من الصدمة إلى التحكم والتكيّف

الجزائر تقطع محطات حاسمة في مواجهة الوباء

حمزة/م

تمر أربعة أشهر كاملة، على تسجيل أول إصابة محلية بفيروس كورونا المستجد، في الجزائر. وسجلت طيلة هذه الفترة محطات حاسمة في التعامل مع الجائحة، بدءا من مرحلة الصدمة وصولا إلى مراحل التحكم والتكيف مع الوضعية الوبائية.
مطلع شهر مارس الماضي، سجلت الجزائر، أول إصابتين مؤكدتين بفيروس كورونا، وتعلق الأمر يومها بسيدة (53 سنة) وابنتها (24 سنة)، تقطنان بولاية البليدة، والتقطتا الفيروس من قريب (83 سنة) مقيم بفرنسا، وزار العائلة بين 14 و21 فيفري.
وقبل هاتين الحالتين، كان وزير الصحة عبد الرحمان بن بوزيد، قد أعلن عن رصد إصابة مؤكدة لرعية إيطالي في 25 فيفري، قدم من بلاده على متن رحلة جوية في 13 من الشهر ذاته.
اعتمدت السلطات الصحية الجزائرية، على آلية التحقيق الوبائي، لتتبع سلسلة العدوى، والتي خلصت إلى ضرورة الاستعداد للأسوأ، لأن المغترب الذي قدم من فرنسا إلى البليدة شارك في حفل زفاف.
تصاعدت أرقام الإصابات المؤكدة تدريجيا، في ظل نقص فادح في أجهزة التشخيص والكشف، لتسجل أول حالة وفاة في 12 مارس. وفي اليوم ذاته قررت السلطات العمومية تعليق الدراسة لمدة شهرين، ثم توالت الإجراءات الاستباقية لتمتد إلى توقيف الأنشطة الرياضية في 15 من الشهر ذاته، وبعد يومين أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون في خطاب للأمة إغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية، مع توفير رحلات جوية وبحرية للرعايا الجزائريين العالقين في مختلف دول العالم.
الإجراءات التي اتخذتها الجزائر، منتصف مارس، سبقتها تدابير وقائية مبكرة مثل تنصيب الكاميرات الحرارية بمطارات المدن الكبرى مطلع فيفري وترحيل الرعايا الجزائريين من مقاطعة ووهان الصينية مركز ظهور الوباء، والذين تم إخضاعهم للحجر الصحي بفندق شرق العاصمة رفقة رعايا من تونس، المغرب وموريتانيا.
الحجر المنزلي
وعلى ضوء مخرجات اجتماع المجلس الأعلى للأمن، برئاسة رئيس الجمهورية وزير الدفاع الوطني القائد الأعلى للقوات المسلحة، المنعقد في 23 مارس الماضي، أعلنت الجزائر تدابير الحجر المنزلي.
لقيت القرارات المعلن عنها استجابة وانخراطا لافتا من قبل الأغلبية الساحقة للجزائريين، الذين تفاعلوا إيجابيا مع صدمة تفشي الوباء خاصة بعد بداية تسجيل حالات الوفاة.
ومن جملة القرارات، غلق المحلات التجارية وإلزام المؤسسات بتمكين 50 بالمائة من مواردها البشرية من عطلة استثنائية مع استغلال إمكانية العمل عن بعد، إلى جانب فرض حجر تام في البيوت لمدة عشرة (10) أيام قابلة للتمديد بولاية البليدة مع منع الحركة من وإلى هذه الولاية».
وفرض الحجر المنزلي في البداية من الساعة السابعة مساء إلى الساعة السابعة صباحا، ليتم تقليص المدة حسب الوضعية الوبائية في كل ولاية، وطبق في بعض الولايات من الساعة الثالثة أوالخامسة مساء إلى السابعة صباحا.
بحث عن الذروة
وخلافا لما كان عليه الحال ببعض الدول الأوروبية، التي استطاعات تحديد ذروة انتشار الفيروس (منحنى الجرس)، أخذ انتشار الوباء في الجزائر المستوى المسطح، بحيث كان من الصعب تحديد فترة الذروة.
وبدت الإحصائيات التي تقدمها لجنة رصد ومتابعة فيروس كورونا، في الأيام العشر الأوائل لشهر أفريل، غير عادية، ففي حين كانت نسبة الإصابات أقل من 100، فاق عدد الوفيات 25 حالة في 24 ساعة. وكانت أكبر حصيلة وفيات أعلن عنها في 09 أفريل، بـ 30 حالة.
وفي 29 أفريل، الذي صادف نهاية الأسبوع الأول لشهر رمضان المبارك، بلغ عدد الإصابات المؤكدة 199 حالة، في أثقل حصيلة يومية منذ ظهور الوباء، قبل أن يعاود الرقم الانخفاض التدريجي.
كانت هذه هي، فترة الذروة، بالنسبة لوزارة الصحة، التي أعلنت أن الجزائر تجاوزت الأسوأ بأقل قدر ممكن من الأضرار، عكس ما ذهبت إليه توقعات خبراء دوليين في علم الفيروسات توقعوا أن تسجل الجزائر مابين 20 و30 ألف وفاة منتصف أفريل.
وتجاوز عدد حالات الشفاء الإصابات المؤكدة لأول مرة، في 20 ماي الماضي، بـ 222 حالة مقابل 165 إصابة مؤكدة.
ومنذ رفع تدابير الحجر الصحي بشكل كامل عن 24 ولاية وإبقائه على مستوى ولايات أخرى بشكل جزئي، عادت الإصابات لتسجل أرقاما غير مسبوقة، وتجاوزت عتبة 200 لأول مرة في 26 جوان، ثم 336 إصابة في 30 جوان، ليقفز إلى 365 إصابة مؤكدة يوم أمس.
وعادت الإصابات للارتفاع في مختلف دول العالم، بعد تقليص تدابير الحجر الصحي، حيث تحصي الولايات المتحدة الأمريكية في الأيام القليلة الماضية أزيد من 40 ألف حالة إصابة في اليوم الواحد هذه الأيام.
وأعلنت الجزائر في 24 مارس الاعتماد الرسمي للبروتوكول العلاجي هيدروكسي كلوروكين، وتمسكت به رغم تحذيرات مخابر دولية، ظهر أنها مجرد معلومات طبية فاقدة للمصداقية.
وأجمع أعضاء اللجنة العلمية لرصد ومتابعة تفشي فيروس كورونا، على أن البروتوكول المعتمد، جنب الجزائر كارثة صحية، وساهم في إنقاذ حياة العشرات من المصابين.
تعبئة الجهد الوطني
تعاملت الجزائر مع الجائحة المفاجئة، على أنها أزمة عالية الخطورة تهدد الأمن والسلامة الوطنيين، وبادرت بتشكيل لجنة علمية لمتابعة ورصد تفشي الوباء من خيرة الأطباء والمختصين الجزائريين في 17 مارس الماضي، ولجنة للفتوى الدينية من خيرة العلماء.
وتجاوزت الصعوبات الناجمة عن فرض الحجر المنزلي، بالتضامن، حيث ساهمت جمعيات ومؤسسات رسمية في تنظيم قوافل تضامنية لفائدة سكان البليدة ومناطق الظل.
ولأن حالة الطوارئ الصحية العالمية، فرضت على كل دولة الاعتماد على قدراتها الذاتية، لم تخرج الجزائر عن القاعدة واستنفرت كل مؤسساتها وعلى رأسها مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، الذي تكفل بتنشيط الجسر الجزائر- شنغهاي تحت إشراف مباشر لرئيس الجمهورية.
وتم استلام أول طلبية من المعدات الطبية بقيمة فاقت 4 ملايين دولار، في الخامس أفريل على متن طائرتين عسكريتين.
فيما تفجرت الطاقات الإبداعية والعلمية للشباب الجزائري، من خلال وضع منصة رقمية تحت تصرف وزارة الصحة منذ 25 مارس، وساهمت جامعات ومخابر بحثية في إنتاج أنفاق التعقيم وأجهزة التنفس الاصطناعي.
وتراهن الجزائر على وعي المواطن والتزامه بتدابير الوقاية والتباعد الاجتماعي وخاصة ارتداء الكمامة لتجاوز ما تبقى من معركة كورونا.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024