أكّد الباحث والمهتم بالثقافات الشعبية مولود فرتوني، أنّ “الناير” احتفالية تضيف للتراث، وتضفي تنوّعًا وتعدّدًا في الثقافة الشعبية، كما تثري مدوّنة تراثنا الممتد والعريق.
يقول الشّاعر والكاتب مولود فرتوني في حديثه لـ “الشعب”، إنّ معرفته واطلاعه عن “الناير” تشير إلى أنه متعلق بموسم فلاحي يُحتفل به في السنة الفلاحية، ويستند توقيته إلى ما يُعرف بالتقويم الفلاحي الذي يتبعه الفلاحون في تنظيم مواسم الغرس والحرث.
وأضاف صاحب رواية “سرهو” في السياق نفسه: “إنّهم يقومون باستهلاك المؤونة المخزنة للشتاء من مختلف الحبوب الجافة، مع تخزين مؤونة الشتاء القادم. ولعل ما يميز فلاحي مناطقنا الصحراوية هو إعداد الطعام من مختلف ما تنتجه الأرض من الحبوب”.
وفي سياق آخر، يرى المتحدّث أنّ ما يُصطلح عليه بـ “الناير” كان لدى شعوب شمال إفريقيا مناسبة للاحتفال بجودة الموسم الفلاحي والتفاؤل بموسم قادم أفضل. فهي مناسبة يُحتفل بها في الجزائر، المغرب، تونس، وليبيا، وتبدأ الاحتفالات من 12 يناير إلى 15 يناير.
كما أشار رئيس اتحاد الكتّاب الجزائريين، فرع عاصمة الأهقار، إلى أن البعض يربط “الناير” بالتقويم الأمازيغي، والمتعلق بانتصار القائد الأسطوري الأمازيغي شيشناق. ومع ذلك، هناك من لا يعرف شيئًا عن هذا القائد، ويحتفلون بالمناسبة باعتبارها تقليدًا اجتماعيًا فقط متعلقًا بموسم فلاحي تجتمع فيه العائلات لتعزيز أواصر المحبة بين أفرادها.
ويواصل مولود فرتوني قائلًا: “هذه الممارسة تثبتها الميثولوجيا الاحتفالية لدى شعوب شمال إفريقيا عمومًا، حيث ارتبط بعضها بالتراث الزراعي، وبعضها الآخر بالجانب الحكائي المتعطش لصناعة البطل الأسطوري الذي تُربط به الأحداث التاريخية، بغض النظر عن صحتها. وهذا أمر طبيعي في ثقافة الشعوب على اختلاف مشاربها، ولا ينبغي أن يولّد احتقانًا لدى البعض”.
وأكّد في ختام حديثه على ضرورة عدم إبعاد “الناير” عن طبيعته المتعلقة بالفلاحة والزراعة بعموميتها. وعلى الرغم من أنه قد يُنسب لفئة دون أخرى، إلا أنّه يظل تنوعًا في ثقافتنا الشعبية، وهو تنوع متعدد ومثرٍ لمدونة تراثنا الممتد والعريق.
