طوارئ في أوساط العائلات

استنفار مع بداية العد التّنازلي للامتحانات

استطلاع: فتيحة كلواز

الاستثناء الصّفة الغالبة على تحضيرات التلاميذ

مع انطلاق العد التنازلي لموعد امتحانات نهاية السنة، أعلنت الكثير من العائلات الجزائرية حالة طوارئ تحضيرا للموعد الحاسم، لذلك تحاول الكثير منها توفير الجو الملائم للمراجعة والتركيز من أجل تحقيق النجاح والانتقال إلى مستوى أعلى، ليعيش أفرادها استنفارا تاما ينتهي مع آخر إجابة يكتبها المعني باجتيازه على ورقة الامتحان.

اقتربت «الشعب» من بعض الأولياء لتسألهم عن آخر استعداداتهم للامتحانات الرسمية، التي ستجري بداية من 2 جوان تاريخ إجراء امتحان شهادة التعليم الابتدائي، ثم شهادة التعليم المتوسط من 15 إلى 17 جوان، وأخيرا البكالوريا من 20 الى 24 جوان، بالإضافة إلى امتحانات الفصل الثالث لمختلف الأطوار الدراسية.

استثنائية بكل المقاييس
صبرينة سبيلي، أمّ لثلاثة أطفال، اثنان منهم يدرسان في الطور الثاني والثالث سنة ثالثة ثانوي، حيث أجابت عن سؤال «الشعب» قائلة: «في كل مرّة يقترب فيها موعد الامتحانات أصاب بحالة من التوتر والخوف الشديد بسبب أبنائي الثلاثة الذين يرفضون ترك ألعابهم الالكترونية والتركيز في الدراسة، ما اضطرّني إلى اتخاذ قرار منع الانترنت في المنزل، فقد رفضت دفع الاشتراك الشهري للأنترنت حتى أبقي تركيز أبنائي منصبّا على الدراسة وامتحانات الفصل الثاني، خاصة وان السنة الدراسية اقتصرت على فصلين فقط، لذلك كان من الضروري بما كان عمل كل ما يمكنه إعادة اهتمام أبنائي إلى الدراسة».
وأضافت سبيلي: «أثّر الانقطاع الطويل عن الدراسة بسبب جائحة كوفيد-19 سلبا على مدى استعداد المتمدرسين لاستقبال مختلف المكاسب المعرفية، الأمر الذي صعّب من مهمة الأستاذ والاولياء في نفس الوقت، بالنظر الى إعادة تكييف البرنامج الدراسي ليتلاءم والوضع الاستثنائي للسنة الدراسية، فبعض الدروس حذفت، وأخرى قلصت، فيما تم الإبقاء على أخرى بالرغم من ان فهمها يتطلب فهم الدروس المحذوفة او المقلصة، الامر الذي ادخل التلميذ في حالة تشبه ضياع وتشتّت، لذلك كان علينا كأولياء مضاعفة جهودنا من اجل فهم أفضل للبرنامج الدراسي، وبالتالي نتائج مرضية في الامتحانات والفروض الفصلية». وعن ابنها المعني باجتياز شهادة البكالوريا، قالت جميلة:
«تمنّيت لو اجتازها في سنة عادية بعيدا عن كل تلك الظروف الاستثنائية التي ميزت السنة الماضية وهذه السنة، فلا يمكن اعتبار كل تلك الإجراءات المصاحبة لانطلاق السنة الدراسية عاملا محفّزا أو مساعدا لتحقيق النجاح، حقيقة أنّ الوضع تجاوز الجهات الوصية لأنه وباء عالمي ولا يمكن التخلي عن اعتماد خطة محددة للمحافظة على المؤسسات التعليمية مفتوحة، لكن غلقها المبكر السنة الماضية جعل من هذه السنة كابوسا حقيقيا للتلاميذ، بسبب وقوعهم ضحية اشاعات كثيرة شتت تركيزهم وأبعدتهم عن الهدف الأهم الحصول على شهادة البكالوريا…».
محمد بوطاوي، أب لتلميذين معنيين بامتحانات شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا، وصف الحالة التي يعيشها عند رده على سؤال «الشعب» قائلا: «مع اقتراب موعد الامتحانات شهر جوان المقبل يزداد شعوري بالتوتر، الخوف والتردد، ما جعلني أعلن حالة استنفار قصوى في البيت، فقد وضعت لهما جدول توقيت ينظم حصص المراجعة ووقت الراحة وكذا الدروس التدعيمية، خاصة وان الفصل الثاني عرف اضطرابا كبيرا بسبب إضراب الأساتذة، الذي عقّد من وضع سنة بدأت استثنائية، لذلك وقع على الأولياء عبء إضافي للإبقاء على أبنائهم في حالة استقرار نفسي من أجل تركيز أكبر وفهم أفضل للدروس وتحصيل معرفي كامل للبرنامج الدراسي».
ولاحظ بوطاوي قائلا: «وجد التلاميذ أنفسهم في حيرة كبيرة بعد دخول الأساتذة في إضراب بسبب خوفهم من عدم استكمال البرنامج الدراسي، ما يؤثّر على مواضيع الامتحانات، ومع رفض الجهات الوصية للعتبة احتار التلاميذ في وجهتهم من أجل إكمال برنامجهم الدراسي دون متاعب ولا اضطرابات، لذلك كانت الدروس التدعيمية الحل الأنسب للتحرر من تبعية الأستاذ الذي اختار التصعيد لتحقيق مطالبه الاجتماعية دون أخذه وضعية التلاميذ وامتحاناتهم الرسمية بعين الاعتبار».
خوف وتردّد
نزيم بن محمد، طالب في السنة ثالثة ثانوي شعبة رياضيات، يقول عن استعداداته لامتحان آخر السنة إنّه موعد مصيري يرى فيه المنعرج المحدد لوجهة مستقبله سواء الاكاديمي او المهني، حيث قال «كان عليّ في الأيام الأخيرة الانتقال الى السرعة القصوى لبلوغ هدف الحصول على شهادة البكالوريا بامتياز او على الأقل بملاحظة جيد جدا، لكن الامر ليس بهذه السهولة لأنك مطالب بفهم جيد للدروس واستيعاب كامل لها، مع تكريس كل وقتك للدراسة من اجل بلوغ حلمك في ولوج عالم الجامعة، ولولا ذلك لما كانت البكالوريا امتحانا مصيريا وبوابة الى مستقبل يزداد وضوحا كلما كان معدلك مرتفعا لأنه يمنحك حق اختيار أفضل التّخصّصات».
واستطرد بن محمد قائلا: «منذ ثلاث سنوات فشل أخي في تحقيق حلم والدتي في الحصول على شهادة البكالوريا، بل رفض حتى إعادة السنة وتوجّه إلى أحد المعاهد الخاصة للدراسة، لذلك تضع أمي كل آمالها وأحلامها على عاتقي ما يضاعف مسؤوليتي اتجاهها خاصة وأنّها تركت دراساتها العليا للاعتناء بنا بعد طلاقها من والدي، والنجاح هو اقل شكر أقدمه لها تقديرا لتضحياتها وتعبها طوال سنوات من اجلنا»، مضيفا في نفس الوقت «يرى الكثير من زملائي في كورونا ظرفا استثنائيا أثر سلبا على تركيز وقدرة استيعاب التلاميذ، لكن عكس ذلك تماما أراه عاملا محفزا خاصة أن نظام التفويج منح التلميذ وقتا أكبر للمراجعة وحفظ الدروس، ووقتا إضافيا للدروس التدعيمية، خاصة تلك التي تشرف على تقديمها مدارس خاصة تعيد تدريس البرنامج كاملا للتلاميذ».
بينما يجد زميله، منصف بوجملين، الحديث عن الامتحانات الرسمية ضغطا إضافيا على كل تلميذ معني بها، حيث قال:
«يحاول الأولياء إبقاءك في حالة استعداد للامتحانات منذ اليوم الأول من السنة الدراسية دون أن يعوا أنهم بذلك يزيدون من شدة الضغط النفسي والمعنوي على التلميذ، فيكفي أن تقول تعبت أو أنك تشعر بالإرهاق حتى يشغل الأب أو الأم أسطوانة من «جدّ وجد» و»من زرع حصد» و»حكاية النملة والصرصور»، في صورة لا يمكن وصفها فهما يتناسيان انك مجرد كائن يحتاج إلى الراحة، والبقاء بعيدا عن ضغط الدراسة لفترة، تخيل أن والدتي طلبت مني اخذ كراريسي عند ذهابنا لزيارة جدي في ثاني أيام عيد الفطر، ألا أستطيع البقاء بعيدا عن المراجعة حتى يوم العيد، في الحقيقة قاومت بشدة قرارها لكن في النهاية حملت كراريسي لتحميني من غضبها الجارف».
وتأسّف منصف قائلا: «بعد عطلة عيد الفطر اقترح بعض الأساتذة تدريس التلاميذ ساعات إضافية بـ 500 دينار للساعة الواحدة، ما يعني وضع الكثير من الأولياء محل ابتزاز من طرف هؤلاء المعلمين، الذين يستغلون الظرف الاستثنائي للسنة الدراسية من اجل تحقيق ربح سريع كما فعل التجار في شهر رمضان، فقد أصبح لكل شيء ثمنه في سوق غاب عنها الضمير وحضر قانون الربح والخسارة».

بعيدا عن التّوتّر والقلق
يحتاج المقبل على الامتحانات الرسمية أو الفصلية إلى معاملة خاصة تبعده عن التوتر والضغط حتى لا يفقد تركيزه، خاصة على ضوء الوضعية الاستثنائية التي تعيشها الجزائر بسبب الأزمة الصحية، لذلك يحتاج التلميذ إلى تهيئة نفسية وتربوية، حيث يجد الكثير منهم مشاكل جمّة يوم الامتحان بسبب كيفية التحضير والاستعداد والتصورات التي وضعوها حول هذا الامتحان، إضافة إلى الضغوط التي تمارسها الأسر على أبنائها في الأيام الأخيرة قبل الامتحانات خاصة شهادتي التعليم المتوسط وشهادة البكالوريا.
لذلك وجب أن يعلم التلميذ أنّه أمام امتحان عادي كسائر الامتحانات، له نكهته الخاصة بالنظر الى طبيعة التنظيم، عدد التلاميذ والحراس داخل القاعة، التجنيد الكبير أمنيا وإداريا وأسريا، بالإضافة الى انه محور اهتمام كل أفراد المجتمع، لذلك كانت الثقة أهم عامل فارق بين تلميذ وآخر، الى جانب الاستعداد الجيد لهذه المواعيد الحاسمة بعيدا عن الضغط والتوتر.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024