يعتبر الأمن الصحي من أكثر المجالات أهمية لارتباطه بعدة قطاعات، حيث وضع الكثير من دول العالم في موقف صعب أمام جائحة كورونا التي كشفت مدى غياب استراتيجية عالمية لمحاربة الأمراض الوبائية.
أكّد منسّق جمعيات الأمراض المزمنة الدكتور محمد بوعلاق في تصريح لـ«الشعب»، أن الحديث عن الأمن الصحي أمر ضروري بالنظر إلى عودة الأمراض الوبائية في السنوات الأخيرة بعد غياب لأكثر من 30 سنة، غير أن جائحة كورونا أثبتت فشل بلدان متطورة على غرار فرنسا، إسبانيا وإيطاليا في محاربة عدوّ مجهري بسبب غياب استراتيجية لمجابهة الأمراض الفيروسية.
وأوضح الدكتور أن الأمن الصحي في الجزائر بحاجة إلى رسم إستراتيجية تتضمن برامج ومخططات تحوي أشخاصا والمهام المنوطة بهم والإمكانيات المرصودة لهذه الإستراتيجية،مشيرا إلى عامل التكوين الذي يكاد يكون غائبا في قطاع الصحة بسبب التسيير الذي أسند للأطباء، الذي يعد وجودهم ميدانيا أحسن من التسيير خاصة ــ يضيف الدكتور ــ وأن الجزائر تملك دكاترة في الاقتصاد الصحي وخبراء في الأمن الصحي الموجودين اليوم على مستوى معهد الصحة يحب الاستنجاد بهم في مثل هذه الحالات الاستثنائية.
وقال بوعلاق، إن المنظومة الصحية بحاجة إلى الهيكلة لمجابهة هذه الأمراض، خاصة عندما يكون التعامل مع فيروس غير مرئي وينتقل بسرعة بين الأشخاص، أين يجب وضع إستراتيجية خاصة تتضمن فصل الأمراض المعدية عن الأمراض الأخرى، أي من خلال وضع مستشفيات خاصة بالأمراض المعدية وليست مصالح صغيرة لا تستقبل الأعداد الكبيرة من المرضى.
وأضاف أنّ كورونا أثبت مدى هشاشة منظومتنا الصحية رغم امتلاكها للكفاءة الطبية، إلا أنها غير كافية أمام إمكانيات ومعدات طبية محدودة، حتى هذه الأخيرة تتعرض لسوء التسيير الأمر الذي خلق مشاكل كبيرة في القطاع انتهت بفقدان الثقة بين الطبيب الذي يفشل في إسعاف المريض والمواطن الذي يحمله المسؤولية الكاملـــة .
وفي تحليله لواقع قطاع الصحة في الجزائر، صرّح الدكتور بوعلاق أن جائحة كورونا أعطت العالم درسا في ضرورة العودة إلى التفكير في الأمن الصحي على غرار القطاعات الكبرى،حيث يجب أن يبدأ من وضع استراتيجية عامة تتضمن مخططا وطنيا يعنى بوضع سجل وطني لجميع الأمراض عبر الوطن لتكون المعطيات واضحة في حال ظهور الأمراض من جديد على غرار مرض السل والكوليرا التي ظهرت سنة 2018 في ولاية البليدة، وتمّ التحكم فيها بفضل كفاءة الطاقم الطبي وخبرته الكبيرة في هذا النوع من الأوبئة، إلى جانب الأمراض المزمنة الأخرى التي يجب أن توضع في ملفات يتم العودة إليها عند رسم الاستراتيجية.
وأكّد أنّ الجزائر بحاجة في رسم استراتجيتها لمجابهة الأمراض الوبائية والمعدية، إلى الاستنجاد بخبرائها من أجل محاربة أي ظاهرة أو مرض معد قد يظهر مستقبلا، وأن تكون منظومتنا الصحية جاهزة للتصدي لأي جائحة، لاقدّر اللّـه.