رغبة متبادلة في بناء علاقات اقتصادية ترتكز على الاستثمار والربح المتبــادل
عرفت العلاقات الجزائرية التركية خلال السنوات الأخيرة، تطورا ملحوظا، سواء على الصعيد الاقتصادي، الذي ترجم في الحجم المتنامي للاستثمارات التركية في الجزائر، أو على الصعيد السياسي الذي أكدته المواقف المتطابقة للبلدين إزاء العديد من القضايا العادلة. ويترجم هذا من خلال اللقاءات المتبادلة على مستوى القمة والتفاهمات على تعزيز أكبر للعلاقات الثنائية، في إطار الاحترام المتبادل لسيادة الدولتين.
تصدرت تركيا المركز الأول من حيث الاستثمارات الأجنبية خارج قطاع المحروقات في الجزائر. كما تربطها معاهدة الصداقة والتعاون التي وقع عليها الطرفان العام 2006، التي تنص على تطوير الحوار في الميادين السياسية والاقتصادية.
ومن أجل تجسيد هذا التعاون بين الطرفين، على أعلى مستوى، قام رئيسا الدولتين وعدد من المسؤولين بزيارات متبادلة، حيث زار رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون تركيا شهري ماي وجويلية 2023، تلتها زيارة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، شهر نوفمبر من السنة نفسها، توجت بتوقيع 12 اتفاقية في مختلف المجالات. فيما التقى وزيرا خارجيتي البلدين، أحمد عطاف وهاكان فيدان، في 2023 بمناسبة انعقاد الاجتماع الثاني لمجموعة التخطيط المشتركة بين البلدين، الثانية على هامش اجتماع مجموعة العشرين شهر فيفري من السنة الجارية. وتجدد لقاء وزيري خارجية البلدين، هذه المرة في الجزائر، لرئاسة مجموعة التخطيط المشتركة والتي «كللت بالنجاح» وبإعداد عديد النصوص الثنائية الواعدة للتوقيع في لقاءات القمة المقبلين بين الرئيسين.
تطوير التعاون الاقتصادي
نظرا لموقعها الاستراتيجي، باعتبارها بوابة أفريقيا، تسعى تركيا إلى تعزيز تواجدها في الجزائر، من خلال ضخ الاستثمارات، التي لامست 6.3 ملايير دولار، خلال 2024، مقابل خمسة ملايير دولار في 2023، بحسب إحصائيات رسمية.
ويطمح البلدان إلى رفع قيمة الاستثمارات إلى 10 ملايير دولار، في أقرب الآجال. في وقت تحصي الجزائر ما مجموعه 1400 شركة تركية نشطة في الجزائر في إطار الشراكة، في مختلف القطاعات، منها النسيج والأشغال العمومية والبناء، ما سمح بتوفير نحو 30 ألف منصب شغل.
وفي مجال آخر، يعتبر حديثا في الشراكة بين البلدين، أنشأت شركتا سوناطراك الجزائرية والبترول التركية، في نوفمبر 2022، شركة مشتركة للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي لتعمل في مختلف أنحاء المنطقة. ويعكس هذا التوجه الرغبة المتبادلة في بناء علاقات اقتصادية ترتكز على الاستثمار والربح المتبادل.
مواقف سياسية متطابقة
وتعتبر الجزائر رائدة المنطقة من الناحية الجيوسياسية، وهذا ما تدركه لتركيا التي أكد وزير خارجيتها، أمس الأول، بأن « الجزائر، بقدراتها وإمكاناتها، هي إحدى ضمانات الاستقرار في المنطقة».
وحرص الوزير هاكان فيدان، على إبراز تطابق وجهات النظر مع الجزائر بخصوص الوضع في منطقة الساحل الإفريقي، ما يتطلب تنسيق المواقف في الاتجاه الذي يدعم الأمن والاستقرار، عبر مقاربة شاملة لا تتوقف عند التهور في اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية في غير محلها، مثلما تفعل الطغمة الانقلابية في مالي.
ورغم أنها تركز في علاقاتها مع الجزائر على التعاون الاقتصادي، إلا أن ذلك لم يمنع البلدين من اتخاذ مواقف متطابقة حيال عدد من القضايا في المنطقة، على غرار الموقف المتناغم إزاء الأزمة الليبية، ودعم الشرعية الدولية لإيجاد حل وإنهاء النزاع. كما تتقاسمان الموقف نفسه من القضية الصحراوية. ولا يختلف الأمر بالنسبة للقضية الفلسطينية، من حيث إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف.