مركـز «صاليــزون» للتّعذيـب... قــلَّ مــن خـرج منــه حـيّا

سعيد ــ ب

من بين مراكز التعذيب التي أقامها جيش الاحتلال الفرنسي بضواحي الجزائر العاصمة إبّان ثورة التحرير المجيدة مركز «لي صاليزون» بالمدخل الشرقي لمدينة عين البنيان غرب، حيث اختار الدموي «ماسو» إلى جانب المجرم «بيجار» معملا لتعليب السردين يطل على البحر ليحوله إلى موقع للمظليين المجرمين مارسوا فيه لسنوات في إطار مطاردة المناضلين والفدائيين والمسبّلين أعمال تعذيب بشعة باستنطاق الجزائريين عبر استعمال أبشع طرق التعذيب الجهنمية.
كان المظليّون يقتادون كل من وقع في قبضتهم إلى ذلك المكان الذي تفوح منه رائحة الموت، وتزيده أمواج البحر وحشة ليرتكبوا جرائمهم عبر استعمال وسائل استنطاق جهنمية غالبا ما تفضي إلى الموت أو الإعاقة، فكان من يصل إليه لا يخرج سالما.
المظليون كالكلاب الجائعة متعطّشون للدم، يقومون بدوريات في أحياء المنطقة، وسط المدينة، الجميلة، المنظر الجميل، بلاطو، لا فوري (11 ديسمبر حاليا) إلى غاية المنار وأسفل بوزريعة ناحية باينام، وكل من يقع في الأسر يوجه إلى مركز التعذيب حيث لا تبتعد عنه المقبرة، وهناك ينهالون على فريستهم المستضعفة بالضرب بالعصي والإهانة قبل المرور إلى التعذيب بالكهرباء والتعليق والإغراق.
كثيرون عانوا من ذلك وقليلون نجوا، وكان المجرمون يتخلّصون من جثث الضحايا بإلقائها في البحر لإخفاء جرائمهم، ويتحدّث سكان المدينة عن اختفاء حوالي 17 مناضلا من أعضاء جبهة التحرير الوطني خلال تلك السنوات ويحتاجون اليوم إلى إعادة اعتبار، كما يحتاج المكان نفسه إلى حماية ليبقى موقعا للتاريخ يروي للأجيال بعض صفحات مرحلة قدّم فيها الجزائريون أغلى ما يملكون، ألا وهي الحياة ثمنا لاسترجاع الكرامة والحرية.
ولم ينل الموقع ما يستحق من اهتمام وتعريف للأجيال، ليبقى عنوانا أخر في كتاب التضحيات، وحبّذا لو تتكفّل السلطات المحلية بذلك عبر أعمال تهيئة تحمي جانب التاريخ في العمران بتدوين أسماء المفقودين على جدار يكون معلما ينقل الرسالة للأجيال.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025