزائر العميقة للسلطات، ما أكسبها إحتراما وتقديرا لا يزال إلى اليوم.
إلتحقت بالصحافة المكتوبة صدفة بعد سنة بطالة رغم أنها متحصلة على شهادة الليسانس في الترجمة عربية- فرنسية- انجليزية سنة 1986، وكان آنذاك إعلان للمؤسسة الوطنية للمجلات المتخصصة، فعملت في القسم الإقتصادي لجريدة «الجزائر أحداث» سنتي 1986 و1987، حيث كانت تضم ألمع الأقلام الصحفية الذين تقلدوا مناصب مهمة فيما بعد، فقد كانت جريدة «الجزائر أحداث» مدرسة بالنسبة لها خاصة وأنها شابة طموحة في بدايات عملها الإعلامي، حيث تلقت الدعم والمرافقة في مسارها المهني وتعلمت فنيات التحرير من طرف أقلام إعلامية قامة في الكتابة الصحفية منها الصحفي أولبصير، حسن طفار، مليكة عبد العزيز، زغار وغيرهم.
كان لابد عليها أن تمر على ما يسمى بدليل الفن والعرض الذي يشرف عليه جيلالي عبد الكريم قبل أن تلتحق بالجريدة، وبحكم أن لها مؤهلات في الإشهار والتسويق اقترح عليها المدير القيام بأول ربورتاج الذي كان حول زراعة الموز في تيبازة، ونشر في الجريدة، حيث لم يكن من السهل أن يقبل مقالك إذا لم يكن مكتوبا بأسلوب صحفي متميز.
أهم الأحداث التي بقيت راسخة في ذهنها هي أحداث أكتوبر 1988 في عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، ومشاهدتها لحرق المرافق العمومية على غرار سوق الفلاح ومكاتب البريد، ما آلمها، علاوة على العشرية السوداء، فكانت لها تجربة ست سنوات في الصحافة المكتوبة وسبع سنوات في الخطوط الجوية الفرنسية كمضيفة طيران، وموازاة مع ذلك كانت تقوم بالترجمة في رئاسة الجمهورية إضافة لعملها الصحفي.
وبحكم شغفها لاكتشاف وخوض تجربة وميدان جديد، فقد ولدت لديها الرغبة في الإلتحاق بالإذاعة الوطنية خاصة وأن جريدة «الجزائر أحداث» كانت تمر بمرحلة صعبة سنة 1991، وبتاريخ 14 جوان 1991 التحقت بالإذاعة وبالتحديد بالقناة الثالثة الناطقة بالفرنسية بعد خضوعها لاختبار، وكان ذلك بقسم الربورتاجات الكبرى وبقيت إلى غاية اليوم في هذا القسم.
أول تجربة مع الإذاعة هي تغطية ندوة صحفية لعباس مدني وعلي بلحاج مع زميلة لها «ساسية بابا عيسى»، حيث اقتحمت الشرطة المكان وألقت القبض عليهم ما أحدث رعبا في قلبها لأنها جديدة في هذا الميدان، وهو ثاني حدث بقي محفورا في ذاكرتها، بعدها طلب منها رئيس التحرير آنذاك شاذلي بوفروة إعداد ربورتاج بمنطقة أوجانة بأعالي جبال جيجل مع السكان المتضررين من العشرية السوداء، وأجرت حوارا مع والي الولاية وبوسائل بسيطة عن طريق الهاتف، حيث قامت بمراسلات وتدخل لسكان المنطقة، وهذا الربورتاج مكنها من الحصول على جوائز.
صورايا تروي الظروف الصعبة التي مرت بها رفقة زميلاتها وزملائها الصحفيين خلال العشرية السوداء، ففي كل يوم تفقد أحد زملائها ضحية الإرهاب ما أثر فيها، خاصة وأنها كانت تقطن بحي شعبي بالحراش ما دفعها لتغيير المسكن بطلب من أمها خوفا عليها فقد كانت تنام في مقر الإذاعة بشارع زبانة آنذاك، ثم إلتحقت بالغرف الآمنة بزرالدة سنة 1995.
سافرت الإعلامية إلى لندن في إطار بعثة وزارة الداخلية لبعض الصحفيين إلى الدول الأوربية لسرد يوميات الصحافة الجزائرية خلال العشرية السوداء، حيث نظمت ندوة صحفية بالبرلمان البريطاني وبالكنسية وسلمت للسفير الكتاب الأبيض وفيديو فيه صور أطفال الكشافة الجزائرية ضحايا التفجير الإرهابي بمستغانم، بطلب من السلطات الجزائرية لمعرفة حقيقة ما يجري في الجزائر بسبب التضليل الإعلامي.
رغم الأزمة الأمنية التي مرت بها الجزائر إلا أن الإذاعة الجزائرية، كانت ترسل صحفييها للقيام بتربصات في الإذاعات الأجنبية منها البي.بي.سي، حيث بقيت مدة 15 يوما في مركز «كاب جيسي» بتونس لتعود وتؤطر بعض الصحفيين، وفي نفس السنة ذهبت للقاهرة لتغطية ندوة حول حقوق المرأة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وطلب منها المراسلة باللغة العربية، حيث سمحت لها هذه التجربة بالإحتكاك بنساء العالم، وقد كانت أول مهمة إعلامية لها بالخارج. كما عملت في ملف الصحة مدة 15 سنة أي من 1995 إلى سنة 2000.
وفي سنة 2000 خاضت تجربة أخرى في وكالة الأنباء الصينية كمصححة وصحفية في القسم الفرنسي لمدة سنة ثم عادت مرة أخرى للعمل في إذاعة الصين لإكتشاف ثقافتهم، وكانت أهم تجربة في حياتها رفقة زوجتها وابنتها مدينة، البداية كانت صعبة بحكم أنها لا تتقن اللغة الصينية، لكنها تأقلمت فيما بعد، وفي نفس الوقت إلتحقت بجمعية الخضراء التطوعية لمدة ثلاث سنوات للتعرف على البيئة، حيث كانوا يسافرون عبر القطار لزيارة المناطق التي تتواجد بها الأقليات في الصين.
وبالتالي المساهمة بالسياحة بها، ما مكنها من الإحتكاك بالإعلاميين الآخرين القادمين من العراق، إيران وأمريكا والذين كانوا يطرحون عليها الكثير من الأسئلة عن الوضع الأمني في الجزائر وكيف عاشت ظروف العشرية السوداء.
في سنة 2014 عادت للجزائر بسبب الزلزال الذي ضرب الصين، مما حال دون إكمال مشوارها هناك لتلتحق مجددا بالإذاعة الوطنية وتكلف بالعمل في المجلة الإفريقية والتي كانت تجربة مهمة لديها، وفي نفس الوقت سافرت لعدة دول إفريقيا منها نيجريا، ساحل العاج وداكار، أين نشطت محاضرات فكانت سفيرة الجزائر بحق تحمل الراية الوطنية، لتحسين صورة الجزائر.
بعد إعادة هيكلة قسم الربورتاجات تقول صورايا، كلفت بملف الصحراء الغربية لمدة خمس سنوات، وهذه التجربة قدمت لها إضافة في مسارها، حيث زارت مناطق اللاجئين الصحراويين ونقلت معاناتهم، كما إلتقت بالصحافيين الإسبان وبعض الفنانين الفرنسيين الذين يؤمنون بالقضية، لتنتقل سنة 2015 لملف التنمية المحلية رفقة صديقتها جويدة عزوق، ونقل معاناة الجزائريين في 48 ولاية. بالإضافة إلى محاور أخرى تختارها بالتشاور مع رئيس التحرير لنقلها عبر أثير القناة الثالثة من السبت إلى الأحد وكلها تخص المواطن، والآن متخصصة في ملف السياحة.
نضال متواصل والمجتمع لا يرحم
ورغم مسيرتها الطويلة في الحقل الإعلامي ما تزال صورايا تقدم الكثير، واستبعدت فكرة التقاعد لأن الصحفي المحترف لا يتقاعد، قائلة:»بعد التقاعد لدي مشروع إنشاء وكالة سياحية بالصحراء لأعمل كدليل، وأقوم بتكوين في هذا المجال»، وترى الإعلامية أن 8 مارس يمثل نضال المرأة اليومي، وعليها عدم الاستسلام للضعف، مشيرة إلى أن المجتمع لا يرحم المرأة وينظر إليها دائما بنظرة ناقصة، ما يوجب تغيير الذهنيات.

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025