إطـلاق برامـج كبرى لتطـوير القطـاعـات
تسعى الجزائر تحت قيادة رئس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، إلى تدارك العجز في جميع الميادين، من خلال حلول جذرية ودائمة بإطلاق مشاريع عملاقة لتطوير القطاعات التي شهدت أزمات في وقت سابق، وتوليد الثروة والوفرة ومنع تكرار الندرة، ووضعت لذلك جدولا زمنيا صارما لآجال الإنجاز، يقف عليه رئيس الجمهورية شخصيا عبر المتابعة الدورية وعقد مجالس وزراء للاستماع إلى نتائج تقدم الإنجاز وإسداء التعليمات.
اعتمد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، على مقاربة الحلول الجذرية، للتعامل مع النقائص التي عانت منها البلاد لعدة سنوات وفي مختلف المجالات، ما جعلها تتأخر عن ركب التنمية وتقف عاجزة أمام انشغالات المواطنين.
ومن أجل هذا المسعى، أطلق الرئيس تبون مسيرة تدارك النقائص في شتى المجالات، مثلما صرح به، أمس الأول، ببومرداس، من خلال تجنيد كافة قدرات البلاد، وإبرام شراكات مع الدول وكبرى الشركات في مختلف القطاعات، من أجل تحقيق قفزة في التنمية وتحقيق الاكتفاء الذاتي لمعظم القطاعات بإطلاق مشاريع عملاقة وبمبالغ ضخمة.
هذه المسيرة التي بدأت تظهر ملامحها بشكل واضح، تضع آفاق 2027 كمحطة لقطف معظم الثمار، مما يستدعي مضاعفة الجهود لبلوغ الأهداف المسطرة في هذه الفترة الوجيزة، ولعل ما تم إنجازه لحد الآن يؤكد أن ما كان مستحيلا أصبح ممكنا بفضل السواعد الوطنية.
الرئيس تبون، رفض مواجهة معضلة شح الأمطار بالحلول الترقيعية أو الرهان على صبر المواطن وتعوده، بل أوفى بوعوده التي قطعها في مجال توفير المياه الشروب وتأمين الحاجة الوطنية منه، من خلال إطلاق برنامج عملاق لإنجاز خمس محطات جديدة لتحلية مياه البحر في ظرف قياسي وبسواعد جزائرية.
وأشرف، الثلاثاء، على تدشين محطة كاب جنات-2 بولاية بومرداس، وهي رابع محطة تدخل حيز الخدمة من أصل خمس، في ولايات تيبازة (فوكة)، بومرداس (كاب جنات)، الطارف (كدية الدراوش)، بجاية (تيغرمت)، ووهران (الرأس الأبيض).
وتدخل هذه الإنجازات في إطار تعزيز الأمن المائي للجزائر وبتكلفة إجمالية قدرت بـ2.4 مليار دولار وتبلغ الطاقة الإنتاجية لكل محطة 300 ألف متر مكعب يوميًا، بواقع إنتاج 1.5 مليون متر مكعب يوميا، ويتطلع أن تبلغ نسبة التغطية بالمياه من محطات التحلية إلى 62٪ من الحاجة الوطنية.
وبدخول المحطة الخامسة المنتظر تدشينها، ستحتل الجزائر المرتبة الأولى أفريقيا والثانية عربيًا بعد السعودية، في قدرات إنتاج محطات تحلية مياه البحر، في انتظار إطلاق إنحاز ست محطات جديدة قبل نهاية 2027، بحسب ما أعلن عنه السيد الرئيس.
الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي
وضع رئيس الجمهورية تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، ركيزة لبرنامجه الرئاسي وتعهداته 54 خلال العهدة الأولى، وجعل من العهدة الثانية استمرارا لعزمه على جعل الجزائر هي من تنتج غذاءها والكف عن استيراد ما ينتج وطنيا ويحقق الاكتفاء، حفاظا على العملة الصعبة وحماية من تقلبات السوق الدولية.
وقد اتضح سداد توجه الرئيس هذا، في أزمة كورونا التي عصفت بالعالم أشهرا فقط بعد توليه الرئاسة، وأبانت عن أنانية الدول المنتجة للحبوب، والغلق الذي زاد الأمور سوءاً لكثير من الدول التي لم تملك مخزونا استراتيجيا كافيا.
وعليه، أبرمت الجزائر عقدي شراكة من أضخم العقود على الإطلاق، الأول مع شركة قطر «بلدنا»، لإنجاز مشروع منظومة فلاحية صناعية متكاملة لتربية الأبقار وإنتاج الحليب المجفف ومشتقاته، على مساحة إجمالية قدرها 117 ألف هكتار، بتكلفة 3.5 ملايير دولار. ويتكون المشروع من ثلاثة أقطاب: مزرعة لإنتاج الحبوب والأعلاف، ومزرعة لتربية الأبقار وإنتاج الحليب واللحوم، ومصنع لإنتاج مسحوق الحليب.
ويوفر المشروع الذي ينبغي أن ينطلق في أقرب الآجال، 50٪ من الاحتياجات الوطنية من مسحوق الحليب محليا، وتزويد السوق المحلية باللحوم الحمراء، والمساهمة في رفع عدد رؤوس القطيع الوطني من الأبقار.
اكتفاء ذاتي من الحبوب
من جهة أخرى وضمن التوجه نحو رفع حصة الإنتاج الوطني من الزراعات الاستراتيجية، أبرمت الجزائر اتفاقية بين وزارة الفلاحة والشركة الإيطالية «بونيفيشي فيراريزي» (Bonifiche Ferraresi-BF)، لإنجاز مشروع متكامل بقيمة 420 مليون أورو، لإنتاج الحبوب والبقوليات والعجائن الغذائية في ولاية تيميمون، على غرار القمح، العدس، الفاصولياء المجففة والحمص، بالإضافة إلى تشييد وحدات تحويلية لتصنيع العجائن الغذائية.
وقد بدأ الشريك الإيطالي أولى خطوات الإنتاج، بعدما تحصل قبل أيام على عقد الامتياز الخاص باستغلال مساحة الأراضي المخصصة لاحتضان المشروع.
ومع ترقب تحقيق الاكتفاء الوطني من مادة القمح الصلب، هذا الموسم، أمر رئيس الجمهورية، ببناء صوامع للتخزين بعدة ولايات بسعة 1 مليون طن، يجري إنجازها من قبل عدة شركات، ستضمن تخزين الإنتاج الوطني المتزايد وتعزيز المخزون الاستراتيجي للبلاد.
تطوير النقل
نظرا لأهميته اللوجستية في تطوير اقتصاد الدول، أولت الجزائر أهمية خاصة لتطوير النقل عبر السكك الحديدية، في إطار توجه الدولة نحو تعزيز البنية التحتية، استمرارا للمكتسبات المحققة منذ 2020. وتوج هذا المسعى بإنشاء المجمع العمومي لإنجاز السكك الحديدية، شهر ديسمبر 2024، للتكفل بإنجاز المشاريع الكبرى المهيكلة لتوسيع شبكة السكك الحديدية الوطنية وتدعيم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وخصص للبرنامج غلاف مالي ضخم بلغ 8 ملايير دولار. وقد شهد القطاع دفعة قوية منذ 2020، بزيادة طول الشبكة إلى 4722 كيلومترا، وهي مرشحة لتبلغ 6500 كيلومتر عند اكتمال البرنامج الجاري إنجازه، و15 ألف كيلومتر بحلول 2030، ومد خطوط دولية نحو دول الجوار الجنوبي، وإعادة بعث خط الحزائر- تونس بعد 30 سنة من التوقف. لتكون شبكة السكك الحديدية في الجزائر الأطول عربيا وأفريقيا.
ومن أجل ذلك، تقوم الشركة القائمة على الإنجاز الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية، بإعادة تأهيل وصيانة خطوط السكك الحديدية الحالية، وخصص لذلك أكثر من 41 مليار دج، مع العمل على تطوير 80 محطة لنقل المسافرين وتجديد أنظمة الإشارة والاتصالات.
ولعل من أهم الخطوط التي تم الشروع في إنجازها هو خط تندوف- بشار- غار جبيلات، على مسافة 950 كلم، نظرا لمردوديته الاقتصادية المتوقعة، ومساهمته في قطاع الصناعة والتعدين.
وأمر رئيس الجمهورية في آخر اجتماع لمجلس الوزراء، بالشروع فورا في إنجاز خط السكة الحديدية، الأغواط- تمنراست، وخط غرداية- أدرار، وهما مشروعان يحملان أبعادا اجتماعية واقتصادية كبيرة للجنوب الكبير ويمتدان إلى الجوار الإقليمي.
إحياء صناعة السيارات
تعتزم الجزائر التحول إلى إنتاج السيارات محليا، بعد الأزمة التي تسببت فيها مصانع وهمية في فترة سابقة. ومن أجل ذلك، فتحت باب الاستثمار أمام أكبر علامات تصنيع السيارات الأجنبية، حيث قدمت 30 شركة طلبات لإقامة مصانع للسيارات في الجزائر، على غرار «فيات» الإيطالية و»هيونداي» الكورية.
وترمي الجزائر من خلال هذه الخطوة إلى بلوغ نسبة 35٪ في صناعة أجزاء السيارات محليًّا بحلول العام 2026. وكانت شركة «فيات» الإيطالية أول المستثمرين، ودخلت مرحلة الإنتاج المحلي نهاية عام 2023، بطاقة إنتاج أولية تبلغ 50 ألف سيارة من 4 طرازات، ليصل إلى 80 ألف سيارة سنة 2026.