أكّد المختص في الطب الداخلي، البروفيسور مصطفى بن عامر، على الدور الفعّال والمهم الذي يلعبه الإعلام في حماية الأمن الصحي للبلاد، سواء في الوقاية أو عند حدوث الأوبئة والأمراض المزمنة، مشيرا إلى ضرورة إشراك الاعلام الصحي كطرف أساسي يسير في نفس الخط مع الدولة لجعل المواطن ينخرط في حماية الامن الصحي من خلال تبسيط المعلومة الطبية، ما يسمح له باستيعابها وفهمها بعيدا عن التهويل.
شدّد المختص في الطب الداخلي البروفيسور مصطفى بن عامر على أهمية دور الاعلام في حماية الامن الصحي للبلاد من خلال تأكيده على ضرورة تدخّله وإشراكه في التربية الصحية الدائمة للفرد والجماعة، فعلى مستوى التربية الصحية يجب أن تكون مختلف وسائل الاعلام في اتّصال دائم مع الأطباء لتسهيل مهمة حصول المواطن على المعلومة الطبية، خاصة وأنّ اللّغة العلمية للطب تختلف عن اللغة أو الأسلوب الذي يعتمده الاعلام في نقل محتواه، لذلك سيكون دوره مهما في تبسيط المعلومة الصحية حتى يتمكّن المواطن من استيعابها وفهمها، مؤكّدا في ذات السياق أن المعلومة التي ينقلها الاعلام الصحي يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن التهويل، تتصف في نفس الوقت بالبساطة ما يجعلها في متناول أي مواطن مهما كان مستواه التعليمي أو الاجتماعي.
ووصف البروفيسور مساهمة الاعلام في حماية الأمن الصحي للبلاد بالفعّالة، لأنّها بمثابة همزة وصل بين الجانب الطبي والمعلومة الصحية والمجتمع، معتبرا مشاركة الاعلام الاطقم الطبية في حملات التوعية والتحسيس عند انتشار مرض في الجزائر مهمة، بالنظر الى مساهمته في إقناع المواطن بالذهاب الى التشخيص المبكر، خاصة عندما يتعلق الامر بالأمراض السرطانية.
وكشف البروفيسور بن عامر أنّ تفعيل دور الاعلام في حماية الامن الصحي يساهم في الحد من التطبيب الذاتي، وهو أحد أهم المشاكل المطروحة عالميا، حيث يقتني ويتناول المواطنون الأدوية بدون وصفة طبية ما يتسبّب في آثار جانبية وخيمة تضر بالصحة العامة للمواطن والمجتمع، لذلك تعمل الدولة في خط واحد مع وسائل الاعلام المختلفة لنشر القواعد الصحية البسيطة، فالتعامل الإعلامي مع جائحة كوفيد 19 اليوم يكشف الدور الفعّال الذي يلعبه بالشراكة مع الدولة لإعطاء المواطن المعلومات الصحيحة والدقيقة عن وسائل الوقاية البسيطة التي تحمي وتحد من انتشار العدوى كالتباعد الجسدي، غسل اليدين والتعقيم وارتداء القناع الواقي، فتلك الومضات الاشهارية والتغطية المستمرة لتطور الجائحة كان لها تأثير قوي على انخراط المواطن في خطة مجابهة الجائحة المستجدة كوفيد 19، بنشره للإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية.
الأمن الصحي جزء لا يتجزّأ من الأمن القومي
في السياق نفسه، ذكرّ البروفيسور مصطفى بن عامر، بأن الأمن الصحي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي للبلاد، هو قائم على وضع استراتيجية شاملة للمحافظة على صحة الفرد والجماعة من خلال توفير الوسائل الكافية للوصول الى الأهداف المرجوة، ويتمثل من الناحية الفردية في العمل على التربية الصحية للفرد بتوفير الأدوية، وتسهيل وصوله الى العلاج بالإضافة الى توفير الوسائل الضرورية للتداوي والتطبيب.
أما من الناحية الجماعية فتتمثل في حماية المجموعة من الأمراض الفتّاكة كالأوبئة والكوارث، بالعمل المتواصل على توفير اللقاح للأطفال والنساء والفئات الأكثر عرضة للأمراض.
وقال إنّ حماية الأمن الصحي تتطلّب وضع استراتيجية تعمل على الاستعداد والتحضير الدائمين لأي طارئ يحدث في المجتمع، كظهور الجائحات وانتشار الامراض السرطانية من خلال حماية الطفولة، الأمومة والمسنين، ولن يتحقق ذلك إلا بإنشاء مصالح المراقبة والتوفير الدائم للأدوية وأجهزة الفحص والتداوي، دون إغفال ضرورة توفير الحماية لكل العاملين في قطاع الصحة سواء كانوا طواقم طبية، شبه طبيين أو إداريين.
كما أكّد البروفيسور بن عامر على أنّ الامن الصحي يتطلب كذلك إنشاء مخزون استراتيجي للدولة من الادوية ووسائل الحماية الفردية والجماعية، ووسائل العناية المركزة، منوها بضرورة العناية الدائمة به حتى لا يكون هناك نقص، ولفت الانتباه إلى أن أهميته ظهرت جلية في الأزمة الصحية الاستثنائية التي تعيشها الجزائر على غرار باقي دول العالم، كاشفا في السياق نفسه أن حماية الأمن الصحي من مختلف التهديدات يتطلّب مشاركة مختلف الأطراف المعنية كوزارة الصحة، الاعلام والمواطنين في إطار مجابهة تهديدات الأمراض المتنقلة والمزمنة من خلال الوقاية والتأسيس لتربية صحية سليمة.