خبـيرة العلاقات الدولية.. البروفيـسور نبيلـة بن يحيـى لـ «الشعب»:

العلاقات الجزائرية السلـوفينيـة.. تحالف سـيـاسـي واقتصـادي وثيـق

سفيان حشيفة

تتميز العلاقات الجزائرية السلوفينية بطابع ودّي ومتوازن، يعكس رغبة قادة البلدين المتبادلة في تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات منذ استقلال سلوفينيا عن يوغوسلافيا عام 1991، بحسب ما أكدته أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية، البروفيسور نبيلة بن يحيى.

قالت البروفيسور نبيلة بن يحيى، في تصريح خصّت به «الشعب»، إن العلاقة بين الجزائر وسلوفينيا تتّسم بوجود إرادة حقيقية مشتركة لتعزيز التقارب السياسي والاقتصادي بين البلدين، خاصة مع تعبير ليوبليانا باعتبارها عضوا في الاتحاد الأوروبي، عن احترامها لمواقف الجزائر في القضايا الإقليمية والدولية، ومساندة جهودها المتعلقة بدعم الاستقرار في منطقة الساحل الإفريقي، والحوار في حوض البحر الأبيض المتوسط. كما يسعى البلدان الصديقان -في ضوء زيارة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إلى ليوبليانا- إلى تنسيق القرارات والمواقف في المنابر الأممية الدولية مثل الأمم المتحدة، ودعمهما للوائح حفظ وحدة وسلامة أراضي الدول وعدم التدخل في شؤونها، وهو ما يتطابق مع مبادئ السياسة الخارجية الجزائرية والسلوفينية القائمة على احترام قواعد القانون الدولي، وفقًا لبن يحيى.
أما اقتصاديًا، فتتوفر إمكانات واعدة لتطوير تعاون وتحالف البلدين، لاسيما في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا والبيئة والصناعات الميكانيكية والغذائية، حيث تسعى سلوفينيا إلى توسيع وجودها في السوق الجزائرية من خلال الشركات الصغيرة والمتوسطة، بينما تهتم الجزائر بجذب الاستثمارات وتنويع شراكاتها خارج الشركاء التقليديين، تترجمه الزيارات المتبادلة على مستوى الحكومتين ورجال الأعمال والهيئات الاقتصادية، إضافة إلى مشاركة ليوبليانا في معارض اقتصادية جزائرية.
وتُعد سلوفينيا -مثلما تضيف بن يحيى- بوابة محتملة للمنتجات الجزائرية نحو الأسواق الأوروبية؛ كونها تتمتع بموقع استراتيجي بالغ الأهمية في قلب أوروبا الوسطى، وتمثل نقطة التقاء بين العالم الغربي ودول البلقان وبين أوروبا الغربية والشرقية، يحدّها من الشمال النمسا، ومن الشرق المجر، ومن الجنوب والجنوب الشرقي كرواتيا، ومن الغرب إيطاليا، ولها منفذ بحري هام على البحر الأدرياتيكي عبر ميناء كوبر، الذي يمنحها قيمة جيوسياسية وتجارية كبيرة. بينما تملك الجزائر الكثير من الإمكانات النوعية لتكون منصة ليوبليانا للدخول إلى الأسواق الإفريقية والعربية، باعتبارها بوابة إفريقيا الأولى.
علاوة على ذلك، تمتلك سلوفينيا اقتصادًا متقدمًا ومتنوعًا، يعتمد على الصناعات التحويلية، والخدمات، والتجارة، مع بنية تحتية جد متطورة، وموقعها يجعلها مركز عبور رئيسي للبضائع في أوروبا وخاصة عبر الطرق والسكك الحديدية التي تمر عبرها، كما تستفيد من عضويتها في الاتحاد الأوروبي للوصول إلى الأسواق الأوروبية، وتستقطب الاستثمارات الأجنبية بفضل بيئتها الاقتصادية المستقرة، تقول بن يحيى.
وتابعت بن يحيى: «جمهورية سلوفينيا واحدة من أنجح الدول التي انبثقت عن يوغوسلافيا السابقة، وانضمت إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في عام 2004، وهي تنشط في مبادرات السلام الإقليمي والحوار بين دول البلقان، وتُعرف أيضًا باستقرارها السياسي ومؤسّساتها الديمقراطية، مما يعزز مكانتها كدولة فاعلة في المحيط الأوروبي».

الجزائر مورِّد طاقوي موثوق لسلوفينيا

أوضحت الخبيرة نبيلة بن يحيى، أن الجزائر تُصنّف كثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي في إفريقيا، وتحتل موقعًا استراتيجيًا في سوق الطاقة الأوروبي، نظير امتلاكها بنية تحتية متقدمة لتصدير الغاز عبر الأنابيب والموانئ، ولها شراكات طاقوية قوية مع دول أوروبية كإيطاليا وإسبانيا، تجعل منها محل اهتمام كبير من كل بلدان العالم.
ويُشكِّل قطاع الطاقة، بحسب بن يحيى، محورًا واعدًا في العلاقات الجزائرية السلوفينية، لما تملكه الجزائر من موارد هائلة، خاصة في مجالي الغاز الطبيعي والنفط، وما تُظهره سلوفينيا من اهتمام متزايد بتأمين مصادر طاقة موثوقة ومستقرة ومستدامة في ظل التحولات الجيوسياسية والبيئية التي تعرفها أوروبا والعالم.
وتعتمد سلوفينيا بشكل كبير على واردات الطاقة، وتسعى إلى تنويع مصادرها وتقليل اعتمادها على الغاز الروسي، من خلال الارتكاز على شريك جديد موثوق، ويبدو أنها وجدت في الجزائر ذلك الحليف الوثيق والمرغوب لتأمين اقتصادها، وتوفير احتياجاتها من الغاز الطبيعي باستدامة، في ظل بحثها عن شركاء خارج النطاق التقليدي. ومن هذا المنظور، يمكن للجزائر تصدير الغاز الطبيعي المسال (LNG) إلى دولة سلوفينيا بكميات معتبرة عبر موانئ إيطاليا ثم تحويله إلى «الشبكات الأوروبية» نحو باقي بلدان القارة، مثلما ذكرت المتحدثة.

خبرة سلوفينية في إدارة الطاقات النظيفة

في مجال الطاقات المتجددة، أبرزت البروفيسورة بن يحيى، أن سلوفينيا من الدول المهتمة بتطوير الطاقة الخضراء، وقد تفتح آفاقاً للتعاون في مشاريع الطاقة الشمسية أو الهيدروجين الأخضر في الجزائر مستقبلا. ونبّهت لأهمية تبادل الخبرات والتكوين للاستفادة من الخبرة السلوفينية في إدارة الطاقات النظيفة وكفاءة الطاقة.
كما أعربت سلوفينيا في عديد المناسبات عن اهتمامها بتطوير مشاريع مشتركة في مجالات الطاقة الشمسية والذكاء الاصطناعي، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم في مجال الذكاء الاصطناعي خلال زيارة رئيس الوزراء السلوفيني إلى الجزائر في شهر ماي سنة 2024.
إلى ذلك، ترغب ليوبليانا في تنويع مصادر طاقاتها وتقليل اعتمادها على المصادر التقليدية من خلال التعاون مع الجزائر في مجالات الطاقة المتجددة، كونها تتربع على إمكانات شمسية إشعاعية هائلة ولا محدودة. أما في التعاون التكنولوجي، فهناك فرص لتعزيز الشراكة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية، خاصة مع اهتمام بلد الشهداء بتطوير هذه القطاعات.
ومن شأن تعزيز التعاون في هذه المجالات الحيوية، تحقيق تكامل إقليمي للبلدين الشقيقين، سيدفع بهما للعمل سويا نحو إرساء معالم الاستقرار والتنمية المستدامة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا، وفقًا للأستاذة نبيلة بن يحيى.
هذا وأشار رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الثلاثاء، خلال زيارته التاريخية لجمهورية سلوفينيا، إلى وجود توافق تام بين الجزائر وليوبليانا حول كافة الملفات، مؤكدًا استعداد الجزائر لتلبية كل متطلبات هذا البلد الصديق من الغاز الطبيعي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19771

العدد 19771

الثلاثاء 13 ماي 2025
العدد 19770

العدد 19770

الإثنين 12 ماي 2025
العدد 19769

العدد 19769

الأحد 11 ماي 2025
العدد 19768

العدد 19768

السبت 10 ماي 2025