غلاء فاحش للخضر والمواد الغذائية

القدرة الشرائيـة في مواجهـة «كورونا» والتهـاب الأسعــــار

فضيلة بودريش

 شهدت الأسواق منذ أيام قليلة تهافتا لافتا على اقتناء مختلف المواد الغذائية وكذا مواد التنظيف والوقاية، بكميات كبيرة، مما أدى إلى تحرك المضاربين الذين ألهبوا الأسعار، في وقت مازال فيروس «كورونا» السريع العدوى، يهدد صحة الجزائريين، ورغم أن الظرف يتطلب تحرك الجانب الإنساني وروح التضامن الاجتماعية، لتجاوز الوضع من دون خسائر بشرية فادحة ومادية، أظهرت مرة أخرى «عصابة» من التجار أنانيتها الشديدة، بعد أن غلبت مصلحة الربح السريع في زمن الأزمات وموت الضمائر، حيث جعلت المستهلك بين «كماشة الغلاء الفاحش ورعب الإصابة بالفيروس القاتل».
تفاجأ المواطنون منذ يومين، بارتفاع صاروخي في أسعار الخضر، بشكل غير مبرر، لأن العديد من التجار كانوا يخزنون سلعا اقتنوها بأسعار منخفضة، على خلفية ارتفاع أسعار البطاطا التي كانت تسوق في حدود 35 و50 دينارا فقط إلى الضعف، حيث لم يقل ثمنها عن سقف 100 دينار، إلى جانب أن العديد من الخضر التهبت أسعارها إلى الضعف مثل الجزر والكوسة، فوصل سقف سعرها إلى 80 و90 دينارا، في حين الطماطم والفلفل لم يحافظا على استقرارهما حيث بلغ سعرهما 160 دينار بعد أن تم تسويقهما بـ 80 و100 دينار. وأمام صعوبة توقع أي تطور لانتشار هذا الوباء خلال الأيام المقبلة، رغم الجهود المبذولة لاحتواء الفيروس، غير أن الظرف الاستثنائي والطارئ، بات يتطلب إسناد منظومة التموين من أسواق جملة على وجه الخصوص، إلى جهة لديها القدرة وتتحلى بالاحترافية، بهدف كسر مضاربة بارونات وتجار الأزمات، لأنه لا يعقل أن تلتهب الأسعار بهذا الشكل القياسي ومن دون مبرر؟ ..أين مصالح الرقابة لردع المضاربين وهواة الربح السريع؟ من يحمي المستهلك ويوقف أي تجاوزات تشهدها السوق؟
يحدث كل ذلك في وقت أمر فيه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بمتابعة المضاربين الذين تسببوا في هذا الغلاء، ونشروا السخط والاستياء وسط المستهلكين، ورغم أن رئيس الجمهورية طمأن المواطنين بوفرة التزود بالمواد الغذائية ودعاهم إلى عدم المسارعة إلى تخزين المواد الغذائية، متوعدا في نفس الوقت كل من ينشر الشائعات المغرضة والأخبار المضللة العارية من الصحة، وتقديمهم للعدالة من أجل وقف هذا النوع من أشكال التهويل في مختلف الأزمات. إلا أن مجموعة من التجار عادت مرة أخرى إلى عادتها السيئة، لتستنزف جيوب المستهلك، والبداية مع مواد التنظيف والوقاية من الوباء التي سجلت سعرا مضاعفا لدى العديد من التجار، فعلى سبيل المثال قارورة الواقي «جال» من الحجم الصغير كان سعرها في حدود 100 دينار، لكن بعد هلع انتشار الوباء قفزت إلى سقف 250 دينار.
يمكن التساؤل إن كان المشكل في التاجر أم في غياب الرقابة الفعالة؟.. التي تردع بقبضة من حديد كل من يتجاوز حدود المعقول في ضرب أسعار خيالية ستكون عبئا إضافيا للفيروس على المواطن، بل صار البعض من التجار في نظر الكثير من المستهلكين يمثلون خطرا عليهم وفيروسا لا يرحم، في ظل غياب من يعاقبهم على كل تجاوز تجاري يقترفونه، تماما مثل وباء كورونا القاتل والذي يصعب في البداية الكشف عن حامله إلا بعد التحليل أوتطور أعراضه على المريض.
صحيح أن المستهلك يتحمل جانبا من المسؤولية، بفعل إقباله على شراء السلع التي تعرف أسعارها مضاربة، من خلال مقاطعة سلع المضاربين حتى يقل الطلب ويكثر العرض، ويعد هذا السلوك أحسن وأسرع عقاب للتاجر الجشع، الذي يتحول إلى عبء آخر وخطر يهدد نفاذ ميزانية العائلة في وقت قصير. وفي ظل اشتعال الأسعار وارتفاعها إلى الذروة.. هل سيتم اتخاذ إجراءات عاجلة؟ توقف حمى الأسعار وتكون بداية حقيقية لتنظيم الأسواق التي كانت في كل مرة لا تسلم من قبضة التجار الجشعين خلال المواسم والأعياد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024