مالكي لـ “الشعب”: تشكيل لجان مختلطة بكل الولايات لمتابعة تموين الأسواق
شدّد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على حماية نظام الوفرة في المنتجات الفلاحية والسلع الغذائية بالأسواق الوطنية خلال شهر رمضان الفضيل المُرتقب حلوله في غضون ستة أسابيع، من خلال القيام بحملات رقابية مبكّرة عبر ولايات الوطن لمتابعة وضعية التسويق التي تشهد إنزالا كبيرا للمواد الزراعية على وجه الخصوص بأسعار مناسبة ومنخفضة.
أسدى رئيس الجمهورية في اجتماع مجلس الوزراء الملتئم أمس الأول، توجيهات وأوامر وتعليمات تخص التدابير والترتيبات المتعلقة بشهر رمضان الفضيل، تتضمّن ضرورة التحلي بالحذر واليقظة إزاء محاولات المساس بنظام الوفرة في الأسواق الوطنية، وتحيين وتكثيف أنظمة الرقابة، مع مواصلة مكافحة المضاربة بتسليط أقصى العقوبات القانونية ضد كل محاولات ممارستها.
وفي هذا الشأن، قال الباحث المختص في الشأن الاقتصادي فريد مالكي، إنّ رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون وضع ضمن أولوياته المحافظة على القدرة الشرائية للمستهلكين الجزائريين، وذلك بالعمل على عدم المساس بالوفرة الحاصلة في السلع، والتنازل عن حقوق ضريبية لفائدة المواطن، في إطار تحقيق الأمن الغذائي بما يضمن حياة كريمة للسّاكنة.
وأكّد مالكي في تصريحه لـ “الشعب”، أنّه مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، يُلاحظ وجود وفرة كبيرة في المنتجات الإستراتيجية المختلفة، وللمحافظة على الوضعية يتعين تشكيل لجان مختلطة على مستوى كل دوائر ولايات الوطن، تكون مهمتها متابعة عملية تموين الأسواق المحلية والوطنية بالمواد الأساسية واسعة الاستهلاك مثل المواد الفلاحية والغذائية ومراقبة أسعارهما، بهدف ضمان استمرار وفرتها أثناء كل فترة الصيام وما بعدها.
كما أشار المختص إلى ضرورة مراقبة الكميات المستوردة من السلع، خاصة اللحوم الحمراء والبيضاء من طرف المتعاملين الاقتصاديين، ورصد وحماية أسعارها على مستوى كل الدوائر والبلديات، والوقوف على وتيرة سير مختلف القطاعات المحلية الفاعلة، وتتبُّع عملية تموين الأسواق بالمواد الأساسية واسعة الاستهلاك.
وتابع المصدر ذاته: “يُشكّل ملف الأمن الغذائي أولوية قصوى لدى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، حيث وجّهه ودفعه نحو العمل على مسارات متوازية لتحقيق هذا الهدف الإستراتيجي، من خلال إطلاق سياسات زراعية كبرى، وإطلاق مشروعات استثمارية عملاقة لتوفير السلع الفلاحية والغذائية وزيادة الإنتاج الوطني، فضلاً عن تفعيل المزيد من أدوات وآليات الرقابة وضبط الأسواق بصرامة لمنع أي مظاهر احتكارية مثلما أكّده رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء الأخير”.
بالتوازي مع ذلك، تسعى الدولة إلى توفير احتياطات تخزينية إستراتيجية هامة من السلع الأساسية، وحمايتها وصونها وفق المعايير الدولية المعمول بها، وتعزيز قدرة الاقتصاد الجزائري ومرونته في مواجهة التداعيات المترتّبة على الأزمات والمتغيرات السياسية والاقتصادية في الإقليم والعالم، وهو ما بات محل تقدير وإشادة من مختلف المؤسسات الدولية المالية المعنية، يذكر الباحث المختص في الشأن الاقتصادي، فريد مالكي.
ومن جانبه، أوضح أستاذ العلوم الزراعية بجامعة قاصدي مرباح في ولاية ورقلة، البروفيسور عبد الباسط بومادة، أنّ شهر رمضان الفضيل يعد فرصة لتعزيز قيم التكافل والتضامن الاجتماعي، حيث يتزايد فيه الطلب على المواد الغذائية بشكل ملحوظ وخاصة المنتجات الفلاحية.
وأبرز بومادة في حديث مع “الشعب”، أنّ شهر رمضان يمثل فرصة لتعزيز التعاون بين الجهات والسلطات المعنية بحماية الأسواق والمنتجين، سواء كانوا فلاحين أو مستثمرين أو مؤسسات إنتاجية خاصة وحكومية، لضمان وفرة المنتجات واستقرار أسعارها على المدى الطويل.
وأضاف الأستاذ أنّ مرافقة الفلاحين لاسيما الصغار منهم للاستفادة من عامل التسويق المباشر في الأسواق دون الحاجة إلى وسطاء، والاستثمار في غرف التبريد لتخزين وتأمين السلع على مدار السنة، وتطبيق الصرامة القصوى في مواجهة المضاربة والاحتكار، عوامل أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والعدالة الاقتصادية، ومن خلالها يمكن ليس فقط ضمان وفرة المواد خلال شهر الصيام الكريم، وإنّما تعزيز استدامة القطاع الزراعي لخدمة المجتمع والأجيال القادمة باقتدار.
كما اقترح بومادة عدّة إجراءات يمكن اتخاذها لتعزيز مسألة التسويق الزراعي في ظل الوفرة الإنتاجية ببلادنا، منها إنشاء أسواق مباشرة للفلاحين وتخصيص فضاءات للمزارعين مؤقتة أو دائمة في المدن الكبرى خلال شهر رمضان، على أن تُدار بالتنسيق بين البلديات والغرف الفلاحية الولائية بغية تسهيل وصول المنتجين إلى المستهلكين، وكذا مواصلة تقديم الدعم اللوجستي عبر توفير وسائل نقل مبردة ومنخفضة التكلفة لنقل المنتجات الزراعية من المزارع إلى الأسواق الجوارية والوطنية.
واستطرد المتحدث بالقول إنّ “الاستثمار في غرف التبريد لضمان ديمومة الوفرة من أهم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي الجزائري في شهر رمضان، وفي باقي فصول السنة، لتحقيق القدرة الكافية على تخزين الفائض من الإنتاج وضمان استمرارية عرضه بشكل مناسب ومتواصل، إذ تتجلى هنا أهمية الاستثمار في غرف التخزين والتبريد التي تُعد وسيلة إستراتيجية لمكافحة التقلبات الموسمية، ومواكبة وفرة المواد الفلاحية الموسمية وغير الموسمية.
علاوة على ذلك، يتطلّب الأمر تشجيع الاستثمار في هذا المجال عبر تقديم حوافز مالية وإعفاءات ضريبية، وقروض مدعمة للمستثمرين الراغبين في إنشاء هذا النوع من الهياكل القاعدية الأساسية، مع القيام بشراكات واسعة بإدارة مشتركة تعاونية بين الفلاحين والجهات المحلية الرسمية لإنجاز غرف تخزين، فضلا عن التوزيع الجغرافي المتناسق بوضع غرف التبريد في مواقع قريبة من المناطق الفلاحية الكبرى المنتجة بغرض تقليل تكاليف النقل والوقت”.
إلى ذلك، لفت البروفيسور عبد الباسط إلى أنّ المضاربة والاحتكار يعدّان من أبرز التحديات التي تهدّد وفرة السلع واستقرار الأسعار خلال شهر رمضان، فبينما يبذل الفلاحون جهوداً كبيرة لإنتاج المحاصيل والخضروات، يستغل المضاربون الوضع لتحقيق أرباح غير مشروعة على حساب المنتج والمستهلك على حدّ سواء، ولمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة، حسبه، يتوجّب اتخاذ تدابير صارمة تشمل تعزيز الرقابة، وتكثيف حملات التفتيش والمراقبة على كل الأسواق والمخازن، وتحديد هويات التجار المتلاعبين بالأسعار أو الممارسين لعملية التخزين غير القانوني، ومواجهتهم بتطبيق عقوبات رادعة كفرض الغرامات المالية المغلظة، وسحب التراخيص التجارية نهائياً.