انتقلت إلى السرعة الأعلى

الدبلوماسية الجزائرية فــــــي مهمة إنقاذ السلام في ليبيا

أمين بلعمري

كانت الرسالة التي بعث بها عبد المجيد تبون إلى المجتمع الدولي، مباشرة بعد استلام مهامه رئيسا للبلاد، والتي أكّد فيها أنه لا يمكن التوصّل إلى أي حل في ليبيا من دون الجزائر، رسالة كانت أول من تلقفتها المستشارة الألمانية ميركل، التي احتضنت بلادها مؤتمر برلين، شهر فيفري الماضي، فاستدركت الأمر بتوجيه دعوة إلى الجزائر من أجل المشاركة في مؤتمر برلين، بعدما تم استثناؤها في البداية وكانت تلك الخطوة بمثابة العتبة التي عادت بها الجزائر إلى المشهد الليبي بقوة، بعدما اضطرت للانكفاء على ذاتها بسبب وضع تاريخي كانت تمر به ولكن من دون أن يعني ذلك أنها كانت غائبة عن المشهد تماما ومؤشرات تلك الانطلاقة كانت واضحة للعيان، حيث عرفت الجزائر، قبل انعقاد مؤتمر برلين بشهر واحد، نشاطا دبلوماسيا مكثّفا وأصبحت محّجا لكل الأطراف المعنية بالملف.
أعطت زيارات وزير الخارجية صبري بوقدوم، نفسا جديدا على طريق حلحلة المعضلة الليبية، والبداية كانت من موسكو بلقائه نظيره الروسي سيرغاي لافروف، وتصريحاتهما التي بيّنت مدى تطابق رؤى البلدين في حل المعضلة، لاسيّما رفض التدخّل الخارجي، الدعوة إلى حوار ليبي- ليبي يفضي إلى حل سياسي في أسرع وقت. والشأن نفسه بالنسبة لزيارة بوقدوم إلى كل من روما والإمارات، أين تباحث مع نظيره الإماراتي والوزير الأول الإيطالي سبل الوصول إلى حل سياسي سلمي في ليبيا.
كما لم تخرج زيارة وزير الخارجية السعودي إلى الجزائر، قبل عيد الأضحى، عن السياق وكانت التصريحات التي أدلى بها بعد استقباله من قبل الرئيس تبون، تعكس موقفا متقاطعا للمملكة مع منظور الجزائر للحل، حيث أكّد موقف السعودية الرافض للتدخّل الأجنبي في ليبيا والدعوة إلى حل ليبي- ليبي. وفي السياق ذاته، أكّد الرئيس التركي أردوغان، في اتصال مع نظيره الجزائري الرئيس عبد المجيد تبون، استمرار التشاور والتنسيق بين البلدين للوصول إلى حل سياسي في ليبيا وهو الموقف الذي عبّرت عنه الصين هي الأخرى في مكالمة هاتفية جمعت بوقدوم بنظيره الصيني وانج - يي، جدّد فيها الأخير موقف الصين الثابت، المتمثل في التسوية السياسية للأزمة الليبية.
دول الجوار الليبي، آلية طالما اعتبرتها الجزائر رقما مهما في حلحلة الأزمة الليبية ولاتزال تدعو إلى ضرورة إشراك دول الجوار في مسارات الحل في ليبيا تحت مظلة الأمم المتحدة، والجزائر تصّر على استمرار التنسيق مع هذه من أجل تفادي تدهور الوضع وانفلات الأمور أكثر ودخول البلاد -لا قدر الله- في حالة حرب مفتوحة على الطريقة الصومالية، سيناريو كان حذّر منه الرئيس تبون، مثلما حذّر من مغبّة تسليح القبائل الليبية وإقحامها في الصراع.
إن المطالب المتزايدة من الداخل الليبي ومن جميع الأطراف للجزائر من أجل مضاعفة جهودها والقيام بدور الوسيط والعمل على تقريب وجهات النظر بين الفاعلين الداخليين والخارجيين في المشهد الليبي، تؤكّد على حقيقة مهّمة وهي أن موقف الجزائر الثابت والمتوازن، الذي يضع مصلحة الشعب الليبي الشقيق فوق كل الاعتبارات الأخرى، أصبح يلقى المزيد من الصاغين إليه وحتى أولئك الذين عملوا على إبعادها وتشويه سمعتها، تبيّنوا في الأخير أنّها الأحرص على تخليص الشعب الليبي من الجحيم الذي ألقي فيه؟

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024