أكّد وزير الثقافة والفنون، زهير بللو، أمس، خلال إشرافه على افتتاح أشغال الندوة الفكرية المنظمة بمناسبة إحياء ذكرى عيد النصر 19 مارس 1962، أنّ هذا الحدث يمثّل نقطة تحوّل حاسمة في تاريخ الجزائر، حيث شكّل محطة فاصلة بين مرحلة الكفاح المسلّح ومرحلة بناء الدولة المستقلة.
أوضح زهير بللو أنّ تنظيم هذه الندوة الفكرية يهدف إلى تعزيز الوعي التاريخي وترسيخ قيم الثورة التحريرية، مشدّدًا على أنّ استلهام روح النصر ضرورة لمواجهة التحديات الراهنة.
وأشار الوزير إلى أنّ هذه المناسبة الوطنية تتزامن مع تحوّلات هامة تعيشها الجزائر اليوم، ممّا يستوجب العودة إلى مبادئ الثورة التحريرية كمرجع أساسي لتعزيز الوحدة الوطنية. كما نوّه بالمجهودات التي يبذلها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في سبيل صون مبادئ الثورة وضمان مستقبل مزدهر للجزائر في مختلف المجالات، بما في ذلك الثقافة، الاقتصاد، التربية والصناعة.
وأكّد بللو، أنّ الثورة الجزائرية لم تكن مجرّد كفاح مسلّح، بل كانت أيضًا ثورة فكرية وثقافية، حيث كان للمثقفين والأدباء دور محوري في دعم القضية الوطنية، سواء عبر سلاح الكلمة والإبداع الفني أو بالمشاركة المباشرة في المقاومة. واستشهد في هذا السياق بأسماء بارزة مثل مفدي زكريا، مولود فرعون، ورضا حوحو، الذين كان لهم إسهام عظيم في الدفاع عن الهوية الجزائرية وتوثيق معاناة الشّعب تحت نير الاستعمار.
كما شدّد الوزير، على أهمية الثقافة والفنون كقوة ناعمة تعكس هوية الأمة وتطلعاتها نحو المستقبل، مؤكّدًا أنّ إحياء الذاكرة الوطنية من خلال الإبداع الأدبي والفني مسؤولية جماعية. ودعا في السياق ذاته إلى مواصلة الجهود لتعزيز الروح الوطنية وترسيخ قيم النصر لدى الأجيال الصاعدة.
شهدت الندوة تقديم مجموعة من المداخلات العلمية التي تناولت تجليات عيد النصر في الأدب والفنّ الجزائري، بمشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين المتخصّصين في التاريخ والأدب والفكر. حيث أكّد الدكتور علال بيتور، أنّ 19 مارس 1962 كان يوما مفصليا في مسار الثورة الجزائرية، حيث مثّل تتويجًا لنضال طويل خاضه الشّعب الجزائري من أجل استعادة سيادته الوطنية.
وأشار الدكتور عبد الحميد بورايو في مداخلته المعنونة بـ «التعبير عن لحظة الانتصار في نماذج من الشّعر الشّعبي»، إلى أنّ الشّعر الشّعبي كان مرآة صادقة للمشاعر الوطنية، حيث عبّر عن لحظة النصر عبر قصائد وأغانٍ احتفالية خلّدت الاستقلال.
من جهته، أبرز الدكتور عبد السلام يخلف في مداخلته الموسومة بـ «مالك حداد والتحرّر: وهج النصر في نبض الكلمة الأولى»، أنّ الأديب مالك حداد استشرف لحظة النصر منذ أحداث 8 ماي 1945، حيث عبّر في كتاباته عن قناعته الراسخة بأنّ الاستقلال كان حتميا.
وفي سياق آخر، تحدّث الكاتب محمد ساري في مداخلته الموسومة بـ «عيد النّصر والاستقلال في الكتابات الأدبية الجزائرية»، عن الطريقة التي تناول بها الأدب الجزائري لحظة وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962، موضّحا أنّ هذه المرحلة التاريخية انعكست في العديد من الروايات والنصوص الأدبية.