دعا أكاديميون وممثلو تنظيمات طلابية، إلى انخراط «فعلي» للأسرة الجامعية في الشأن العام، وتقديم إسهامات نوعية في الفضاء السياسي والاقتصادي والجمعوي. وأكدوا أن انتخابات تجديد المجالس المنتخبة، تشكل فرصة لعودة النخب العلمية إلى تصدر الصف الأول بعد سنوات الغياب والتغييب.
لا يمكن أن يقتصر دور الجامعة الجزائرية ومنتسبيها، على المجالين البحثي والبيداغوجي، فقد حان الوقت، بحسب أستاذة ومختصين، كي تقدم حلولا وإجابات جادة لما يتطلع إليه المجتمع.
وأفاد هؤلاء، لدى مشاركتهم في لقاء تحت عنوان: «الأسرة الجامعية والشأن العام»، من تنظيم مبادرة «المسار الجديد»، بفندق الرياض، بالعاصمة، أمس، بأن التشريعيات المقبلة، تمثل المحطة الأولى لعودة إلى النخب العلمية والجامعية «تحديدا» للمساهمة في البناء الديمقراطي والمؤسساتي للبلاد.
وأيد مستشار وزير التعليم العالي والبحث العملي، مرسلي لعرج، هذه الدعوات، مؤكدا أن الوزارة الوصية وضعت «الانفتاح على المحيط الاقتصادي والاجتماعي كأولوية»، وأبرمت العديد من عقود الشراكة والاتفاقيات مع مختلف القطاعات.
وأفاد بأن انخراط الجامعة في الشأن العام، سيتجسد بنجاعة أكبر من خلال القانون التوجيهي للتعليم العالي الجاري مراجعته، مراعاة للتطورات الحاصلة ومسايرة للروح الجديدة التي عرفها المجتمع الجزائري، من أجل تحقيق ازدهاره ورفاهيته.
وبحسب المتحدث، يمكن للجامعة أن تساهم في ترقية الحياة السياسية بعيدا عن «التسييس السلبي»، من خلال مرافقة كل عمل سياسي بالمعنى العلمي، بما يسمح بإدارة شؤون الدولة وتقديم إجابات دقيقة عن حاجات المجتمع.
وبالنسبة للخبير في القانون الدستوري، نذير عميرش، فإن التشريعيات المنتظرة في 12 جوان المقبل، تشكل أول محطة لعودة النخب الجامعية إلى المجالس المنتخبة، وكل الهيئات التنفيذية والرقابية التي ينص عليها الدستور.
ورافع عميرش في مداخلته، من أجل بلوغ الجامعيين المجلس الشعبي الوطني والمجالس البلدية والولائية، وليس الاكتفاء فقط بالتواجد في قوائم الترشيحات بنسبة الثلث، مثلما يحدده القانون العضوي للانتخابات.
وقال إن التجديد النصفي لمجلس الأمة المقرر في ديسمبر المقبل، يجب أن يفضي إلى وصول كفاءات لا تقل مستوى عن حصة الثلث الرئاسي الذين يعينهم رئيس الجمهورية من الكفاءات الوطنية وذوي المسارات المهنية المرموقة.
ولفت المتحدث، إلى أن ترقية المشاركة الفعلية للأسرة الجامعية في البناء المؤسساتي والديمقراطي، يجسد روح الدستور، مشيرا إلى أن نصف تشكيلة المحكمة الدستورية، ستكون من الجامعيين (أستاذة القانون الدستوري)، لافتا إلى العمل النيابي (التمثيلي) ومثلما يحتاج إلى الحنكة السياسية يحتاج أيضا إلى المعرفة العلمية.
من جانبه، وجه أستاذ التاريخ بجامعة وهران، البروفيسور رابح لونيسي، نداء إلى «الأكاديميين»، دعاهم فيها إلى التخلي عن سياسة الكرسي الشاغر، في الحياة السياسية، وقال: «إن ما نعتقده كلنا بضحالة الخطاب والأداء السياسي، لنا مسؤولية فيها لأننا ابتعدنا عن العمل السياسي».
وأكد أنه لا يجب أبدا تصديق مقولة «فقدان الأستاذ الجامعي لمصداقيته بمجرد انخراطه في حزب سياسي، لأنها متعمدة لدفعنا دفعا إلى الاستمرار في سياسة الكرسي الشاغر»، مضيفا أن السياسة هي طرح الحلول والأفكار والبدائل، تكون أقوى كلما طبعت بلمسة الأكاديميين.
وخلال ذات اللقاء، الذي نظمته مبادرة «المسار الجديد»، دعا ممثلو منظمات طلابية إلى الانخراط الإيجابي في الحياة السياسية، معتبرين أن تشريعيات 12 جوان فرصة لا ينبغي تفويتها.
وعرف اللقاء قراء توصيات أربع ورشات، أعدها أستاذة جامعيون ومختصون، تمحورت حول كيفية مساهمة الجامعة في الحياة السياسية والاقتصادية وتنظيم المجتمع.
والمسار الجديد هو مبادرة توفر فضاء للمجتمع المدني وحاملي مختلف الأفكار السياسية للنقاش وطرح الحلول حول الراهن السياسي والاقتصادي للبلاد، وينظم تجمعات أسبوعية تقريبا بمختلف ولايات الوطن.