باستدعاء رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الهيئة الناخبة، انطلق رسميا السباق نحو الغرفة السفلى، تحسبا لإجراء التشريعيات يوم 12 جوان المقبل، موعد لا يفصل عنه سوى 3 أشهر، سيكون حافلا بمفاجآت، نظرا للشروط والضوابط الجديدة التي جاء بها قانون الانتخابات الجديد، الذي صدر بالتزامن مع استدعاء الهيئة الناخبة، بعد قراءة أخيرة للنص من طرف المجلس الدستوري.
إذا كانت تشكيلات سياسية استبقت الحدث وبدأت باكرا عملية تسخين العضلات، من خلال تكثيف الظهور الإعلامي وتنشيط تجمعات شعبية عبر ولايات من الوطن، فإن نوابا سابقين لم ينتظروا طويلا للإعلان عن عزمهم خوض غمار الاستحقاقات المسبقة، بعد قرار الرئيس حلّ المجلس الشعبي الوطني، الشهر الماضي، في إطار استكمال الإصلاحات السياسية التي بدأها من استفتاء الشعب حول دستور جديد.
بداية إعلان الترشح
أول المعلنين عن نية خوض غمار موعد جوان المقبل، النائب عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي عن ولاية باتنة، حكيم بري عبر منشور له عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، نشره مباشرة بعد إعلان استدعاء الهيئة الناخبة أعلن «عن ترشحه للانتخابات التشريعية».
إلى ذلك، كان نواب سابقون قد أعلنوا عن خوض غمار هذه الاستحقاقات، والعودة إلى مقاعد قصر زيغود يوسف. وعديد منهم لم يستسغ بعد إنهاء عهدتهم الاستثنائية التي عرفت عدة محطات، أولها إنهاء عهدة رئيس مجلس النواب سابقا الراحل السعيد بوحجة وما ترتب عن قضية «الكادنة»، ليشهد المبنى في الحراك الشعبي شللا تاما، تواصل بسبب فيروس كورونا، إذ توقفت السلطة التشريعية عن عملها استجابة للإغلاق الكامل في أوجّ انتشار الجائحة.
وبما أن الرئيس تبون اختار إجراء التشريعات منفردة، دون أن تكون متزامنة مع الانتخابات البلدية والولائية، وبحسب الأصداء الصادرة من المجلس الشعبي الوطني قبل حله، فإن عددا من البرلمانيين السابقين والمقبلين على خوض التشريعيات، عادوا من جديد لربط اتصالاتهم، للتقرب من المواطنين في محاولة لكسب تعاطفهم في المحطة المقبلة. في حين ستشهد الجزائر انتخابات محلية، ربما الخريف المقبل، على أكثر تقدير، لاستكمال شرعية كل المجالس.
ولاشك أن الدستور الجديد الذي لا يمكّن «المعمرين» في الغرفة السفلى من الترشح، وأنهى بذلك عهدا كاملا من جيل من البرلمانين، (عهدتان متتاليتان أو منفصلتان )، سيمكن وجوها جديدة من اقتحام الحقل السياسي، خاصة الشباب منهم، بعد أن رفعت حصتهم الى النصف، حيث يرجح بروز «نواب جدد» بعد مرور أكثر من عقدين، خاصة من الجامعيين، وحتى من العنصر النّسوي الذي أصبح يقاسم الرجال القوائم الانتخابية.
مشهد جديد
كما سيكون إبعاد شرط الحصول على نسبة 4 بالمائة في آخر انتخابات تشريعية، فرصة سانحة للأحزاب الفتيّة من ولوج العملية الانتخابية لأول مرة في مشهد جديد وغير مألوف ستعرفه انتخابات جوان المقبل.
وهي إشارات طمأنة أرسلها الرئيس إلى قادة التشكيلات السياسية التي استقبلها منذ منتصف شهر فيفري الماضي، حيث لم يستثن أحدا منها سواء كانت التشكيلات العريقة، أو الجديدة، المعارضة أو المهادنة، بحثا عن الوصول إلى مناخ سياسي يتشكل من كل الأطياف.
فإلى جانب أن الانتخابات المسبقة، ستكون الأولى من نوعها، حيث تشرف عليها هيئة مستقلة برئاسة محمد شرفي، فإنّ الرئيس تبون قدم تعهدات بضمان نزاهة التشريعيات المقبلة، في ظل وضع ترسانة قانونية من أجل محاربة شبهة المال الفاسد وحماية العملية الانتخابية ككل.
والملاحظ لتاريخ 12 جوان 2021، سيجد أنه نفس تاريخ أول انتخابات تعددية في الجزائر المستقلة التي جرت في 12 جوان 1990، وهو تاريخ «رمز» اختاره الرئيس تبون ربما لما يحمله من دلالات سياسية، ستكشف الأيام القادمة عنها.