صدر مؤخرا كتاب لعبد الرحمن مقاتلي بعنوان «من الولاية السادسة إلى الولايات المتحدة، شهادة ابن البرواقية خلال ثورة التحرير الوطنية» يتضمن مذكرات بعد وفاته من أجل تسليط الضوء على التاريخ المجهول للولاية السادسة إبان ثورة التحرير الوطنية.
يتناول هذا العمل، من 258 صفحة، والصادر عن منشورات «رافار»، المسار النضالي لعبد الرحمن مقاتلي (1935-2016)، نجل قائد الخلية السرية لجبهة التحرير الوطني بالبرواقية، ثم قائد جيش التحرير الوطني الذي عمل بالولاية السادسة، التي تشمل منطقة جنوب البلاد.
ويتطرق أحمد مقاتلي، الذي التحق بصفوف المجاهدين بعد لقاء جمع والده بسي الشريف (علي ملاح)، في سنة 1965، ليصبح محافظا سياسيا ومقرب كثيرا من سكان المنطقة، اول لقاء له في الجبال مع علي ملاح حول جمع الاشتراكات والاسلحة وتجنيد المسبلين.
كما أشار الكاتب إلى الاجتماع الأول والوحيد في الولاية السادسة، وإلى إنشاء وتنظيم هذا الأخير من قبل علي ملاح، الذي كان يريد تجنيد إطارات وتوسيع المناطق ومواصلة مجهود تعبئة الموارد البشرية والمالية.
وتم تكليف أحمد مقاتلي بإنشاء مركز قيادة المنطقة الثانية (2) وخدماتها الصحية، بمشاركة سليم زميرلي في هذه الولاية الجديدة التي سيصبح لها أيضا مصلحة الصحافة، والتي ستضم المجاهدين الذين تم تجنيدهم حديثا، سيما منهم الطلبة وتلاميذ الثانويات، الذين التحقوا بصفوف جيش التحرير الوطني، والمناضلين الذين فروا من العاصمة بعد القمع الوحشي خلال معركة الجزائر.
كما ساعد أيضا، في إصدار صحيفة «صوت الصحراء»، التي لم تصدر إلا في مناسبة واحدة، بالتعاون مع الملازمين أوصديق وأحمد حمدي من الولاية الرابعة.
وفي معرض تناوله للولاية السادسة، اوضح الكاتب انها تتميز بكونها آخر منطقة يتم انشاؤها، ثم حياة قصيرة وغير مستمرة : أوت 1956-اكتوبر 1957، جويلية 1958- افريل 1960 ثم أوت1961 الى 1963،كما انها المنطقة التي ارادت السلطة الاستعمارية «ان تنشئ بها قوة ثالثة، من اجل اضعاف جبهة التحرير الوطني، من خلال دعم وتسليح الجنرال بلونيس وجيشه الوطني للشعب الجزائري».
كما كانت هذه المنطقة صاخبة بشكل خاص، أولا بسبب اضطرابات عنيفة داخل جبهة التحرير الوطني في سنة 1960، بين مؤيدي ومعارضي حلها، ومن خلال اغتيال وإعدام ثلاثة من قادتها ألا وهم علي ملاح الذي اغتيل في سنة 1957 وسي الطيب الجغلالي الذي اغتيل في سنة 1959 ومحمد شعباني الذي أعدم في سنة 1964.
وعاد الكاتب بتفاصيل أكبر الى النزاع مع محمد بلونيس، والاتفاق الذي توصل إليه مع الجيش الاستعماري، من أجل «محاربة الجبهويين والشيوعيين»، والحفاظ على جيشه، وتلقي «المساعدات من السلاح والألبسة والمواد الطبية»، و»عدم وقف القتال إلا بعد تسوية القضية الجزائرية».
كما قدم شهادته عما عايشه من مؤامرة شريف بن سعيدي وتأثيرها على الولاية السادسة، بالاعتماد على شهادة الرائد عز الدين بخصوص اغتيال علي ملاح، وفرار شريف بن سعيدي.
وأشار عبد الرحمن مقاتلي كذلك، إلى «مغامرته» باتجاه مدينة وجدة بالمغرب، من اجل استرجاع أسلحة خاصة بالولاية السادسة، تحت قيادة سي الطيب الجغلالي.
وبعد المغرب، توجه عبد الرحمن مقاتلي إلى القاهرة، حيث ساعده مسؤولون في الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، على مواصلة دراساته كمهندس في البترول بالولايات المتحدة، ليعود منها في سنة 1964 حاملا شهادات عليا، ليخدم في البحث والصناعة البترولية في الجزائر، إلى غاية 1971، حيث استأنف دراسته للحصول على الدكتوراه.
وعلى إثر خيبة أمل جديدة، وخلافات جديدة بالجزائر ثم بالعربية السعودية، انتقل في سنة 1986 للعمل كمحلل مالي في قطاع الطاقة بالبنك العالمي، ثم كباحث في جامعة أمريكية.
للتذكير فإن عبد الرحمن مقاتلي، قد توفي في سنة 2016، ليقوم نجله العربي مقاتلي بجمع مذكراته ونشرها مؤخرا في هذا الكتاب.