توافد، أمس، مئات المواطنين الجزائريين، إلى جامع الجزائر الأعظم، لإقامة أول صلاة جمعة بهذا الصرح الديني المتميز، وسط احترام صارم لإجراءات الوقاية من تفشي فيروس كورونا. واحتفوا كثيرا بافتتاح ثالث أكبر مسجد في العالم المحكم الإنجاز، معتبرين أنه «مفخرة للبلاد».
حمزة محصول
ابتهج الجزائريون، أمس، بحدثين دينيين كبيرين، الأول استئناف أداء صلاة الجمعة بالمساجد التي تتسع لأزيد من 1000 مصلي، بعد أزيد من 7 أشهر من تعليقها بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.
أما الحدث الثاني والأبرز، فتمثل في إقامة أول صلاة جمعة بجامع الجزائر الأعظم، الذي افتتح رسميا للمصلين ليلة المولد النبوي الشريف، وفي ذكرى اندلاع الثورة التحريرية المباركة، حيث توافد المئات من المواطنين من مختلف ولايات الوطن لأداء، هذه الشعيرة الدينية الهامة في ثالث أكبر مسجد في العالم.
ومع الاقتراب من محيط الجامع، الذي وضعت له لوحات إرشادية مؤدية إليه، بكل طرق العاصمة، لوحظ العدد الهائل من الوافدين، حيث اكتظت المسالك الغربية المؤدية لمدخله الرئيسي عن آخرها بالسيارات، بعدما اضطر العشرات إلى ركنها في قارعة الطريق قرب محطة الوقود المحاذية للمسجد.
وتولت فرق الشرطة المتنقلة على متن سيارات ودراجات نارية تنظيم حركة المرور وتوجيه المصلين إلى المدخل الرئيسي للجامع، في إطار المخطط الذي أعدته المديرية العامة للأمن الوطني، من أجل ضمان السير الحسن لصلاة الجمعة بهذه التحفة المعمارية.
انبهار
وبمجرد ولوج الساحة الكبرى للجامع- تحت المئذنة الأطول في العالم- شرعت الجموع الغفيرة من المصلين، في حمل هواتفها النقالة، والتقاط الصور وتشغيل كاميرا الفيديو، لتخليد اللحظة التاريخية، والتمعن في مرافق الصرح الديني وطريقة بنائه بهندسة إسلامية فريدة ومحكمة الإتقان.
ومن باب المصالحة، إلى باب الفتح، اجتاز المصلون الفناء الثاني، المسجى بالرخام والمنمق بنافورات المياه الأربع محاطة بأشجار ذكرت في القرآن الكريم، قبل الدخول لقاعة الصلاة التي تسع 36 ألف مصلي من أبوابها الشاهقة.
صرح ديني
ومثلما أقرته وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، رفع القارئ ياسين إعمران، الآذان الأول لصلاة الجمعة، على الساعة 12:35، وبعده بخمسة دقائق رفع الثاني، ليعتلي الإمام الشيخ محمد الإبراهيمي المنبر المصنع من خشب أشجار البلوط ملقيا خطبتي الصلاة.
الشيخ الإبراهيمي، هنأ الجزائريين والمصلين بافتتاح «الصرح الإسلامي الكبير لتقام فيه أول صلاة جمعة»، وقال: «إنه يضاف إلى صروح العلم والإيمان التي ظلت صامدة عبر التاريخ الطويل لهذه البلاد، ولطالما مدت الأمة بالعلماء والفقهاء والعظماء والمجددين والمجاهدين».
في إشارة، إلى صمود الإسلام في الجزائر، طلية قرون من الاحتلال وبالأخص الاستعمار الفرنسي، الذي عجز عن طمسه أو انتزاعه من قلوب الجزائريين رغم كل ما قام به من جرائم وتخريب وتنصير.
وباحترام مسافة الأمان (1 متر)، وكل على سجادته الفردية، واصل المصلون الاستماع للشيخ الإمام، وهو يقول: «إن جامع الجزائر سيكون تتويجا لكل تلك الصروح، التي صمدت إلى اليوم، وسيكون معقلا من معاقل الإسلام في هذا البلد»، لافتا إلى امتزاج قيمته الدينية مع رمزية المكان «المحمدية نسبة إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام».
وتابع الإمام الخطيب قائلا: «هذا يوم مشهود، في الأرض وفي السماء، وهنيئا للأمة الإسلامية بثالث أكبر مسجد في العالم، الذي سيوظف لنشر رسالة الإسلام السمحة..رسالة الدعوة إلى الله بالموعظة الحسنة والذود عن النبي صلى الله عليه وسلم».
وشدّد على أن جمال ورونق الجامع، لابدّ وأن يمتزج بجمال قلوب المصلين، «لأنه شيّد لبناء الإنسان الصالح، وكي يكون مبعث نهضة الأمة». ولم يفوّت المناسبة للتذكير بأهمية احترام الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا داخل المساجد وخارجها.
ومع انتهاء الصلاة، في تمام الواحدة (13:00)، استأنف المصلون، احتفاءهم بالجامع، واقتربوا من المحراب المدونة عليه أسماء الله الحسنى، والمنبر المحكم الإنجاز وتحت الثريا الأكبر في العالم، لالتقاط الصور.
وعكس ما أثير على بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، امتثل المصلون رغم أعدادهم الكبيرة لقواعد التباعد الاجتماعي، والتزموا بتوجيهات أفراد الشرطة وأعوان الجامع في الدخول والخروج، رغم تخصيص مدخل رئيسي واحد من الجهة الغربية.
وأجمع المصلون على أن الجزائر باتت تحوز على «مفخرة، ومعلم ديني فريد في العالم الإسلامي»، ينبغي الحفاظ عليها بالسلوك الحسن والعناية الفائقة، وبدا على كثير منهم التأثر والانبهار من مناظر الجموع الغفيرة وهي مقبلة في انتظام وهدوء لأداء أول صلاة جمعة بجامع الجزائر الأعظم.
وحضر الصلاة وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي، ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى بوعبد الله غلام الله ووزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، الهاشمي جعبوب.
