عجزت عن مواكبة حركية المجتمع

أحزاب أمام حتمية مراجعة ذاتيـة شاملـة

حمزة محصول

 «الوهن السياسي» ينخر جسد الطبقة السياسية

عادت الأحزاب السياسية إلى واجهة النقاش، على ضوء النتائج الأولوية للاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، بين من يحملها جزءا من المسؤولية في نفور المواطن من الحياة السياسية، وبين من يعتقد بنفاد قدراتها على التعبئة خارج وعائها، ما يجعل من التجديد في الخطاب والأداء حتمية لا مناص منها.
غالبا ما كان تضخيم نسبة المشاركة في الانتخابات والتزوير، الشجرة التي تغطي على حجم التصحر الذي أصاب الحياة السياسية في الجزائر، لأن نفخ النسب النهائية للناخبين، لطالما وجه النقاش إلى الجهات الرسمية وإصرارها على إفساد ما يطلق عليه «الأعراس الانتخابية».
لكن ومنذ رئاسيات 12 ديسمبر 2019، بدأت قراءات النتائج النهائية تأخذ بعدا أكثر شمولية، لتسع كل المنخرطين في الحياة السياسية من أحزاب ونشطاء وحتى شخصيات وطنية. فالنسبة الحقيقية التي تقدمها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، لممارسي السلوك الانتخابي، ألزمت الجميع على طرح السؤال الكبير وهو: ما سبب عزوف الجزائريين عن صناديق الاقتراع؟.
وبغض النظر عن الظروف الاستثنائية التي جرت فيها الرئاسيات الماضية، وسوء التسويق السياسي الذي رافق وثيقة مشروع تعديل الدستور، إلا أنه لا يمكن إخراج مسؤولية الأحزاب السياسية ودورها عن دائرة النقاش.
فقد كان الحراك الشعبي، الذي انطلق في 22 فيفري 2019، بمثابة رسالة سحب الثقة من الأحزاب السياسية كلها مجتمعة، معارضة كانت أو موالاة، لأنها وجدت نفسها مجبرة على الانخراط في الحركية الشعبية الرافضة للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتردي، دون أن تتجرأ على تبنيها أو نسبة أي فضل إليها.
وعكس ما عاشته عديد الدول، مع الاحتجاجات الشعبية السلمية، لم تعرف الجزائر ما يسمى بائتلافات المعارضة أو أي تكتل لقوة سياسية معينة امتلك صفة الممثل الفعلي للمسيرات، بل كان الشعب الجزائري في حركته العفوية هو النخبة، وأجبر كل التشكيلات السياسية الأخرى على مسايرته أو الانصهار فيه.
والمفارقة في الحالة الجزائرية، أن كل الأحزاب عجزت عن تقديم أدوات فعلية وملموسة للمساهمة في الخروج من أزمة شغور منصب رئيس الجمهورية، واكتفت مثل الجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر البيانات، بالتعليق على قرارات السلطات العمومية.
درجة العجز التي وصلتها بعض الأحزاب، تجلت في حالة الارتباك التي بدت على خياراتها السياسية في كل مرحلة، فقد تخلت عن برامجها، وباتت تنظر إلى الشارع أو إلى ما يصدر عن السلطات العمومية حتى تحسم في قراراتها ولو ظرفيا.
حالة الوهن السياسي التي أصابت الأداء الحزبي في الجزائر، تجلت بشكل واضح في الاستفتاء الشعبي على مشروع تعديل الدستور، حيث انكسر التصنيف التقليدي (معارضة وموالاة) وحسم خيار التصويت بـ «نعم» أو «لا» بناء على القراءة الخاصة لوثيقة الدستور، غير أن نقطة التقاطع «كانت الدعوة إلى التصويت».
في النهاية، توجه أقل من 6 ملايين ناخب إلى صناديق الاقتراع، من أصل ما يزيد عن 24 مليونا، لذلك كانت القراءة الأولية أن الأحزاب السياسية (مهما كان موقفها من الدستور) عجزت عن التعبئة للسلوك الانتخابي خارج وعائها الحزبي الاعتيادي.
موقف مماثل، من المفترض أن يدفع الأحزاب السياسية جميعها، إلى التوقف لحظة عن النظر إلى ما يصدر عن السلطة - لأن الرقابة الشعبية صارت في أوج قوتها- والتفكير في مراجعة شاملة لأدائها وأدواتها لاستعادة دورها في الحياة السياسية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025