تركّز أنظار الشارع الوهراني في هذه الأيام على مسألة ارتفاع أسعار المنتجات الفلاحية، وخاصة اللحوم البيضاء، التي تعتبر أهم مصادر البروتين، فعلى ضوء الارتفاع الفاحش لأسعار اللحوم الحمراء والأسماك بمختلف أنواعها، لتلتحق هي الأخرى بقائمة المواد الغذائية الممنوعة على المواطن البسيط.
يأتي ذلك على خلفية «التذبذب» الذي شهدته أسواق «اللحوم البيضاء» منذ بداية أزمة «الكرونا»؛ إذ انخفضت حينها الأسعار إلى مستويات قياسية، بسبب التراجع الحاد في الطلب، جرّاء انخفاض مداخيل الأفراد والأسر، وإيقاف جميع الأنشطة التجارية، ما نجم عنه خسائر مادية كبيرة، دفعت الكثير من المربّين لاعتزال المهنة.
وقد أدّت السلسلة المتتالية من الزيادات في الأسعار إلى ارتفاع سقف الجشع والطمع الذي تتبناه فئة كبيرة من التجار، كوسيلة وغاية لتحقيق الأرباح، خلال المناسبات والأزمات على نحو يستدعي تشديد الرقابة وضبط توازنات السوق، لاسيما مع اقتراب الشهر الفضيل.
وفي ضوء ذلك، اتّصلت «الشعب» بالغرفة الفلاحية لولاية وهران لتحديد أسباب ارتفاع أسعار اللحوم البيضاء، والتوقعات المقبلة، حيث أكّد الأمين العام للغرفة، زدام الهواري، أنّهم «يتفهّمون حالة الإحباط والتذمر التي سبّبها الارتفاع الجنوني لأسعار اللحوم البيضاء، مع اقتراب الشهر الفضيل»، لافتا إلى أن الأزمات التي يشهدها القطاع بين الفينة والأخرى، تؤثر على كل المتدخلين في السلسة الغذائية، بدءا من المستثمر إلى المستهلك النهائي.
وقد أرجع محدثنا ارتفاع أسعار اللحوم إلى عدّة عوامل متشابكة، أبرزها ارتفاع تكاليف الإنتاج من الكهرباء، اليد العاملة، البيطرة والدواء، وبشكل خاص الغذاء الذي يمثل 60 - 70 % من تكلفة الكيلوغرام الواحد، في حين أنّ 70 % من المواد الأولية التي تدخل في إنتاج الماشية بمختلف أنواعها «مستوردة»، ومنها الذرة، الصوجا والفيتامينات، وهو ما يجعل القطاع مربوط بقوانين الأسواق العالمية، وفق نفس المصدر.
تنظيم القطاع يبدأ بتحديد الاحتياجات
كما تطرّق نفس المسؤول إلى مشاكل أخرى يتخبّط فيها القطاع بسبب الفوضى واضطراب العرض والطلب، وهو ما جعله يشدد على ضرورة الإسراع في وضع آليات لتنظيم إنتاج الدجاج «اللاحم»، انطلاقا من تحديد الاحتياجات الوطنية على مدار السنة، كوسيلة لضبط إنتاج الصيصان من الأمهات، وعلى هذا الأساس، يضيف المتحدث، «يتم توزيعها على المربين».
ونوّه زدام فيما يخص هذه النقطة إلى المربين غير النظاميين الذين يموّلون السوق المحلية بأكثر من 50 بالمائة من اللحوم البيضاء والبيض، مؤكدا مواصلة الجهود من أجل تشجيع هذه الفئة على الانضمام إلى المسار الشرعي للإنتاج، بهدف حماية المستهلك والمربي، على حد سواء.
وفي السياق، أوضح محدّثنا بأنّ ارتفاع عدد المربين يؤدي إلى الوفرة وانخفاض الأسعار، ويتسبّب من ناحية أخرى في خسارة كبيرة للمربّين الصغار، الذين يجدون أنفسهم مجبرين على اعتزال المهنة، ومن ثم يقل العرض وترتفع الأسعار، مرّة أخرى، وهذا ما حدث خلال الأشهر الأولى لتفشي فيروس كورونا.
كما شدّد على ضرورة تكثيف الرقابة لكسر المضاربة، كأهم مطلب ينادي به المستهلك في السوق المفتوحة التي يتحكم فيها العرض والطلب والمضاربة، وسط مطالب متجدّدة بالإسراع في الإفراج عن دفتر الشروط المعد من طرف وزارة الفلاحة والتنمية الريفية بهدف تنظيم شعبة إنتاج أمهات الدجاج (الكتكوت)، وضمان ضبط السوق بصفة مستمرة.
توقّعات متفائلة بانخفاض الأسعار في رمضان
في الختام، توقّع الأمين العام للغرفة الفلاحية أن تشهد الأسواق المحلية وفرة وتحسّنا كبيرا في العرض خلال الدورة الجديدة لتزامنها مع شهر رمضان، باعتباره من المناسبات الهامة التي ينتظرها المهنيون كل عام لمضاعفة الإنتاج، كما قال.
ويبقى المستهلك الحلقة الأقوى في الحفاظ على استقرار الأسعار، وضمان التموين المنتظم للسوق بالسلع والخدمات، من خلال مقاطعة السلع ذات الأسعار المرتفعة وترشيد الاستهلاك وعدم التبذير، كوسيلة لمواجهة المضاربة والاحتكار.
كما تجدر الإشارة، إلى أنّ وهران أنتجت خلال سنة 2020، زهاء 235 ألف و350 قنطار من اللحوم البيضاء، من بينها 176 ألف و750 قنطار دواجن، و58 ألف و600 ديك رومي، وفقا للإحصائيات الرسمية الصادرة عن الغرفة الفلاحية.
وكانت «الشعب» قد عالجت في أعدادها السابقة مختلف جوانب هذه الشعبة بالتحليل والنقاش، ،مواكبة المتغيرات وتطورات القطاع، مع تحديد الحلول والبدائل لتحقيق الاستقرار في الأسواق، من بينها ربورتاج حول واقع شعبة الدواجن في ظل كورونا صدر بتاريخ 9 جوان 2020.