موازنة بين مصلحة المواطن والمربي والحفاظ على استقرار الأسواق وحماية السلالات المحلية
قطع الطريق أمام المضاربين وضمان وصول الأضاحي للمواطنين بأسعار معقولة
قرار جاء في الوقت المناسب ويعكس رؤية واسعة لحماية القــدرة الشرائيــة
تشديد الرقابة البيطرية لضمان سلامة المواشي المستوردة وخلوها مـــن الأمـــراض
رحبت تنظيمات فلاحية ومهنية، بقرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بإمكانية استيراد مليون رأس من المواشي كخطوة هامة، تهدف إلى التخفيف من الأعباء المالية التي تواجه الأسر الجزائرية خلال عيد الأضحى، في ظل ارتفاع أسعار الأضاحي في السنوات الأخيرة. واعتبرت هذا القرار “صائبا” و«شجاعا” يعكس رؤية واسعة للدولة ويهدف إلى تحقيق التوازن بين مصلحة المواطن والمربي، مع الحفاظ على استقرار السوق وحماية السلالات المحلية.
اعتبر رئيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين عبد اللطيف ديلمي، قرار رئيس الجمهورية المعلن في مجلس الوزراء، المنعقد أول أمس، والمتعلق بإمكانية استيراد مليون رأس من المواشي تحسبا لعيد الأضحى، “قرارا شجاعا” يعكس قدرة الجزائر على تلبية احتياجات مواطنيها.
وأوضح ديلمي في تصريحه لـ “الشعب”، أن هذا القرار يأتي في ظل الظروف المناخية الصعبة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة، حيث تراجع إنتاج الثروة الحيوانية بسبب الجفاف، ومع ذلك هناك جهود للحفاظ على الثروة الحيوانية المحلية التي تشهد تكاثرا.
وأكد رئيس اتحاد الفلاحين الجزائريين، أهمية توفير جميع الإمكانات اللازمة لدعم الإنتاج الحيواني، بما في ذلك المواد العلفية والأدوية والمياه، منوها بتعليمات رئيس الجمهورية التي أسداها في نفس الاجتماع لتكوين الشباب في مجالات تربية الماشية وإنتاج اللحوم الحمراء، مما سيفتح المجال أمامهم للحصول على التمويل والترخيص اللازمين لممارسة هذه المهنة.
وبخصوص آليات تنفيذ قرار استيراد المواشي، حيث أمر رئيس الجمهورية بأن تتكفل مؤسسات وهيئات الدولة المختصة في المواشي بعملية الاستيراد، أوضح ديلمي أنها تهدف إلى قطع الطريق أمام المضاربين وضمان وصول الأضاحي للمواطنين بأسعار معقولة، معبرا عن أمله في أن تتمكن التعاونيات والدواوين من تنظيم السوق وتقديم المنتجات للمواطنين بأسعار مناسبة.
وعبر المتحدث عن تفاؤله بقدرة الفلاحين والمنتجين على توفير جميع أنواع اللحوم للمواطنين، وعودة الثروة الحيوانية إلى سابق عهدها في المستقبل القريب.
قـــــــــرار فـــــــــــــــي وقتـــــه
بدوره نائب رئيس فيدرالية مربي المواشي إبراهيم عمراني، وصف قرار رئيس الجمهورية باستيراد مليون رأس من المواشي بـ “خطوة صائبة” جاءت في الوقت المناسب، وهو قرار يعكس رؤية واسعة تهدف إلى حماية القدرة الشرائية للمواطنين وضمان توفير الأضاحي بأسعار معقولة. ومع ذلك، فإن نجاح هذا القرار، بحسبه، يبقى مرهونا بمدى فعالية تنفيذ الإجراءات المصاحبة له، خاصة ما يتعلق بمراقبة المواشي المستوردة ومنع تسربها إلى القطعان المحلية، حمايةً السلالات الوطنية.
وقال عمراني في تصريح لـ “الشعب”، إن قرار استيراد المواشي جاء بعد ظروف صعبة عرفتها شعبة تربية المواشي في الجزائر، حيث تعرض القطاع لمشاكل عديدة، أبرزها عدم استقرار السوق بسبب نقص الأعلاف وارتفاع تكاليف الإنتاج، ما أدى إلى تراجع أعداد القطعان المحلية، واستغلال المضاربين للأوضاع الاقتصادية ما ساهم في ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه.
في هذا السياق، أوضح أن تدخل رئيس الجمهورية جاء كحل عاجل يراعي مصلحة الأغلبية، دون الانحياز لفئة معينة، مؤيدا هذه الخطوة لأنها تصب في مصلحة المواطن بالدرجة الأولى. لكنه شدد في الوقت نفسه، على ضرورة فرض رقابة صارمة على المواشي المستوردة لضمان استخدامها لأغراض الذبح فقط، وليس لتربيتها ضمن القطعان المحلية، لما قد يسببه ذلك من تهديد للسلالات الوطنية.
وحذر عمراني من تكرار تجربة ثمانينيات القرن الماضي، عندما تم استيراد سلالة “المينينوس” التي أثرت، مثلما قال، بشكل سلبي على القطعان الجزائرية حتى اليوم. لذا طالب بتوجيه المواشي المستوردة حصريا للذبح، مع فرض رقابة صارمة لضمان عدم اختلاطها بالقطعان المحلية.
واقترح عمراني، مجموعة من التدابير لضمان نجاح عملية الاستيراد، أبرزها تشديد الرقابة البيطرية لضمان سلامة المواشي المستوردة وخلوها من الأمراض، مع التأكد من توجيهها مباشرة إلى المذابح، وإصدار وصل تسلسلي لكل أضحية، ويتم تسليم هذا الوصل للمواطن، ليتمكن من استلام أضحيته بعد ذبحها في مذابح معتمدة، ما يضمن عدم تسريب هذه المواشي إلى السوق المحلية بغرض التربية.
ودعا عمراني، إلى ضرورة اعتماد برامج علمية وتقنية داخل التراب الوطني لتحسين السلالات المحلية، بدل اللجوء إلى استيراد سلالات أجنبية قد تؤثر سلبا على القطعان الوطنية.
وإلى جانب قرار الاستيراد، أكد عمراني أن إعادة الاعتبار لشعبة تربية المواشي، يتطلب أيضا تشجيع الشباب على الاستثمار في هذا المجال، عن طريق تقديم الدعم التقني والتكويني للراغبين في دخول هذا المجال، لضمان نجاح مشاريعهم وفق أسس علمية وتقنية حديثة، وهو ما أمر به رئيس الجمهورية في اجتماع مجلس الوزراء المنعقد، أول أمس، ورحبت به فيدرالية مربي المواشي.
كما طالب بتوفير الأعلاف بأسعار معقولة لتقليل تكاليف الإنتاج وتشجيع المربين على مواصلة نشاطهم وتطوير هذه الشعبة على أسس علمية وتقنية حديثة، لأنه يبقى الحل الأمثل لتحقيق الاكتفاء الذاتي مستقبلا، ما يغني الجزائر عن اللجوء إلى الاستيراد بشكل دوري.