أكّد الأخصائي في علم الأوبئة، الدكتور كمال آيت أوبلي، أن التطبيق الصارم للتعليمات الوقائية ساهم في انخفاض عدد الإصابات بفيروس كورونا بعد أن تعدّت قبل أيام عتبة 1000 حالة يوميا، داعيا إلى الاستمرار في الالتزام بالتدابير الاحترازية، خاصة في المدارس والجامعات والأماكن العامة.
قال الدكتور آيت أوبلي في تصريح خص به «الشعب»، إن الوضعية الوبائية مستقرة وتعرف تحسنا ملحوظا على المستوى الوطني مقارنة بالأيام السابقة التي أخذ فيها الوباء منحنى تصاعديذ، مستدلا على ذلك بنقص الاكتظاظ الذي شهدته مصالح الإنعاش في الفترة الأخيرة، مشيرا الى وجود أسرّة فارغة لاستيعاب المرضى والتكفل بجميع الحالات.
أرجع الأخصائي في علم الأوبئة أسباب انخفاض حالات الاصابة بكوفيد -19 في العديد من الولايات في الفترة الحالية، الى زيادة وعي الجزائريين بخطورة هذا الوباء والتزامهم بقواعد الوقاية، بالاضافة الى مساهمة السلطات العمومية في تحسن الوضع الصحي من خلال السهر على التطبيق الصارم للاجراءات الوقائية، خاصة ما تعلق بإجبارية ارتداء الأقنعة التي توفر حماية للمواطنين بنسبة عالية.
«تهوية الأماكن المغلقة يقلّل من انتقال العدوى»
حذّر الدكتور آيت أوبلي من التراخي في احترام التعليمات الوقائية بعد تسجيل نقص في الحالات اليومية، موضحا أن مواجهة أزمة كورونا واحتواء الوضع يقتضي تحمل المسؤولية، كون منحنى الاصابات - على حد تعبيره - مهدد بالارتفاع مرة أخرى ويعتمد أساسا على سلوكيات المواطنين ومدى تطبيقهم للقواعد الصحية.
وحسب محدثنا، فإن تهوية الأماكن المغلقة والمنازل وأماكن العمل بشكل أفضل يقلل من فرص انتقال العدوى خاصة في موسم البرد، حيث يصبح المواطنون أكثر عرضة للاصابة بالفيروس، الأمر الذي يتطلب تجديد الهواء طوال الوقت من أجل تخفيف جزيئات الفيروس التي قد تتراكم في المكان المغلق والمزدحم.
«تحول كورونا إلى فيروس موسمي أمر وارد»
عن امكانية تحول كورونا الى فيروس موسمي، أجاب الاخصائي قائلا:
«كل الاحتمالات واردة ولا توجد معلومات مؤكدة ودقيقة الى حد الآن، إذ يمكن القضاء نهائيا على الفيروس وفي نفس الوقت قد يصبح عبارة عن موجات خفيفة أو يستمر في السنوات القادمة كفيروس موسمي يشبه الأنفلونزا، ولكن أكثر ما يهمنا الآن هو العمل على مكافحة الوباء عبر تكثيف إجراءات الحماية للحد من انتشاره».
ودعا الجميع الى توخي الحذر وعدم التهاون في التعامل مع الفيروس لتجنب تكرار سيناريو سبتمبر الماضي، خاصة أن الوباء شكل خطورة كبيرة على مختلف الفئات ولم يقتصر على كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة فقط وانما مس حتى الشباب، ما أدى الى اكتظاظ كبير في المستشفيات.
جلب اللقاح إلى الجزائر يمكن أن يتأخّر
في رأي المختص في علم الأوبئة، فإن جلب اللقاح المضاد لفيروس كورونا قد يأخذ وقتا، ويمكن أن يتأخر بالرغم من انضمامها الى مجموعة «كوفاكس» نظرا للمنافسة الشرسة بين أقوى الدول في العالم للظفر بأكبر حصة من الطلبيات.
وأشار الدكتور آيت أوبلي الى أن الشركات المنتجة للأدوية تتعامل مع الدول الغنية وتقدم لها الطلبيات كأولوية لاسيما وأنها تتوفر على مختلف وسائل التبريد لتخزين اللقاحات، وهو ما تفتقده الجزائر وبعض الدول النامية التي تعاني من صعوبات على الصعيد اللوجستيكي.
وفي ذات السياق، أوضح الأخصائي في علم الأوبئة أن اللقاح الذي توفره مخابر «فايزر» يحتاج الى ظروف ملائمة وأجهزة تبريد أقل من 80 درجة،زيادة على مشكل نقله الى مناطق بعيدة كولايات الجنوب، مضيفا أن مجموعة الكوفاكس التي تتفاوض مع الشركات المنتجة للأدوية من المحتمل أن تبدأ بالدول الأكثر تضررا بالوباء قبل الجزائر، ما قد يؤخر جلبه الى بعد مارس القادم.
واعتبر محدثنا اكتشاف اللقاح في ظرف 9 أشهر وبداية تسويقه يعد رقما قياسيا غير مسبوق في تاريخ الطب، مؤكدا أنه مؤشر ايجابي لقرب زوال الفيروس ومكافحة خطورته على الفئات الهشة، مشيرا الى أن المخابر الروسية والصينية تتعمّد عدم نشر الدراسات العلمية التي تتضمن معلومات دقيقة حول سلامة وفعالية اللقاح لأغراض تجارية.
كما أوصى المواطنين بالاستمرار في ارتداء الأقنعة الواقية لمدة 3 أشهر على الأقل بعد توفر اللقاح في الجزائر لأن وحده لا يكف لمكافحة الوباء والقضاء على خطورته، وإنما يتطلب الأمر عدم التراخي في تطبيق الاجراءات الوقائية اللازمة.
«مرضى كوفيد-19 معرّضون لآثار بسيكولوجية وعصبية»
لم ينف الدكتور أن العديد من مرضى كوفيد-19 أصيبوا بآثار جانبية تستمر لديهم مدة طويلة بعد الشفاء من الفيروس من بينها أعراض بسيكولوجية وعصبية وأخرى تمس القلب ومشاكل في النوم، مشيرا الى أن بعض المصابين بكورونا استمر لديهم السعال حتى رغم عدم تضرر الرئة، وهناك من يعانون من فقدان حاسة الشم والتذوق منذ 6 أشهر.
وحسب الأخصائي في علم الأوبئة، فإنّ الوقت كفيل للتأكيد أنّ الاعراض الجانبية المرتبطة بالاصابة بكوفيد-19 ستستمر طويلا مع المريض، وتصبح مزمنة مبرزا أهمية العلاج المبكر قبل ظهور مضاعفات خطيرة تصل الى ضيق في التنفس، وذلك من خلال إجراء فحوصات «بي - سي - آر» في الأسبوع الأول من ظهور الأعراض لمباشرة العلاج.
كما حذّر من إجراء فحوصات مصل الدم للكشف عن فيروس كورونا بصفة عشوائية، موضّحا أنّه يخضع لشروط ويتطلّب معطيات كلينيكية كون النتائج التي تظهر لا تثبت في كل وقت حقيقة الاصابة إلا ابتداءً من اليوم العاشر من بروز علامات المرض.