أستاذة الاقتصاد بجامعة الجزائر، سهيلة برحو:

اهتمام الدولة بصناعة السيارات مردّه تنامي الطلب

نورالدين لعراجي

أكدت استاذة الاقتصاد بجامعة الجزائر سهيلة برحو أن المرسومين التشريعيين الجديدين المنظمين لصناعة السيارات بالجزائر واستيرادها، جاءا في سياق عملية إصلاح القاعدة الصناعية في الجزائر. علما أن هذه الشعبة بدأت ضمن ظروف لم يستفد منها لا المستهلك ولا خزينة الدولة على حد سواء، مرجعة اهتمام الدولة بها لتنامي الطلب على هذا المنتوج منذ أكثر من 10 سنوات، لذلك اختلفت طرق توفيرها للمستهلك بدءاً من الاستيراد إلى غاية إنشاء مركبات صناعية.

شددت الاستاذة برحو على وجوب احداث توازن بين الحفاظ على هذه الاستثمارات والاستجابة للطلب المتزايد عن طريق الاستيراد كما كان معمول به سابقا، دون إلحاق الضرر بكل الفواعل المذكورة سابقا، ولهذا جاءت معايير دفتر الشروط على حد قولها لتقيد كل المعنيين في هذه الشعبة مع تغليب القوانين الاقتصادية التي تهدف إلى تحقيق الربح وعدم تبديد وتبذير المال العام، حتى وإن بات الحصول على سيارة من الضروريات الحتمية.
و أوضحت المتحدثة في السياق، أن منطق السوق يفرض أن يكون ثمن المنتوج يغطي تكاليف إنتاجه واستيراده، وربما لن يكون من نصيب نفس الشرائح الاجتماعية السابقة نظرا للظرف الاقتصادي الصعب الذي تعيشه الجزائر وكل العالم، خاصة مع تأثيرات جائحة كورونا وتداعيتها على صناعة السيارات في العالم بصفة عامة.
و بخصوص الاستيراد قالت استاذة الاقتصاد: « أنه في فترة سابقة شهدنا عمليات استيراد مكثفة لسيارات مفككة تم تركيبها في مصانع أنشئت لغرض مختلف وهو صناعة سيارات جزائرية حتى بنسبة إدماج ضئيلة، لكن الأمر لم يكن إلا احتيالا على الخزينة العمومية وجيوب المستهلكين، بحيث ارتفع سعر السيارة ب 150 %خلال 5 سنوات، كما رأينا ماركات جيدة وأحيانا فخمة وأخرى ذات نوعية رديئة شكلت تهديدا لحياة المواطن وضررا للبيئة «.
و بالنسبة للمتعاملين الاقتصاديين، كان هذا المجال حكرا على شخصيات تتفرع نشاطاتها الاقتصادية إلى عديد الميادين، وحرمت الكثيرين من العملاء الاقتصاديين المحليين من المشاركة الايجابية في تنمية الاقتصاد الوطني ما جعل التجربة السابقة لا تكفل انتقال التقنية كما هو من المفروض أن يكون في إطار شراكات من هذا النوع خاصة إذا كانت الشركات ذات صيت عالمي، وباالتالي ينتظر من خلال قراءة المرسوم، تأطير ممارسة وكلاء المركبات الجديدة لتنظيم النشاط وحماية للمستهلك حتى لا تتكرر نفس أخطاء في عمليات الاستيراد السابقة.
 وحول الإنعاش الاقتصادي اعتبرت المتحدثة أنها مرحلة إصلاح وتغيير جذري بامتياز، سواء في الممارسات أو القوانين أو هيكلة المؤسسات وكذا مواكبة عملية المناولة لعدة قطاعات منها قطاع صناعة السيارات، والتخلص من التجارب السابقة التي حولت المناولة إلى سمسرة، غرضها الاستيراد المفرط واستنزاف العملة الصعبة.
 في حين أن عملية الإصلاح التي تشرع فيها الحكومة في مجال المناولة هي حسب الأستاذة برحو فرصة لإعادة الاعتبار للمناولة من جهة، وإتاحة فرص الاستثمار للمؤسسات الناشئة في مجال تصنيع قطع الغيار والمنتجات الأولية التي تدخل في المسار الإنتاجي من جهة أخرى، ناهيك عن فتح مناصب عمل جديدة مع وجوب فرض مهارات جديدة أي النقل التكنولوجي في مجال تصنيع السيارات، خاصة وأن المستثمرون سيستفيدون من مزايا جمركية ومالية محددة ضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2020 للتماشي مع ما هو مسطر في التدرج في نسب الإدماج المذكورة في المرسوم التنفيذي، وهي أيضا فرصة لتفعيل التنسيق بين الوزارات الجديدة التي ستتكفل بمشاريع المستثمرين المحليين خاصة الشباب.
و بالعودة للاستثمار الاجنبي أشارد استاذة الاقتصاد إلى وجود قواعد وقوانين علمية لا يجب أن يحيد عنها الأطراف المعنيين، لأن النتيجة في النهاية تعني وتمس كل الأطراف بما فيها المحليين والأجانب، ولطالما تميز مناخ الاستثمار بعدم الاستقرار من جهة وتقييده بقاعدة ثابتة 49/51 التي لا تصلح في جميع حالات الشراكة، إضافة إلي عوائق إدارية أخرى.
و حسب برحو فإن تحرير مجال الشراكة في صناعة السيارات أو استيرادها من هذه القاعدة هو خطوة كبيرة ستكون شاهدة على نجاح العمليات، وضمان حقوق المتعاملين في الكسب عن طريق توظيف أموال المستثمر الأجنبي دون اللجوء إلى الأموال الوطنية، لأن القواعد الاقتصادية تنص على أن تدفق رأس المال يأتي من الخارج في حالة التعامل الشريك الأجنبي وليس العكس والاستثمار يبنى على الوضوح والاستقرار والتغيير يبدأ من الإصلاح.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024