بموجب الدستور الجديد

تغييرات هيكلية في مؤسسات دستورية واستحداث أخرى

حمزة محصول

ينص الدستور الجديد، المصوت عليه في الفاتح نوفمبر الجاري، على إعادة هيكلة مؤسسات دستورية واستحداث أخرى، بما ينسجم وقواعد نظام الحكم شبه الرئاسي، على رأسها الفصل المرن بين السلطات وتوفير آليات الرقابة لحماية المال العام والوقاية من جرائم الفساد وبعث الطاقات الوطنية العلمية والشبانية.

إلى جانب تكييف ترسانة القوانين العضوية والعادية، مع الدستور الجديد، عند صدوره في الجريدة الرسمية، ينتظر استحداث مؤسسات، مع منحها الاستقلالية وكامل الصلاحية التي تخول لها أداء مهامها الحيوية.
وتتماشى الهيئات التي نصت عليها الوثيقة الدستورية، مع طبيعية النظام شبه الرئاسي، الذي أنهى «عقودا من الغموض والضبابية اللذين لازما نظام الحكم في البلاد»، مثلما أكده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
وأراد المؤسس الدستوري من خلال النص الأسمى الجديد، الحفاظ على تمثيل الأغلبية البرلمانية في الجهاز التنفيذي، لذلك ستخضع الحكومة إلى تغيير الهيكل التنظيمي، بناءً على ما ستفرزه التشريعيات، إذ تنص المادة 103 على أن «يقود الحكومة رئيس الحكومة، في حال أسفرت الانتخابات التشريعية على أغلبية برلمانية»، بينما يتم الإبقاء على صيغة «الوزير الأول في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية».
ولتجسيد توازن السلطات وعدم تغول سلطة على أخرى، ستستحدث بموجب الدستور الجديد «محكمة دستورية كمؤسسة مستقلة مكلفة بضمان احترام الدستور»، وفق المادة 185، لتعوض المجلس الدستوري.
الغرض من استحداث هذه الهيئة ليس تغيير التسمية فقط، وإنما إعطاءها صلاحيات أكبر (قضائية على وجه الخصوص) تتمثل أساسا في «ضبط سير المؤسسات ونشاط السلطات العمومية»، وحددت مهامها ووظائفها في 14 مادة، وتتشكل من 12 عضوا، 6 منهم أساتذة القانون الدستوري بخبرة مهنية لا تقل عن 20 سنة وبلوغ سن 50 يوم انتخابهم أو تعيينهم. ويتولى رئيس الجمهورية تعيين أربعة أعضاء، منهم رئيس المحكمة لعهدة واحدة مدتها 6 سنوات.
ومن أجل تجسيد النظام شبه الرئاسي، بعيدا عن أي تداخل أو ضبابية في عمل السلطات الثلاث، رأى المؤسس الدستوري بتكريس استقلالية القضاء، من خلال اعتماد صيغة جديدة في عمل المجلس الأعلى القضاء الذي سيصبح «الضامن لهذه الاستقلالية» بموجب المادة 180.
وأُبعدت الحكومة (الجهاز التنفيذي) عن تركيبة المجلس الأعلى للقضاء، وسيصبح الرئيس الأول للمحكمة العليا نائبا لرئيس الهيئة، فيما أبقي على رئيس الجمهورية كقاضٍ أول في البلاد، لكونه منتخبا شعبيا بالاقتراع العام، وبالتالي «فهو فوق السلطة التنفيذية»، بحسب توضيحات لجنة الخبراء التي تولت صياغة النص.
وأثار التنظيم الجديد لعمل المجلس الأعلى للقضاء وتوليه إدارة المسار المهني للقاضي ومنح مقعدين للتمثيل النقابي للقضاة ضمن تركيبته، ارتياح النقابة الوطنية للقضاة التي وصفت التعديلات «بالأحكام المشجعة وغير المسبوقة»، والتي «تكرس استقلالية القضاء».
الدستور الجديد، سيمنح صلاحيات «نوعية» لمجلس المحاسبة، بحسب ما صرح به رئيسه عبد القادر بن معروف، حيث تنص الفقرة 4 من نص المادة 199، على إعداد تقرير سنوي، مع إلزامية «نشره» للرأي العام، وهو ما كان غائبا في الدساتير السابقة، مما جعل تقارير المجلس حبيسة الأدراج طيلة العقدين الماضيين.
وسيعرف الهيكل التنظيمي للمجلس، تغييرا هو الآخر، إذ «يعين رئيس الجمهورية رئيس مجلس المحاسبة لعهدة مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة».    
وبموجب المادة 200 من الدستور، سيتم إعادة هيكلة السلطة الوطنية للانتخابات (الحالية موجودة بموجب قانون عضوي)، حيث «يعين رئيس الجمهورية رئيسها وأعضاءها لعهدة واحدة مدتها 6 سنوات غير قابلة للتجديد».
ومن الهيئات المستحدثة بنص الدستور الجديد، «السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته» كمؤسسة رقابة مستقلة، ومن مهامها «وضع استراتيجية وطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، والسهر على تنفيذها ومتابعاتها، جمع ومعالجة وتبليغ المعلومات المرتبطة بمجال اختصاصها ووضعها في متناول الأجهزة المختصة».
إلى جانب «إخطار مجلس المحاسبة والسلطة القضائية المختصة كّلما عاينت وجود مخالفات، وإصدار أوامر، عند الاقتضاء، للمؤسسات والأجهزة المعنية»، وفق ما تنص عليه المادة 204. وسيضاف إلى الهيئات الاستشارية المرصد الوطني للمجتمع المدني، وبحسب المادة 213 «يعتبر هيئة استشارية لدى رئيس الجمهورية ويقدم آراء وتوصيات متعلقة بانشغالات المجتمع المدني».
في المقابل، ينتظر تفعيل مؤسسات أخرى، على غرار المجمع الجزائري للغة الأمازيغية والمجلس الأعلى للشباب والأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19481

العدد 19481

الإثنين 27 ماي 2024
العدد 19480

العدد 19480

الأحد 26 ماي 2024
العدد 19479

العدد 19479

السبت 25 ماي 2024
العدد 19478

العدد 19478

الجمعة 24 ماي 2024