الشعب» تقضي ساعتين بمصلحة كوفيد بمستشفى زميرلي

ضغط وخوف يرهنان جهود المواجهة

سعاد بوعبوش

المنحى التصاعدي لعدد الإصابات بكورونا في الجزائر، يحيلك على الكثير من التساؤلات حول أسبابه، وهو أمر معقد إذا ما وقفنا في الميدان على كيفية إصابة الحالات الوافدة على مختلف مصالح كوفيد بالمؤسسات الاستشفائية العمومية أو العيادات الخاصة بالعاصمة بالوباء ومدى قدرة الأطقم الطبية على التكفل بها، إذ تواجهك تناقضات عديدة تفسر الكثير من الأمور بداية بمنظومتنا الصحية التي تثبت في كل مرة هشاشتها وعدم قدرتها على مواكبة الطوارئ بسبب الضغط والخوف، مرورا بسلوك الجزائري الذي يتأرجح بين الاستهتار وقلة الوعي وافتقاد حيلة التدبير، وبين هذا وذاك يفضل الكثير التمسك بالأمل رغم صعوبته.
هذه التناقضات رصدتها «الشعب»، وكأنها تريد البوح بما يجول في داخلها، ومحطتها كانت مصلحة كوفيد بمستشفى سليم زميرلي بالعاصمة، فما إن تدخل حظيرة السيارات حتى يقابلك مبنى بالأزرق والأبيض كثير النوافذ، مكتظ بالحالات على مستوى الإنعاش أوبالأقسام العادية لتتفاجأ بالعدد الهائل للوافدين الذين افترشوا الأرض في انتظار دورهم في قاعة صغيرة لا تسع أكثر من 10 أشخاص، في حين عدد التذاكر الموزعة يتجاوز 40 تذكرة؟ وهو ما جعل الأعوان يحثون على التباعد أكثر والانتظار خارجا على قارعة الطريق أو الرصيف بداخل المستشفى.

السعال، العطس والحمى أعراض المقبلين على المصلحة

السعال، العطس، الحمى، الإسهال والتقيؤ أعراض يشترك فيها الوافدون من كل الفئات والأعمار على مصلحة كوفيد- 19 بزميرلي، وذلك بعد أن يتم المرور باستشارة طبيبين عامين، ليتم الأمر بالتحويل نحو إجراء اختيار كوفيد من عدمه، وفي الحالات الظاهرة أو الحرجة تحول الحالة مباشرة نحو جهاز السكانير، الذي يلعب دورا كبيرا في الكشف عن الإصابات وتأكيدها.
ويحظى المسنون بعناية كبيرة بل ويتمتعون بالأولوية في المتابعة الطبية، بحيث يتم إدخالهم مباشرة لفحصهم وتقييم وضعهم الصحي، ومن ثم توجيههم نحو العلاج، وهذه نقطة تحتسب لهذه المصلحة، حيث جاءت عجوز مسنة على كرسي متحرك تعاني من حمى وضيق في التنفس، وتم إدخالها مباشرة للتكفل بها، وسط ترحيب من المرضى الذين كانوا في قاعة الانتظار.
وفي المقابل «الشعب» رافقت أحد المرضى المشتبه في إصابته بعد تدهور صحته خاصة وأنه يعاني من حساسية موسمية، وكان قد أجرى اختبار كوفيد بالعيادة متعدد الخدمات ببرج الكيفان من خلال أخذ عينة من مخاطه ولعابه، بعد أن عانى على مدار يومين من الحمى والسعال والزكام، لتكون النتيجة  سلبية، غير أنه طلب منه إعادة التحليل بعد مرور 5 أيام ليتعذر عليه الأمر بسبب افتقاد هذه العيادة للموارد البشرية الكافية، وكذا مخبر لتحليل الدم، ما حتّم عليه التوجه نحو عيادات أخرى بشرق العاصمة على غرار الليدو، وكذا سوريكال، الدوزي، 5 جويلية، الجرف بباب الزوار، وكلها تفتقد للتجهيزات اللازمة للتعامل مع حالات مشكوك بإصابتها بكوفيد- 19.
وأمام هذا الوضع لم يجد المريض من حل أمامه سوى التوجه نحو مصلحة كوفيد بزميرلي بحكم تعاقد مؤسسته مع المستشفى، غير أن هذا الأخير حال مصالحه كحال منظومته المتهالكة التي ينتمي إليها. فالوافد عليه يعاني الأمرّين، فمن افتراش الأرض والانتظار خارجا وعامل الحرارة، مرورا بامتلاء قاعات الاستشفاء بذات المصلحة واستنفاد طاقات الطاقم الطبي حتى لا يظلم أحد، تضيع الغاية من القدوم للاستشفاء وهو ما وقفنا عليه في الميدان.

ملاسنات بين الأطقم الطبية والمرضى

وضع مكهرب بمشاحنات وملاسنات بين الأطقم الطبية والمرضى وعائلاتهم، كلها تصنع جوا من عدم الارتياح والاختناق النفسي قبل الجسدي، بل أن الكثير منهم فضل الخروج والعودة إلى المنزل بدل البقاء وسط كل تلك المشاهد، ويزداد الوضع سوءا عندما يخرج مريض يسب ويشتم الطاقم الطبي والسبب في ذلك هو تقديم المصلحة لاستشارة طبية فقط والتي تأخر البدء فيها إلى غاية الساعة 10:30 بسبب ملاسنات بين شاب وطبيب ما أدى إلى توقف الطبيبين عن العمل احتجاجا على الوضع ما عقد الأمر إلى غاية تدخل الأعوان.
لكن عدم القيام باختبار كوفيد إلا للحالات الحرجة، أمر لم يتقبله الوافدون ما خلق الفوضى في قاعة الانتظار، وحتى حّواء لم تنأى بنفسها عن هذا الجو بل هي الأخرى أطلقت العنان لوابل من الشتائم.
«الشعب» تابعت ورصدت كل هذه المشاهد وحاولت جمع أكبر معلومات من المصلحة، في غياب تام للاتصال مع المسؤولين، حيث سألنا عن رئيسة مصلحة كوفيد وهي د. خيرة، والتي قيل إنها في اجتماع، أما باقي المنسقين فامتنعوا عن





الكلام، ونفس الأمر بالنسبة للشبه الطبي الذي كان هوالآخر منهكا، وعلى قول إحداهن إنهم يعانون الأمرين للتكفل بكل الحالات المتوافدة، حيث أصبحوا هم بحاجة إلى متابعة نفسية.
المخابر الخاصة ..ملاذ المرضى
وضع لا يبرر أي سلوك لأي طرف، فلا تجد من سبيل أمامك إلا المخابر الخاصة، وهي الأخرى ليست مجندة كلها للقيام بالتحليل، إضافة إلى مشكل السعر الذي يطرح نفسه بقوة، خاصة وأن تداعيات كورونا كان لها الأثر المباشر على القدرة الشرائية للمواطن سيما ذوي الدخل الضعيف أوالفئات الهشة.
لكن الحاجة لقطع الشك باليقين يهون السعر، حيث تقوم الكثير من المخابر بتحليل كوفيد وسط إجراءات وقائية مشددة، خلال الفترة الصباحية ليتم استخراج النتيجة في اليوم الموالي، وتتراوح الأسعار بين 1500 دج إلى 5000 دج بمخابر شرق العاصمة، ويرتفع أو ينخفض بجهات أخرى.
لتبقى النتيجة المستخلصة في الأخير أن الكل معذور فالجيش الأبيض بمختلف إطاراته استنفد طاقاته طوال 4 أشهر، بل واستنزفت قدراته الذهنية والنفسية قبل الجسدية، والمواطن لا حول ولا قوة له أمام الوضع وبعض السلوكات المتهورة والمستهترة جعلت من الكل ضحايا الوباء، ما يستوجب التحلي بالوعي واليقظة واحترام التدابير الوقائية، والعمل معا من أجل منع تفشي كورونا ووضع حد لها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19574

العدد 19574

الخميس 19 سبتمبر 2024
العدد 19573

العدد 19573

الأربعاء 18 سبتمبر 2024
العدد 19572

العدد 19572

الثلاثاء 17 سبتمبر 2024
العدد 19571

العدد 19571

الأحد 15 سبتمبر 2024