أكّد باحثون ومجاهدون، أنّ الراحل المجاهد رابح بيطاط، شخصية تاريخية متميّزة من جيل العظماء، واقترحت جمعية مشعل الشهيد، تسمية مبنى المجلس الشعبي الوطني، باسمه نظير ما قدّمه في الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي الغاشم.
جاء ذلك في منتدى الذاكرة، الذي نظمته جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع يومية المجاهد، أمس، بمناسبة الذكرى 25 لوفاته، بحضور مجاهدين وبرلمانيّين.
وأبرزت أستاذة التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة يحيى فارس بالمدية، لطيفة حمصي، أنّ الرئيس الراحل المجاهد رابح بيطاط، ينتمي إلى جيل متميّز واجه الاستدمار الفرنسي، وأحد القادة الثوريّين التاريخيّين الستة، الذين فجّروا ثورة التحرير.
وأضافت أنّ بيطاط، المولود في 1925 بعين الكرمة، قسنطينة المدينة المناضلة، تربى في أسرة فقيرة كغيره من الجزائريّين أثناء الاحتلال الفرنسي، والده كان فلاّحا يشتغل عند أحد المستوطنين الغلاة، درس بالمدرسة الفرنسية حتى يحاربهم بلغتهم، وانضم إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريّين للحفاظ على هويته الإسلامية ولغته العربية، كما ساهمت الكشافة الإسلامية في صقل شخصيته، وتعلّم الصبر والتخطيط والتدبير.
وأبرزت المحاضرة، مسارات المجاهد أثناء الثورة الجزائرية كعضو مؤسّس للجنة الثورية للوحدة والعمل، وعضو المنظمة الخاصة، وعضو مجموعة 22، ثم الستة المفجّرين للثورة، ثم نائب رئيس أول للجمهورية الجزائرية المستقلة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني. ودعت الأستاذة الجامعية، إلى التمعّن في قراءة المسيرة النضالية للمجاهد الراحل، الذي لم يتوقّف عن النضال بعد استرجاع السيادة الوطنية، واستخلاص العبر لإعادة كتابة الذاكرة الوطنية.
من جانبها، أكّدت المجاهدة زهرة ظريف بيطاط، زوجة المرحوم رابح بيطاط، أنّ هذا الأخير كان ينتمي إلى عائلة وطنية وثورية، كان واعيا بقضية بلده وضرورة تحريرها من غلاة الإستعمار الفرنسي، وعانى ككل الجزائريّين آنذاك من ظروف اجتماعية صعبة نتيجة الاحتلال. وأشارت المجاهدة زهرة ظريف، إلى أنّ الشعب الفلسطيني يعاني المعاناة نفسها التي عاشها الجزائريّون إبان الاحتلال الفرنسي، وأنّ الجرائم التي يرتكبها الكيان الصّهيوني المجرم بغزّة، هي نفسها التي ارتكبت في الجزائر، ناهيك عن التعذيب الوحشي والعمليات العسكرية الكبرى بقيادة شال وديغول. وأكّدت أنّ الشعب الجزائري يشعر بمعاناة أشقاءه ويساندهم. وقالت أنه مهما بلغت وحشية المحتل الصّهيوني، فإنّ الفلسطنيين سينتصرون ويسترجعون أراضي أجدادهم.
قدّمت المجاهدة صليحة جفال، وعضو بالمنظمة الوطنية للمجاهدين، شهادتها حول المرحوم، الذي اشتغلت معه في أول مجلس وطني منتخب، بعد الاستقلال، وقالت أنه مهما نتحدث عن المجاهد بيطاط، لا نستطيع إعطاءه حقه، فقد كان شخصية متواضعة جدّا، جامع لكل التيارات الوطنية، واصفة إياه بأنه «الجزائر»، كونه كان يحمل في قلبه حبّ الوطن ويحرص على الحفاظ على بلاده وتطويرها اجتماعيا واقتصاديا.
وأضافت صليحة جفال، أنها عرفت الراحل بيطاط في مارس 1962، آنذاك كانت في قرية تسمى «دشرة المجاهد» بالحدود الجزائرية التونسية، وهي أول قرية نموذجية أنشأها الرئيس هواري بومدين، قائد هيئة الأركان إبان الثورة للاجئين الجزائريّين، حيث زارهم القادة الستة ومعهم بيطاط، وحضّرت النساء لهم «الغرايف» (أكلة تقليدية)، فرحين بزيارتهم.
وأشارت إلى أنها بعد الاستقلال انضمت إلى شبيبة جبهة التحرير الوطني، حيث كان المرحوم بيطاط مكلّفا بالمنظمات الجماهيرية، وأكّدت المجاهدة أنّ عملها مع المرحوم مكّنها من التعلّم في مجالات السياسة، لأنّ بيطاط كان سياسيا محنّكا، وعضو في الحركة الوطنية قبل الاستقلال، وفي 1977 عملت في المجلس الشعبي الوطني الأول وكان المرحوم نائبا عن ولاية البويرة، تعلّمت منه التشريع القانوني، وبعدها انتخب في الاجتماع الأول في نادي الصنوبر، نظرا لخصاله الجيّدة ووطنيته وتاريخه النضالي.