أستاذ العلاقات الدولية نور الصباح عكنوش لـ “الشعب”:

البعد العربي أصيل في السّياسـة الخارجيــة الجزائريــة

سفيان حشيفة

العمل الدبلوماسي الجزائري إطار أخلاقي مرتبط بمبادئ نبيلة

 تعد الجزائر من الدول الفاعلة في محيطها الإقليمي والدولي، ولطالما كافحت من أجل تكريس العمل العربي المشترك، والدفع نحو إصلاح جامعة الدول العربية بما يؤهّلها لخدمة قضايا وشعوب المنطقة، في ظل حالة استقطاب واضطراب بالعلاقات الدولية في العالم.

 عملت الجزائر في السنوات الأخيرة على لمّ الشمل العربي من خلال محاولة رأب الصدع، وتجاوز الخلافات الحاصلة بين أعضاء جامعة الدول العربية، بغية تنسيق القرارات والتحركات تجاه القضايا المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تشهد تجاوزات خطيرة هذه الأيام من طرف الكيان الصهيوني، ومحاولته وأد مشروع إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
وسبق أن أشاد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، في دورته العادية 160 الملتئمة بالقاهرة، بجهود رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وأثنى على مبادراته الهادفة إلى دعم العمل العربي المشترك، ونصرة القضايا العربية وفي طليعتها قضية فلسطين.
كما نوّه المجلس بعمل رئيس الجمهورية الرامي إلى توحيد صف الفصائل الفلسطينية، ودوره التاريخي في التوقيع على “إعلان الجزائر” المنبثق عن مؤتمر لم الشمل من أجل تحقيق وحدة فلسطين، الذي جرى انعقاده في الثالث عشر من أكتوبر 2022.
وعلى مستوى هيئة الأمم المتحدة، لم تدّخر الجزائر في ضوء عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي، أي جهد في سبيل الانتصار للقضايا العربية والإفريقية، وجابهت العدوان الصهيوني على قطاع غزة بصياغة ودعم استصدار عديد قرارات وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الغذائية والصحية، حيث عقد هذا المجلس برئاستها أو بطلب منها عشرات الجلسات والمشاورات بشأن الوضع في فلسطين وسوريا والسودان والصحراء الغربية والكونغو الديمقراطية.
وفي هذا الشأن، أكّد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة محمد خيضر في ولاية بسكرة، البروفيسور نور الصباح عكنوش، أن العمل الدبلوماسي الجزائري يستند على إطار أخلاقي مرتبط بمبادئ وقيم ومعايير تاريخية نبيلة، بعيدة عن المصالح والمغانم والمكاسب على حساب الشعوب، وطبيعة هذا المنهج تجعل من الجزائر محل ثقة ومصداقية أولاً، ومركز ثقل بالنسبة للعرب والأفارقة في إدارة مختلف أزماتهم ثانيًا.
وأوضح البروفيسور نور الصباح عكنوش، في تصريح خصّ به “الشعب”، أنّ البُعد العربي في السياسة الخارجية الجزائرية يبقى أصيلاً؛ كونه يمتد لزمن الثورة التحريرية المجيدة، حيث كانت الأمة العربية بيئة حاضنة للكفاح المسلح التحرري، والنشاط النضالي للجزائريين ضد الاستعمار، وهي الحقيقة التي تبني عليها دبلوماسية بلد الشهداء اليوم سلوكها الثابت تجاه أمّهات القضايا العادلة في فلسطين والصحراء الغربية.
وتأتي مرافعة الجزائر على القضايا العدالة في العالم، وفقًا لعكنوش، من منظور موضوعي يتصل بالإطار القانوني الدولي، المنظم والمؤطر لطبيعة مسائل التحرر المطروحة على الجمعية العامة ومجلس الأمن، باعتبارها شرعية ويتم تداولها في أورقة الأمم المتحدة على أساس أنها “تصفية استعمار” على غرار القضيتين الفلسطينية والصحراوية.
وما حدث في قمّة الجزائر العربية في الفاتح من نوفمبر 2022، محدد كافٍ لنجاح المقاربة الجزائرية في أهمية إصلاح النظام العربي، وإعادة رسكلته، وبناء آليات جديدة مستدامة لتفعيل العلاقات العربية العربية، وهذا ليس على مستوى القادة فقط، وإنما على صعيد الحكومات والمجتمع المدني والبرلمانات وكل الهيئات المحلية، بحسب قوله.
كما يُمثّل انعقاد المؤتمر 38 للاتحاد البرلماني العربي في الجزائر، خلال اليومين الماضيين - يضيف نور الصباح - رسالة قوية للمشككين في فعالية الدور الكبير لبلد الشهداء في حلحلة العديد من القضايا المصيرية للأمة؛ لأنها منبر خير واعد لأي عمل مشترك ايجابي، ولعلّ جهودها الحثيثة للرقي بعلاقاتها مع تونس وليبيا وموريتانيا دليل على حسن نواياها في تعزيز وتعضيد التعاون الثنائي والمشترك بين الدول العربية.
إلى ذلك، رافعت الجزائر على مستوى مجلس الأمن الدولي لتغيير الواقع العربي إلى الأحسن وفرض منطق الأمن والاستقرار، لاسيما بعد نيلها مقعدا غير دائم فيه، وستُواصل العمل بإصرار رغم الضغوطات والتشويش لثنيها على ذلك، وستجعل من أجهزة الأمم المتحدة في خدمة القضايا العربية والإفريقية، وليس أداة في يد أقلية حامية للمستعمرين والمحتلين الجدد، بعيدا عن ازدواجية المعايير المنتهجة من طرف بعض الدول خدمة لمصالح وأجندات ضيقة.
المنحنى التصاعدي الإيجابي للعلاقات بين الجزائر والدول العربية والإفريقية، مثلما أشار متحدثنا، يعكسه بوضوح تطور علاقاتها مع الرياض ذات العمق الحضاري، وتوسّع شراكاتها الإستراتيجية مع مصر وقطر والكويت والأردن وسوريا ولبنان والبحرين والسودان وسلطنة عُمان التي يُجري سُلطانها صاحب الجلالة هيثم بن طارق، هذا اليوم، زيارة دولة رفيعة المستوى للجزائر.
ومن شأن هذا الاتجاه التعاوني بعيد المدى أن يُسكت أفواه كل من يكيدون للعلاقات الجزائرية العربية التي نمت وازدهرت بقيادة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وجعلها أولوية إستراتيجية لم ترق لبعض الدوائر المعادية، يختم البروفيسور نور الصباح عكنوش.
ويشير المتحدث إلى دور الجزائر في إعادة بعث العمل العربي المشترك، على أساس اقتصادي يتلاءم مع تطلعات الشعوب العربية، نظرا للحاجة إلى منفعة متبادلة تبنى على روابط الأخوة والتاريخ والدين وكل القواسم المشتركة، في ظل حالة الاستقطاب الدولي الحاصلة في الوقت الراهن.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19763

العدد 19763

الأحد 04 ماي 2025
العدد 19762

العدد 19762

السبت 03 ماي 2025
العدد 19761

العدد 19761

الأربعاء 30 أفريل 2025
العدد 19760

العدد 19760

الثلاثاء 29 أفريل 2025