يناشد مئات الجزائريين المقيمين بتونس الرئيس تبون لفتح المعابر الحدودية للعودة لوطنهم، والالتحاق بأهلهم وذويهم بعد عام من غلق الحدود بين الشقيقتين تونس والجزائر، إذ يعاني الجزائريون بعد جائحة كورونا من فقدان عملهم، وأصبحوا يعيشون ظروفا جد صعبة مسّت كرامتهم.
تعج مواقع التواصل الاجتماعي بقصص لحالات جزائريّين يعيشون ظروفا جد صعبة ومهينة، خاصة بعد أن فقد معظمهم عمله بسبب الوضعية الاقتصادية بتونس على خلفية جائحة كورونا، وهو ما جعلهم يطالبون بفتح الحدود لأجل العودة والاستقرار في وطنهم. وفي مكالمة هاتفية مع عدد من العالقين بعدة ولايات تونسية مثل الحمامات وقفصة ونابل وسوسة وغيرها، أكّدوا أنّ المسافة بينهم وبين مساكنهم بالجزائر لا تتجاوز بضعة كيلومترات، إلاّ أنهم لم يستطيعوا رؤية أهلهم منذ حوالي سنة، فمنهم من فقد أقارب لم يودعهم، ومنهم من اشتاق لحضن والدته وآخرون يحنون لدفء العائلة.
بعد 7 سنوات إبراهيم يطرد من عمله
إبراهيم شاب ينحدر من ولاية تبسة، علق بتونس ولم يستطع رؤية والديه طيلة فترة غلق الحدود، عمل إبراهيم بشركة تونسية لمدة 7 سنوات ليطرد من العمل رفقة عدد من زملائه بسبب جائحة كورونا، وأصبحت ظروف حياته جد مزرية، فلا يستطيع دفع تكاليف الإيجار ولا حتى توفير المأكل والمشرب حاله حال المئات من الجزائرين العالقين في الولايات التونسية.
جزائرية رفقة أولادها بدون مأوى
من الأمثلة مواطنة جزائرية متزوّجة بتونسي، طلّقها زوجها منذ 6 أشهر ثم طردها للشارع وهي تحمل بين يديها رضيعا ذو العام والنصف، دون مأوى ودون مال، فلولا «أولاد الحلال» كما تقول لكانت في عداد الموتى، استطاعت أن تجد مأوى لها ولابنها بين جيرانها السابقين، لكن لم تجد المال لاقتناء احتياجاتها اليومية من حفاظات وحليب للرضيع، حيث كان العالقون الجزائريون يدا واحدة بالرغم من المعاناة، ليقوموا بمساعدة بعضهم البعض حسب استطاعتهم في صورة يشكّلها هؤلاء للرحمة والتعاون والتضامن أينما كانوا.
معانة أخرى، بعد عقد قرانها وتجهيز كل مستلزماتها للذهاب كعروس لبيتها الزوجية بتونس لم تكتمل فرح أمينة ولا زوجها بعد غلق الحدود أين توقّفت كل إجراءات العرس ليظل العريسان ينتظران الفرج شهرا بعد شهر.
عبد الهادي لم ير ابنه مذ ولادته
يروي عبد الهادي المنحدر من ولاية سيدي بلعباس، أخصائي أطراف صناعية في الجامعة الليبية، تفاصيل مأساته وهو يذرف الدموع شوقا لرؤية واحتضان فلذة كبده، انتقل من ليبيا لتونس لأن الحدود البرية بين الجارتين الليبية والتونسية مفتوحة، وصولا الى معبر الحدود بوشبكة أين رفض ترخيصه بالدخول للأرضي الجزائرية، بعد صدور القرار الرئاسي بغلق الحدود، حيث شعر عبد الهادي بحزن وإحباط كبيرين خاصة وأنه لم يرى ابنه صاحب العام منذ ولادته.
لا تختلف حكاية التونسيين العالقين في الجزائر كثيرا عن حكاية أشقائهم الجزائريين، إذ وجدوا أنفسهم عالقين في الجزائر بعد أن جاؤوا لزيارات عائلية لبضعة أيام دامت عدة أشهر وهم بعيدين عن أهلهم وأبنائهم في معاناة أقل ما يقال عنها أنها مأساة إنسانية.
في حين رفض عدد من الجزائريين والتونسيين عبور الحدود عن طريق الحرقة والطرق غير القانونية التي يستعملها بعض المهربين مقابل مبالغ مالية، لم يجد البعض الآخر حلا غير اللجوء لهذا الإجراء رغم ما يحويه من مخاطر على حياتهم، ومخالفات قانونية قد تودي بهم لأروقة العدالة، إلاّ أنها السبيل الوحيد للرجوع لوطنهم ورؤية أهلهم وأقاربهم بعد غلق الحدود لعدة أشهر.