العلاقات الجزائرية- الإيطالية تتقوّى وتوجِّه رسائل سياسية واقتصادية

نموذج للتـعاون الاستراتيجــي.. والصداقـــة المتينــة

علي مجالدي

تعاون يكرّس ركائز التعاون الاستراتيجي بين الضفتين الشمالية والجنوبية للمتوسط 

الجزائر “ورشة كبيرة” لمشاريع اقتصادية مربحة وتسهيلات للاستثمارات الأجنبية

تواصل كل من الجزائر وإيطاليا تعزيز شراكتهما الثنائية، حيث باتت العلاقة بين البلدين نموذجًا يحتذى به للتعاون المتوسطي القائم على منطق “رابح- رابح”، وهو ما تجسد أكثر من خلال زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، أنطونيو تاجاني، إلى الجزائر ولقائه برئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.
الشراكة لا تقتصر فقط على الجانب التجاري، بل تمتد إلى مجالات حيوية تمس الأمن الطاقوي والاستثمارات الصناعية والتبادل التجاري، مما يجعلها إحدى ركائز التعاون الاستراتيجي بين الضفتين الشمالية والجنوبية للمتوسط.
وتحظى الجزائر بمكانة مركزية في الأمن الطاقوي الأوروبي، حيث تُعتبر أحد أهم الممونين لإيطاليا بالغاز الطبيعي عبر خط أنابيب “ترانسميد” الذي ينقل سنويًا أكثر من 25 مليار متر مكعب من الغاز. وتعززت هذه الشراكة أكثر سنة 2023 بعد الاتفاق على إنجاز مشروع أنبوب جديد يربط الجزائر بإيطاليا، يتميز بقدرته على نقل الغاز، الهيدروجين، الأمونياك والكهرباء، ما يعكس رؤية مستقبلية تجعل الجزائر مركزًا رئيسيًا للطاقة في المنطقة، وتسهم في تحقيق أمن طاقوي مستدام للقارة الأوروبية.
ولا تقتصر الشراكة بين الجزائر وإيطاليا على مجال الطاقة فقط، بل يمتد التعاون إلى القطاع الصناعي، خاصة في صناعة السيارات، حيث شهدت السنوات الأخيرة استثمارات كبرى، أبرزها مشروع مصنع فيات الذي بدأ فعليا في الإنتاج. المصنع، الذي أنتج حتى الآن حوالي 20 ألف مركبة، يتوقع أن يرفع طاقته الإنتاجية إلى 80 ألف مركبة سنويا، مع نسبة إدماج محلية من الممكن أن تتجاوز 50٪ في السنوات المقبلة. هذا المشروع لا يعزز فقط الصناعة المحلية، بل يدفع أيضًا الجزائر نحو التحول إلى قطب صناعي إقليمي قادر على تلبية الطلب المحلي والتصدير نحو الأسواق الإفريقية والأوروبية.

الاستثمار في الأمن الغذائي
علاوة على ذلك، لم يقتصر التعاون الجزائري- الإيطالي على الطاقة والصناعة فقط، بل امتد ليشمل القطاع الفلاحي، حيث تم الإعلان عن مشروع زراعي ضخم بالشراكة مع مجموعة “BF” الإيطالية على مساحة 36 ألف هكتار في ولاية تيميمون بقيمة استثمارية تناهز 420 مليون يورو.
 يهدف هذا المشروع إلى تعزيز الأمن الغذائي والاستفادة من الخبرة الإيطالية في تطوير الإنتاج الزراعي وتحقيق اكتفاء ذاتي في الحبوب والبقوليات.
ونالت المجموعة الإيطالية، الأسبوع الماضي، عقد الامتياز الخاص باستغلال الأراضي الفلاحية، واقتنت معدات جد متطورة، للبدء في المرحلة الأولى من الإنتاج.
وفي إطار تعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين، تم عقد المائدة المستديرة لريادة الأعمال، أمس الأول، بحضور كبار المسؤولين ورجال الأعمال من الجانبين، حيث ترأس اللقاء وزير الدولة، وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب ونظيره الإيطالي أنطونيو تاجاني، بمشاركة وزراء ورجال أعمال بارزين من البلدين.
خلال الحدث، أكد عرقاب أن الجزائر تمثل “ورشة كبيرة” لمشاريع اقتصادية كبرى، تشمل الزراعة، السياحة، المناجم، الطاقات المتجددة والمواصلات، داعيًا المستثمرين الإيطاليين إلى استغلال الفرص المتاحة، لاسيما في قطاعات الطاقات المتجددة وصناعة السيارات والتحويل الصناعي.
من جانبه، شدد تاجاني على ضرورة تنويع الاستثمارات الإيطالية في الجزائر، معتبراً أن هناك آفاقًا واعدة في قطاعات السياحة، الفلاحة، البنية التحتية، والبناء. كما أشار إلى أهمية المواقع الأثرية الرومانية في الجزائر، كعامل جاذب لتطوير السياحة والاستثمار المشترك في هذا المجال.
وتعكس هذه التحركات، رؤية الجزائر وإيطاليا في بناء علاقات اقتصادية وتجارية نموذجية قائمة على المصالح المشتركة والتعاون متعدد الأبعاد. وبالرغم من أن إيطاليا تعد حاليا أحد أكبر الشركاء الاقتصاديين للجزائر، إلا أن المجال لايزال مفتوحًا لمزيد من الاستثمارات في قطاعات الصناعة، الفلاحة، السياحة والطاقات المتجددة، وفق مقاربة تجعل من الجزائر قطبًا اقتصاديًا محوريًا في منطقة المتوسط.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19819

العدد 19819

الخميس 10 جويلية 2025
العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025