أشاد باحثون، في ندوة تاريخية نظمتها جمعية مشعل الشهيد، أمس، بالمركز الثقافي الشهيد العربي بن مهيدي، بنضال المجاهد عبد الحفيظ بوصوف، عضو مجموعة 22 التاريخية وعضو الحكومة المؤقتة، مؤكدين أنه عمل بين 1956 و1957 على تطوير الثورة وإخراجها من النمط التقليدي القديم لتصبح ثورة عصرية، وهو أول من أنشأ سلاح الإشارة والمورس.
أبرز المتدخلون فضل بوصوف في تكوين أول دفعة لطلبة سلاح الإشارة سنة 1956، وأسس أول مدرسة خاصة بالاستخبارات بكل أنواعها الداخلية والخارجية سنة 1957، واستغل الطلبة الثانويين والجامعيين لتوظيفهم في هذه العملية. موازاة مع ذلك، شكّل أول خلية لقراءة الصحف الفرنسية اليومية وتسجيل كل ما له علاقة بالجزائر ووضعه في ملف خاص، قُدم خلال اتفاقيات إيفيان، مشيرين إلى أن الذين كانوا يعملون مع الفقيد بوصوف شعروا بأبويته وتواضعه.
وأضاف المتدخلون، أن بوصوف أسس سنة 1957 أول مدرسة لإطارات الثورة والإطارات القيادية، الذين أطرت بهم وزارات الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية. وأعظم إنجاز قام به بوصوف، هو تجنيد المثقفين في شبكة جونسون من الأوروبيين والفرنسيين لخدمة الثورة، وإطارات سامية في حكومة ديغول، بما فيهم الكاتبات ووزراء الصناعة والفلاحة ورئيس حكومة ديغول، وصل إليهم بطريقة استخباراتية عالية.
ولجأ الراحل بوصوف، إلى الصناعة العسكرية وصناعة الطائرة وتكوين فوج من الطيارين التي جعلت من المالغ جهازا إيجابيا في إطار حماية وتعزيز الثورة.
بعد الإستقلال، انسحب بوصوف من السياسة وتفرغ للتجارة والأعمال الحرة.
في المقابل، قال عضو اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات علي ذراع، إن بوصوف جاء في إطار تنظيم ثوري وقف الند للند للإستعمار، وهو من الشخصيات العظيمة التي أرست لقيام الدولة الجزائرية الحديثة، مؤكدا أن بيان أول نوفمبر 1954 هو دستور بناء الدولة الجديدة وهو من سطر لمستقبل الجزائر.
وأضاف ذراع، أن بوصوف، المكنى بـ»سي مبروك»، قام بأشياء جبارة في إطار وحدوي ومشاركة المجتمع الجزائري، قائلا: «الدولة لا تبنى من العدم وأول عنصر هو الشعب الذي ضحى إبان الثورة، هذه الأخيرة أنجبت رجالا يشرفون على جيش»، موجها رسالة لأعداء الأمة الذين يريدون ضرب وحدة الجيش واستقرار الوطن، داعيا للوحدة الوطنية.
ولم يفوت الفرصة للتنويه بمجهودات جمعية مشعل الشهيد في تخليد ذكرى الشهداء والمجاهدين والتعريف برموز الثورة والتي تصب في خدمة الذاكرة.
وفي تصريح لـ»الشعب»، على هامش الندوة، أبرز الإعلامي بلقاسم قواسي دور المرحوم بوصوف في دعم الثورة، حيث امتدت شبكته إلى منطقة الساحل، وقال: «بفضل عبقريته تمكن من نسج علاقات مع رئيس شركة إيني الإيطالية، أنريكو ماتيو، الذي زود الثورة بالأسلحة، تم إفراغها بنيروبي لتنقل فيما بعد إلى الجزائر عبر الصحراء»، مشيرا إلى أن المخابرات الفرنسية لم تتمكن من اكتشاف هذه الأسلحة.