أستـاذ الجغرافيا السياسية بجامعة تولوز.. بـوداود حمـو لـ”الشعـــب”:

الجزائر الجديـدة.. دبلوماسيـة لا تحابـي في القضايا العادلـة

سفيان حشيفة

يؤكد الباحث في الجغرافيا السياسية بجامعة تولوز، الدكتور بوداود حمو، أن الجزائر مؤهلة باقتدار لإحلال السلام والحفاظ على الاستقرار في منطقة الساحل الإفريقي.

قال الدكتور بوداود حمو، في تصريح خصّ به “الشعب”، إنه من أجل تمكين الدبلوماسية الاقتصادية والقضاء على مسببات الآفات في الساحل وإفريقيا، خصص رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في ماي 2023، مليار دولار لدعم مشاريع تنموية كبيرة بدول المنطقة، بما في ذلك تدريب الكوادر المحلية، وتحسين البنية التحتية الأساسية، ولم تقتصر هذه الاستثمارات على مسألة دعم الجزائر لهذه البلدان فحسب، وإنّما مثّلت تحولا في سياسة الجزائر تجاهها حفاظا على الاستقرار الإقليمي، وفقاً للمصدر ذاته.
وتابع الباحث بالقول: “تعدّ منطقة الساحل الإفريقي منطقة شاسعة بطول عرضي 6000 كلم من شرق إفريقيا إلى غربها، إذ تغطي جزءا كبيرا من النظم الجغرافية والبيئية، وتواجه عدة تحديات منها نقص الغذاء والموارد المائية، والتصحر، وتعرية الأرض، والفيضانات الفجائية، وتعاني المنطقة من عدم استقرار سياسي أضعف سبل عيش سكانها، وهدّد سيادة الدول واستقرارها، وقوّض السلم الاجتماعي، ومن المتوقع أن يتجاوز سكانها 500 مليون نسمة خلال 2050، بأعمار تقل عن 25 سنة نسبتها 65 بالمائة. واختارت الجزائر أن ترسم بصماتها الإستراتيجية الاستباقية بتجسيد مشاريع تنموية حيوية لتثيب السكان في مناطقهم وتحسين ظروفهم المعيشية بشكل تدريجي”.
ومن بين المشاريع التنموية، أنجزت الجزائر في النيجر الشطر الرابع للطريق العابر للصحراء على مسافة 223 كلم، وفتحت الباب أمام تبادل البيانات عن بُعد عبر تطوير تكنولوجيا الاتصال، وخلقت موجة من التجارة الالكترونية الحديثة، ووقعت مع نيامي مذكرة في مجال العمل والتشغيل والحماية الاجتماعية، بحسب محدثنا.ودخلت شركة سوناطراك باستثمارات طاقوية هامة في قلب إفريقيا بعقود استكشاف جديدة بشمال النيجر، كما بدأت الجزائر تصدر الاسمنت وباقي المنتجات المحلية، إلى باقي جيرانها الأفارقة، مما أسهم في ارتفاع حجم المبادلات التجارية إلى 4.6 مليار دولار سنة 2023، بنمو تجاوز 18 بالمائة مقارنة مع العام السابق، ولم تتحقق هذه الشراكة الفعلية إلاّ بعد فتح المعابر الحدودية التي جعلتها الشريك الحقيقي للقارة السمراء، وكل هذا يبيّن مدى رغبتها الحثيثة في النهوض بالمستوى التنموي والاقتصادي لدول المنطقة.
وقد وجدت دولة موريتانيا الشقيقة في الجزائر بالتحديد، مثلما أبرز بوداود، بوابة حيوية نحو وسط وشرق شمال إفريقيا ثم أوروبا، واحتضنت نواكشط معارض دائمة للمنتجات الجزائرية، بعد تشييد المعبر بين البلدين، وتعبيد طريق على مسافة 1200 كلم، ناهيك عن اكتشاف سوناطراك لآبار غاز فيها، ووقعت اتفاقيات لاستكشافات جديدة معها.
علاوة على ذلك، ألغت الجزائر ديونا بعشرات ملايين الدولارات للبلدان الإفريقية، منها 14 دولة عضوا في الاتحاد الأفريقي، وأنشأت فيها مراكز علاج ووسائل للترقية الاجتماعية.
وأردف: “بعد التقلبات الجيوسياسية التي ظهرت مع صعود وهبوط الأمم، على حد تعبير المفكر الإنجليزي بول كندي، طفت على السطح بإفريقيا وخاصة منطقة الساحل بؤر توتر وصراع، صار أكثر احتداما بعد تدخل شركة اريفا الفرنسية من أجل استخراج اليورانيوم في مالي عام 2012، علما أن فرنسا تنتج 78 بالمائة من طاقتها الكهربائية من النووي السلمي ويوجد بها 52 مفاعلا نوويا.
وخلص محدثنا إلى أن الجزائر تؤدّي دورها كفاعل أساسي ومحوري في الساحل وإفريقيا، وتتصدى بكفاءة لتمدد نفوذ القوى الخارجية، كما أن الجزائر لا تتدخل إمبرياليا من أجل الهيمنة واستغلال الثروات، ولا تمس بالشؤون الداخلية للدول، بل تسعى دائما إلى تحسين علاقاتها مع بلدان القارة، وتحافظ على إرساء الأمن والتنمية فيها، وتعمل على رفع مستوى التبادل الاقتصادي المثمر بين أقطارها، يقول الدكتور بوداود حمو.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19808

العدد 19808

السبت 28 جوان 2025
العدد 19807

العدد 19807

الخميس 26 جوان 2025
العدد 19806

العدد 19806

الأربعاء 25 جوان 2025
العدد 19805

العدد 19805

الثلاثاء 24 جوان 2025