النمو والبطالة تحديات قائمة، الخبير مشدال لـ«الشعب ويكاند»:

العودة لأساسيات اقتصاد السوق حلٌ لبعث المنافسة والاستثمار

سعاد.ب

يرى الاستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي عبد القادر مشدال، أن الوضع الصحي وتراكمات المرحلة السابقة تفرض على الجزائر تحديات اقتصادية مرتبطة باختلالات هيكلية تتعلق بالاعتماد المفرط على المداخيل النفطية وإنشاء مشاريع في إطار الإنفاق العمومي، ناهيك عن ضعف النمو وشبح البطالة المتزايد.
في هذا الإطار، يوضح الخبير مشدال لـ»الشعب ويكاند» أن الوضع الراهن يفرض البحث عن البدائل بالنسبة للإنتاج، مشيرا إلى أن عودة نمو الاقتصاد الجزائري بعيدا عن خطط التمويل العمومي يبرز كتحدي في المرحلة الراهنة، بحيث أن أغلب الاستثمارات العمومية لا يمكنها بلوغ مستويات عالية من المردودية بمستوى الإنفاق الممنوح.
في المقابل، يبرز معدل البطالة المتزايد - حسب- المتحدث كتحدّ ومشكلة عويصة باعتبارها لم تنزل عن نسبة 10 بالمائة، أو ما تزال تدنو منها، ذلك أن النموذج الجزائري العمومي لا يعتمد على المؤسسات المتوسطة والصغيرة المدرّة للثروة ومناصب الشغل، مشيرا إلى أنه منذ تفشي الوباء ارتفعت إلى مستوى البطالة إلى 14 بالمائة، وساهم توقف صناعات كاملة في تعقد الوضع، بسبب تحول أصحابها عن الإنتاج إلى العمل على هامش الاستثمار العمومي أوفي إطار الإنفاق العمومي ما حال دون التوسع في الإنتاج ومناصب الشغل. وحسب الخبير مشدال، أمام هذا الوضع، العودة إلى أساسيات اقتصاديات السوق تمثل أكبر تحدّ بشأن ضرورة خلق المؤسسة للثروة ومناصب الشغل، مشيرا إلى أنه لو تم تحسين محيط الاستثمار وتسهيله فإن الجزائر بإمكانها أن تحقق نسبة نمو عالية بما يتكافأ مع قدراتها.
ويرى المتحدث أنه من الجدية بمكان البت في هذه النقاط، وإلا يمكن ستتفوق بعض الدول الإفريقية علينا في بعض القطاعات، خاصة وأنه يفترض أن الجزائر تعمل على الاندماج في السوق الإفريقية المشتركة، لكن الإجراءات المتخذة ليست في نفس وتيرة الإجراءات المتخذة من طرف البلدان الإفريقية كالكونغو، إثيوبيا والغابون التي لديها دينامكية استثمار بخلق تحالفات صناعية مع شركات كبرى عالمية صينية أوروبية وإنشاء أرضيات صناعية على مستواها، ووضع خطة لرفع مستوى الاندماج بالنسبة للشركات المنشأة على أراضيها، ومنه فإن المنتوج سيسوق باسم هذه الدول الإفريقية، وهو ما وصفه بـ»نوع من الذكاء» في استغلال الموارد الأولية وتقويمها عن طريق هذه التحالفات، وبالتالي يمكن لهذه الدول الافريقية ان تضع لنا عراقيل في دخول هذه السوق فهي لن تنتظر المنتجات الجزائرية بل ستعمل على اكتساحنا.
وحسب مشدال، لابد من تغيير صيغة النموذج الصناعي الوطني والذهاب إلى مزيد من الليونة والديناميكية وتبني تسهيلات أكثر، وهذا لا يلغي ضرورة وجود مؤسسات عمومية قوية في ميدان تعديل السوق والمراقبة والتوازن، بحيث تعمل سلطات الضبط على مستوى هذه المؤسسات بمراقبة مدى انصياع المتعاملين الاقتصاديين للقوانين والمعايير المفروضة في دفتر الشروط بهدف دعم المنافسة الذي سيحرك الاستثمار والسوق.

الانصياع لقواعد المنافسة ينشئ الثروة ويجلب الاستثمار

ويشير المتحدث أن الانصياع لقواعد المنافسة يقود إلى منع الاتجاه نحو السيطرة والاحتكار ويعطي تطمينات للمستثمرين الوطنيين الذين يجلبون الاستثمار الاجنبي بأن الوضع الاقتصادي بالجزائر صحي والفرص مفتوحة ومضمونة للجميع.
وبخصوص الحلول المستعجلة في الظرف الراهن، اقترح الخبير الاقتصادي إحلال الواردات كخطة أولية ويقصد بها تعويض المنتجات المستورة بأخرى يمكن إنتاجها محليا على غرار المنتجات الغذائية، صناعة الجلد والألبسة.. وغيرها.
وينصح مشدال بتشجيع الإنتاج الوطني وتنويعه، في زمن تراجع المداخيل النفطية، وذلك باستقطاب المستثمرين القادرين على ذلك. في المقابل، تشجيع الصادرات كخطة ثانية تتطلب وقتا لأنها تركز على تعويض المنتجات النفطية، ولعل أحسن مثال على ذلك هو تصدير مواد البناء الآخذة في التطور وبكميات معتبرة، شرط الاعتماد على التحالفات مع الاقتصاديات العالمية والبلدان الشريكة. من جهة أخرى، ثمن المتحدث تحويل آليات التشغيل ودعم الشباب إلى المقاولتية، مؤكدا أن القواعد العامة لاقتصاد السوق تقوم على عدم التفريق بين المتعاملين والمشاريع، التي تتوفر على شروط النجاح، مع تحمل الدولة لجزء من الأعباء في إطار تشجيع الاستثمار بإقحام المشاريع في منطق السوق والخروج بها إلى الاقتصاد الربحي البحت.
وفيما تعلق بدعم الشباب سيما المتخرجين الجدد والحاملين للمشاريع، فالأمر مرتبط بالمعدل العام للبطالة، ويجب - حسبه - العمل على فتح آفاق اقتصادية من شأنها إدماجهم في سوق الشغل بدل تحوّلهم نحوالآفات الاجتماعية والتحول إلى عبء آخر على المجتمع وعلى خزينة الدولة.
وحسب مشدال، تتحقق الديناميكية الاقتصادية بوضع آليات لتحسين ظروف الاستثمار لأن فائدة الاقتصاد تكمن في إنشاء المؤسسات وهو تحدي كبير للجزائر للخروج من منظومة الانفاق العمومي إلى منظومة السوق.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19473

العدد 19473

السبت 18 ماي 2024
العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024