الدكتور يوسف بوجلال لـ«الشعب»:

الفايسبوك حوَّل الجميع إلى خبراء والتهاون يطيل الوباء

حاورته: زهراء.ب

لا دليل علميا على موجة ثانية لكورونا والحذر مطلوب

حذّر الأمين العام لنقابة بيولوجيي الصحة العمومية الدكتور يوسف بوجلال، في حديثه لـ«الشعب»، رواد مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص والجزائريين بشكل عام، من الانسياق وراء معلومات مغلوطة ينشرها أشخاص لا علاقة لهم بقطاع الصحة، نصبوا أنفسهم خبراء في كل المجالات، لنقض معلومات السلطات والمختصين حول حقيقة فيروس كورونا، داعيا إلى التأكد من صحة المعلومات وأخذها من مصدرها الرسمي، ونشر ثقافة الوعي الصحي وسط جميع الفئات، حتى لا يتسبب تهاونهم أو عدم الالتزام بشروط الحجر الصحي في إطالة عمر الأزمة الصحية إلى عامين، خاصة في ظل الارتفاع «المقلق» لعدد الإصابات المسجلة مؤخرا.

الشعب: تسجيل 283 إصابة بكورونا في 24 ساعة، هل هو مؤشر على موجة ثانية لتفشي الوباء، أم الأمر راجع إلى عدم احترام المواطنين الحجر الصحي والوقاية؟
الدكتور بوجلال: لا يوجد هناك إثبات علمي أننا أمام موجة ثانية من تفشي وباء كورونا مع العلم أن هناك تشكيك في ذلك، وسيظهر في الأيام المقبلة إذا كانت الإصابات تكملة للموجة الأولى، أو هي موجة ثانية بالفعل على اعتبار الأرقام المرتفعة المسجلة مؤخرا، التي قد تحصد ضحايا أكثر من الموجة الأولى.
في دول أخرى هناك موجة ثانية، خاصة في إيران التي فاقت فيها إصابات الموجة الأولى، و في هذه الأيام بدأت تنخفض بعد أن وصلت الذروة، و في ألمانيا كذلك أعادت السلطات بها تطبيق الحجر الجزئي على بعض الولايات خوفا من موجة ثانية.
تفسيران لعدد الإصابات المرتفعة في الجزائر، قد يرجع إلى رفع وتيرة التحاليل الطبية إلى 2500 تحليل في اليوم، كما تعود إلى عدم احترام شروط الحجر الصحي، بعد فتح المحلات التجارية التي شهدت إقبالا كبيرا من المواطنين دون مراعاة الاجراءات الوقائية من تباعد اجتماعي، ارتداء الكمامات، بالإضافة إلى تنظيم الأعراس، زيارات الأقارب، كل هذه الممارسات أدت إلى نقل العدوى وسمحت بإعادة انتشار الفيروس، و بالتالي رفع حالات الإصابة إلى رقم مخيف يوم الجمعة وهذا رقم ليس هيّنا.
- المثير للاستغراب توجد فئة من الناس ترفض تصديق حقيقة الفيروس، وتعمل على تغليط المواطنين عبر منشورات في وسائل التواصل الاجتماعي، كيف تفسر الأمر؟
 مشكل عويص جدا عانت منه الكثير من الدول بما فيها الجزائر، وهو مقلق و محير في نفس الوقت، ولديه علاقة مباشرة بالوعي والثقافة الصحية للمواطنين، فعندما تجد مواطنا يشكك في الخبراء والأسلاك الطبية والحكومة وجميع المسؤولين ويصدق معلومات غير موثوقة نشرت فقط على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها، ويندد بعدم وجود الفيروس لسبب واحد أنه لم ير إصابة في أهله، أو وسط أقاربه، فهذا أمر كارثي، وبحاجة إلى تجند جميع الفاعلين والمختصين لنشر المزيد من الوعي.
على مستوانا حذرنا ونبهنا أكثر من مرة بخطورة الوباء، وقد قام خبراء في البيولوجية وفي قطاع الصحة بتحليل الفيروس، حتى أن معهد باستور قام بالتحليل الجيني على المستوى الجزئي للفيروس للتعرف عليه وتحديد أصله،  بعد كل هذه الأعمال تأتي فئة من الناس وتقول إنها لا تصدق وجود الفيروس وتتعامل معه على أنه مؤامرة عالمية، أو من السلطات، وهذا أمر مخيب للآمال، ونأمل في تحسين الوعي عن طريق التحري والبحث عن المعلومة الدقيقة والتأكد من صحة ما ينشر في  وسائل التواصل الاجتماعي.
- لكن ما الذي يجعل رواد الفضاء الأزرق يصدقون ما ينشر فيه، ولا يصدقون الطبيب أو المختص؟
 هذا أمر مخيف وكارثي، ممكن يعود إلى أن المجتمع الجزائري ابتعد عن وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، وبقي المصدر الوحيد لمعلوماته هو وسائل التواصل الاجتماعي وبالضبط الفيسبوك في الجزائر بسبب قوة انتشارها، مع العلم أن كل من هب ودبّ أصبح يكتب في كل المجالات في هذا الفضاء، فتجد غير المختص يكتب في الرياضة، ويكتب في الاقتصاد، وفي الصحة والبيولوجية، بدون حس المسؤولية، والمواطن يقرأ بصفة عمياء، لا يكلف نفسه عناء البحث عن المعلومة، رغم  وجود محركات بحث في غوغل توفر المعلومة الحقيقية، من جهات رسمية كمنظمة الصحة العالمية، وزارة الصحة، مديريات الصحة، النقابات، لكن المواطن يفضل نقل خبر في أي منشور رغم عدم صحته.
- هذا الوضع يفرض على أهل الاختصاص والخبراء استغلال هذا الفضاء لتوجيه على الأقل رواده إلى المعلومة الصحيحة أليس كذلك؟
 نعم، فكما يقول المثل الطبيعة لا تحب الفراغ، لذا لا يجب ترك المجال لأي شخص حتى يتكلم فيما لا يعنيه وهو ليس خبيرا فيه، أو على الأقل توفير بديل لتلك المعلومات المغلوطة والخاطئة التي انتشرت بقوة في الآونة الأخيرة، ونلاحظ الكثير من المختصين والخبراء، على غرار نقابة بيولوجيي الصحة العمومية، اضطروا للتدخل في أكثر من مناسبة لدحض إشاعات في بداية انتشار الوباء بالجزائر كانت تقول إن كورونا بكتيريا وليس فيروسا، ثم  أنه تجلط في الدم، أو هو عبارة عن غاز، ونشرت بيانات توضح حقيقة الفيروس استنادا إلى دراسات علمية، وتفسير خبراء في مجال التحاليل الطبية وعدة اختصاصات في المصالح الاستشفائية.
ونصيحتي لرواد مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتحروا المعلومة بدقة ولا يكونوا مصدرا أو ضحية للإشاعات، ضرورة أخذ المعلومة من مصادر موثوقة، ومن الجهات الرسمية، فالفيسبوك ليس مصدرا موثوقا و لا جهة رسمية، وهو يحمل العديد من التناقضات، وينشر الكثير من الإشاعات، وهذه المنشورات تنقض صحة منشورات حقيقية وصحيحة تصدر من أهل الاختصاص، لذا استقاء المعلومة من مصادر موثوقة من وزارة الصحة ومنظمة الصحة أو من الإعلام المحترف ضرورة لا بد منها، لنشر الوعي بشكل كبير خاصة وسط الفئات التي ليس لديها ثقافة صحية حول هذا الوباء.
- وما نصيحتك لشباب يصرون على الذهاب لشواطئ البحر رغم منع ارتيادها حتى لا تتحول إلى بؤرة أخرى للوباء ؟
 الفيروس لا ينتقل في الماء لكن ينتقل بين الأشخاص، وصحة المواطن أولى من الاصطياف ولحظات انتعاش على الشواطئ، ففي حال عدم احترام تدابير الوقاية يمكن أن يستمر الوباء إلى العام المقبل، وقد طالبنا بضرورة التعايش مع هذا الفيروس لأنه يمكن أن يستمر إلى فترة بين 12 و 24 شهرا، يعني بين سنة وسنتين.
وأمام ذهنية المواطن الجزائري الصعبة وفي حال عدم احترام التباعد الاجتماعي سواء في الشواطئ أو بالبيوت أو في الساحات العمومية والمحلات التجارية، قد نطيل عمر الأزمة الصحية إلى عامين، لأنه لاحظنا بعض العائلات في عز الحجر الصحي نظمت أعراسا، ما دفع قوات الأمن إلى مداهمتها مثلما وقع في سطيف وبسكرة، وهي كارثة حقيقية أمام الوضعية الخطيرة التي نمر بها، فكل واحد يريد قضاء مصالحه الشخصية و لو على حساب عائلته وهذا لا يجب أن يستمر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025