أعطى التراجع المحسوس في عدد الإصابات شعورا بالارتياح لدى المواطن، وهو ما عكسه التراخي في الإجراءات الوقائية في مختلف الفضاءات ووسائل النقل، حيث اقتنع الجميع أنه كلما انخفض منحنى الإصابات يصبح المواطن اقل احتراما للإجراءات الموصي بها، بينما تجده أكثر حرصا على الالتزام بها عند ارتفاع عددها.
يربط المختصون سلوك المواطن اتجاه الجائحة المستجدة برد فعل شرطي يكون عدد الإصابات الجديدة أو لنقل منحى الإصابات المحدد الأساسي له، فاذا كان تصاعديا أظهر المواطن احتراما صارما للإجراءات الوقائية، خاصة فيما يتعلق بارتداء القناع الواقي والتعقيم المستمر لليدين وكذا التباعد الاجتماعي، لكن وبمجرد عكس اتجاهه ليصبح تنازليا يتراخى المواطن ويتناسى كل التوصيات التي مازال يؤكد الأطباء على ضرورتها منذ مارس الماضي لكسر سلسلة العدوى.
ورسمت الازمة الصحية منذ بدايتها وعلى مدار احدى عشرة شهرا كاملة صورة واضحة عن تعامل المواطن مع الوضع الاستثنائي وعن ردود فعله اتجاهها، ما أبان عن غياب ثقافة صحية تسهل عليه التصرف بسرعة مع أي وباء، لذلك سنحاول اليوم رسم منحنى لتعامل المواطن مع الفيروس التاجي الذي شكلت تداعياته أهم حدث في 2020.
وكانت البداية بتلك الصور التي تناقلتها وسائل الاعلام عن نقص المواد الغذائية الأساسية ما أعاد الى الاذهان معاناة المواطنين نهاية سنوات الثمانينات، مع فارق أساسي هو توفر المواد الغذائية لكن احتكار بعض التجار لها وتخزينها من أجل تحقيق ربح سريع على حساب الضمير الجمعي للمجتمع وهو السبب الرئيسي لها، لكن استطاعت السلطات المعنية بسياسة الضرب بيد من حديد إخراج المواطن من دائرة جشع التجار، وأعادت التوازن الى السوق وحررته من قبضة المحتكرين، كل ذلك لجعله يركز على الطريقة المثلى لمنع انتشار العدوى.
وبالفعل عرف منحنى الإصابات انخفاضا ساهم في تخفيف التدابير الاحترازية والانتقال الى مرحلة التعايش مع المرض، لكن تأكيد وزير الصحة وإصلاح المستشفيات على اقتناء اللقاح، جعل المواطن يعود الى الخلف من خلال تراخيه في احترام الإجراءات الوقائية، خاصة وان عتبة الإصابات وصلت الى اقل من 300 إصابة، وهو ما لم تعرفه الجزائر منذ شهر سبتمبر الماضي، لكن الحقيقة الوحيدة التي يتفق حولها الجميع ضرورة توخي الحذر لأن الوباء لم ينته ولم يقل كلمته الأخيرة بعد.
وفي هذا الإطار، وضع التحور الأخير لفيروس كورونا وتطوره الى سلالة جديدة هي «كوفيد-20» المواطن امام معادلة التعايش بالالتزام والاحترام التام لتوصيات المختصين، فلا يمكن تخيل الأيام القادمة دون ارتداء القناع الواقي اوالتباعد الاجتماعي، الحياة لن تكون نفسها مع الجائحة المستجدة.