البروفيسور طايبي:

الخطاب الديني والتحكم بالمعلومة لتجاوز الأزمة

فتيحة كلواز

ربط البروفيسور محمد طايبي تجاوز المرحلة التي نعيشها، بقدرة السلطات الرسمية على تأطير المجتمع من خلال تطوير خطاب ديني سمح، بعيد عن الارتجال والاتكالية الانهزامية، والتحكم في المعلومة الصحيحة والدقيقة لإبعاد الفوضى التي يخلقها التهويل والكذب، بخلق إعلام كوارث وأزمات يملك الكفاءة اللازمة لتسيير الظرف الراهن، وأخيرا الاستثمار في الذهنية الجزائرية لبناء وطن له مكانة في التاريخ الجديد الذي ستتضح معالمه بعد انقضاء فيروس كورونا.
أكد البروفيسور محمد طايبي في اتصال مع «الشعب»، على ضرورة تطوير الخطاب الديني الوجداني السمح الذي لا يقبل الاتكالية والانهزامية ويقبل قضاء الله وقدره، معتبرا أن الثقافة الدينية تشكل رافدا مهما لقوة الشخصية والمقاومة عند الجزائريين، بل هي المرجعية الأهم أمام الإيديولوجيات. لذلك كان من الواجب امتلاك خطاب ديني في مستوى الوضع الراهن الذي يعيشه البلد، بعيدا كل البعد عن خطاب ارتجالي ديني قائم على التهويل، حتى يستطيع المجتمع تجاوز وباء كورونا بعيدا عن الهيستيريا والهلع، لأن الخطاب الديني الوجداني سيجعله يقتنع ويؤمن أن لا مفر من قدر الله إلا إليه.
وقال إن التحكم في المعلومة مهم جدا في هذه الظروف ومن يقدمها للجزائريين يجب أن يكون صاحب مصداقية، فهم وأيضا صاحب دراية وحكمة. فالمجتمع في النوازل أو الازمات يحتاج الى المؤسسات الرسمية التي تقدم له ما يجعله يفهم الأمور في حجمها الحقيقي، بعيدا عن التهويل أو التطبيل أو الكذب، منتقدا في ذات السياق ما نشاهده اليوم من انتشار أشباه الأطباء والمختصين في مختلف القنوات الإعلامية، موضحا أنهم السبب في تحول «التحكم» إلى «قمع» للمعلومة، معتبرا ان الآلام والمآسي تحتاج الى تسيير ذكي.
إن الجزائر بحاجة الى إعلام كوارث تديره مؤسسات يشمل مفكرين ودارسين يملكون قدرة على الإقناع، اما الإعلامي فينقل ما يقوله هؤلاء بكثير من المهنية والاحترافية، مشيرا على المؤسسات الرسمية ان تتسلح بما يقتضيه الأمر لتأطير المجتمع بإعطاء المعلومة الصحيحة والدقيقة.
وشرح البروفيسور، ان المعلومة الخاطئة والمغلوطة تنتج في بعض الأحيان من عدم مهنية صاحبها، أي دون قصد منه. بينما معلومة التأجيج المقصود أو الموجه يريد من خلالها أصحابها إضافة حالة فوضى على حالة وباء، ولعل خير مثال على ذلك التصريحات الأخيرة لـ «فرانسيس غيلاس»، على قناة «فرانس 24»، الذي حاول من خلالها زعزعة الثقة، لذلك كانت المعلومة الضرورية والحيوية هي معلومة السلطة، والشعب مهما انتقد الدولة لا يثق إلا في الخطاب الرسمي الذي تقدمه، لذلك يريدها دائما صارمة وعادلة تسهر على حياة الناس ومصالحها، ولن يستطيع تسويق هذا الخطاب إلا من كان يملك الذكاء الكافي لإقناعهم، واليوم هناك رأي عام يصنعه فاعلون يحاسبون كقوة رأي وليس كخروج عن النظام.
وأوضح، طايبي أن التأطير علم وليس ارتجالا، فالمجتمع بحاجة الى ان تكون الدولة جزءا منه وليس قوة خارجة عنه، لذلك لابد من خطاب على المستوى المركزي يصنعه كل واحد على مستوى المنصب الذي يشغله، مؤكدا في الوقت نفسه على وجود تحد كبير لبناء وطن، ولن يتأتى ذلك الا بالرجوع الى الأصل والصدق، لانهما الأداة التي تعطيها القوة للمضي قدما بعد تجاوز هذه المرحلة المرتبطة بفيروس كورونا المستجد، فالتاريخ اليوم يصنع من جديد تكتبه الصين، روسيا، أمريكا وأروبا، والجزائر أمام فرصة حقيقية لتكتب حروفا ملهمة على صفحاته، لأنها تملك أوراقا مهمة وقوية، إن استثمرتها نخب سياسية قوية بعبقرية جزائرية بحتة، سيجعل من جزائر ما بعد كورونا ذات شأن وقوة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024