تتواجد بأدرار والجلفة وجيجل ضمـن عمليات إعـادة تأهيل

وزارة الصناعة تسابــق الزمن لبعـث نشاط مصانع حيويـة

فايزة بلعريبي

تكريس الإنصاف التنموي وتحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة على الصعيد الكلي

 شرع وزير الصناعة، سيفي غريب، في الوقوف على عمليات إعادة تأهيل عديد المصانع، في أقرب الآجال الزمنية، موجها باتخاذ التدابير اللازمة لإعادة بعث نشاطها. ومن شأن ذلك أن يبعث الحركية الاقتصادية في عديد الولايات ويرفع من مساهمة القطاع في الناتج الداخلي الخام.
 توجّه وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني، غريب سيفي، منذ يومين، إلى ولاية أدرار، أين قام بزيارة معاينة لمصانع الإسمنت بـ “تيمقطن” ومصنع الآجر بفوغنيل إلى جانب مطحنة الحبوب، ويجري العمل على إعادة بعث نشاطها وفي أقرب الآجال.
وكان رئيس الجمهورية، قد أسدى تعليمات صارمة بإعادة تأهيل وبعث مصنعي أدرار والجلفة لإنتاج الإسمنت ومصنع سحق البذور الزيتية في جيجل، قبل نهاية ماي المقبل. وكلها مصانع مسترجعة من عائدات الفساد وحوّلت للمجمعات الصناعية الكبرى، حيث ستتولى تشغيلها وفق نموذج تسيير قائم على النجاعة.
وحول هذا الموضوع، أوضح الخبير في السياسات الإقتصادية، البروفيسور فارس هباش، أنّ الجزائر تتجه اليوم نحو الريادة القارية في العديد من المجالات، لا سيما القطاعات الحيوية كإنتاج مواد البناء، مشيرا إلى أنّ مصنع الإسمنت، بمنطقة “تيمقطن” بأدرار الذي تم تدشينه في ديسمبر 2017، وبقدرة إنتاجية تصل إلى 1.5 مليون طنّ/سنويا، من مختلف أنواع الإسمنت مع خطط مستقبلية للرفع من قيمة الإنتاج إلى 3 ملايين طنّ/سنويا، بإضافة خط انتاج ثاني، سيوفر 1100 منصب شغل، منها 400 منصب دائم.
وقال هباش لـ “الشّعب”، عن المصنع الذي توقف عن الإنتاج لمدة ثلاث سنوات، بعد مصادرته في ماي 2022، واستعادته لصالح المجمع العمومي “جيكا للإسمنت” في أوت 2024، في إطار عملية استرجاع الأموال المنهوبة، كإلتزام تعهد به رئيس الجمهورية، سيعزّز من حافظة مجمّع “جيكا للإسمنت”، الذي يعتبر رائدا قاريا في مجال إنتاج الإسمنت، بطاقة إنتاجية بلغت 19 مليون طنّ/سنويا، وسيسمح تشغيل مصنع أدرار بأسرع وقت ممكن، من دعم الإنتاج الوطني من مادة الإسمنت، وتوفير فرص العمل في المنطقة، في إطار الإنصاف التنموي وتحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة على الصعيد الكلي.
أما بالنسبة لمصنع الإسمنت بعين الإبل بولاية الجلفة، فقد أمر رئيس الجمهورية بالإسراع في استكمال جميع المراحل التقنية التي تسبق تشغيل المصنع، نظرا لأهميته في تعزيز القدرات الوطنية لإنتاج الإسمنت.
في هذا الصدد، قدم هباش بعض الأرقام والإحصائيات الخاصة بقطاع الإسمنت بالجزائر، حيث بلغت قدراتها الإنتاجية 18 مصنعا موزعة عبر مختلف ولايات الوطن، بطاقة إنتاجية بلغت 39 مليون طنّ/سنويا سنة 2022، مع توقعات بارتفاع هذه الأرقام بعد دخول مصنعي أدرار وجلفة حيّز الخدمة. ويقدّر الطلب المحلي على مادة الاسمنت 21 مليون طنّ/سنويا، ما يؤكّد وجود فائض في الإنتاج، يوجه إلى التصدير.
ومع تجاوز القدرة الإنتاجية لحاجيات الطلب المحلي، في مادة الإسمنت، تابع ذات المتحدث، فقد توجهت الجزائر إلى الأسواق الخارجية لتسويق الفائض من إنتاجها من الإسمنت، حيث استحوذت على حصص سوقية مهمة بكل من إيطاليا بقيمة اقتصادية بلغت 113 مليون دولار، بلجيكا 89 مليون دولار، وفرنسا 172 مليون دولار، إلى جانب حصص سوقية بكل من أمريكا اللاتينية وآسيا.
وتبقى دول الجوار والعمق الإفريقي، الوجهة ذات الأولوية ضمن إستراتيجية التجارة الخارجية الجزائرية، حيث صدّرت الجزائر ما قيمته 680 مليون دولار سنة 2023، ما يمنحها ترتيبا قاريا رياديا، كثالث أكبر بلد مصدّر لمواد البناء على المستوى القاري. تصنيف سيتعزّز، حسب ذات المتحدث، في ظل الطلب الإفريقي المتزايد على مواد البناء الجزائرية، حيث تعرف معظم الدول الإفريقية نهضة تنموية كبرى، خاصة ما تعلّق بالبنى التحتية والمنشئات القاعدية الكبرى، إلى جانب إعادة إعمار ليبيا، التي تعتبر أهم الأسواق المهتمة بالمنتجات الجزائرية في مجال مواد البناء من إسمنت وكلينكر والسيراميك.
البذور الزيتية.. خطوة نحو الإكتفاء الذاتي
 من جهة أخرى، تطرّق فارس هباش إلى مصنع سحق البذور الزيتية “كتامة” بجيجل، الذي سيشكل حلقة محورية في خطوة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتنويع الاقتصاد الجزائري، مؤكّدا أنّ تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الواردات، يعدّان من أهم الأهداف الإستراتيجية للجزائر في إطار تنويع مصادر الدخل.
وفي هذا السياق، يمثل المصنع أحد المشاريع الصناعية الرائدة، حيث يساهم بشكل كبير في دعم الإنتاج الوطني للزيوت النباتية، ممّا يقلّل من فاتورة الاستيراد ويفتح آفاقا جديدة نحو التصدير إلى الأسواق الخارجية. كما يعكس هذا المصنع توجه الجزائر نحو تعزيز الصناعات الغذائية، التي تعد إحدى الركائز الأساسية للحد من التبعية للمحروقات.
وقال الخبير الاقتصادي، أنّ قطاع الصناعات الغذائية يعتبر من القطاعات الحيوية التي تعزّز الأمن الغذائي وتدعم الإقتصاد الوطني. حيث سيساهم مصنع الزيت “كتامة” في تعزيز إنتاج الزيوت النباتية محليا، ممّا يقلّل من اعتماد الجزائر على استيراد هذه المادة الحيوية.
ووفقا للتقارير الرسمية، التي استند إليها المتحدث، تقدر الطاقة الإنتاجية للمصنع بحوالي 2.16 مليون طنّ سنويا، حيث يخصص 20% منها لإنتاج الزيوت النباتية، في حين يستغل 80% منها لإنتاج الأعلاف الحيوانية، ممّا يجعله لاعبا أساسيا في سلسلة الإمداد الغذائي الوطني، بالنظر إلى حجم الواردات الجزائرية من الزيوت، والتي كانت تكلّّف الخزينة العمومية، ملايين الدولارات سنويا، حيث سيساهم تشغيل هذا المصنع في تقليل هذه التكاليف بشكل كبير، وبالتالي تقليل العجز التجاري وتحسين الميزان الاقتصادي.
دعــم الاقتصـاد الوطنـي
 إلى جانب تلبية الاحتياجات المحلية، يفتح مصنع الزيت “كتامة” آفاقا واعدة للتصدير إلى الأسواق الخارجية، خاصة في ظل تنامي الطلب العالمي على الزيوت النباتية. وتظهر الإحصائيات، وفق ذات المتحدث، أنّ الجزائر استطاعت تحقيق 576 مليون دولار كعائدات من تصدير المنتجات الغذائية خلال سنة 2021، ما يشير إلى إمكانية دخول المصنع في هذه السوق التنافسية، ممّا يساهم في زيادة العائدات الوطنية من خارج قطاع المحروقات. وبالتالي تكون الجزائر قد نجحت في تنويع اقتصادها والتخلص من التبعية للمحروقات. حيث تشكّل الصناعات غير النفطية جزءا أساسيا من إستراتيجية الجزائر لتنويع الاقتصاد.
ومصنع سحق البذور الزيتية، يؤكّد ذات المتحدث، ليس مجرّد مشروع صناعي، بل يمثل خطوة مهمة في مسار تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، إضافة إلى كونه نموذجا يجسّد رؤية الجزائر في تنويع مصادر الدخل الوطني. ومع التوجه نحو التصدير وتعزيز الإنتاج المحلي، يمكن لهذا المصنع أن يساهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، ممّا يساعد الجزائر في التحرّر التدريجي من التبعية للمحروقات والاندماج بشكل أكبر في الاقتصاد العالمي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19819

العدد 19819

الخميس 10 جويلية 2025
العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025