بعد ترسيخ الدولة الجزائرية لصون سيادة عدالتها

أبواق اليمين المتطرّف الفرنسي تعود للصّراخ!

حمزة . م

 باريس باتت عاجزة عن تبنّي سياسة حوار يراعي المصالح المشتركة

 عاد اليمين المتطرّف الفرنسي، عبر وجوهه السياسية وأبواقه الإعلامية البائدة والبليدة لمهاجمة الجزائر، مكرّرا أسطوانة العقدة السيادية والتاريخية ذاتيا، في وقت يحتفل الشعب الجزائري بعيد استرجاع سيادته الوطنية، ويقرنه بتحقيق طموحات اقتصادية واجتماعية بما يعزّز مكانة بلاده الإقليمية.

 من يوم لآخر، يتأكّد أنّ معضلة فرنسا لا تكمن أبدا في حرص الجزائر صون استقلالها، وحماية سيادتها الوطنية وسيادة مؤسساتها الدستورية، وإنما في اليمين المتطرّف الذي يشترك في الحكم، ويظهر ألا حدود لانهياره الأخلاقي. ويكشف صراع العصب في الجمهورية الخامسة، أنّ باريس باتت عاجزة عن تبني سياسة حوار هادئ وهادف يراعي المصالح المشتركة، بسبب تطفل التيار اليميني الموبوء بعقد الماضي الاستعماري، والمليء بالأفكار الشّعبوية المناهضة للشعوب الأخرى.
ومن الصعب أن يستقر حكم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبلاده يتم إقحامها في قضايا لا تعنيها ولها صلة مباشرة بسيادة دولة مستقلة، وعندما يتم جني الفشل والخيبات يتحوّل الأمر إلى أزمة داخلية.
وهو ما تعيشه فرنسا، هذه الأيام، إذ تشن الصحف اليمينية الفرنسية هجمات على الإليزيه وعلى حكومة بايرو، بسبب إثبات القضاء الجزائري استقلاليته ونجاحه في الدفاع عن سيادته أمام هجمات خارجية غير مبررة أرادت الطعن في أحكامه.
منذ البداية، كان على باريس ومختلف نخبها السياسية عدم التعليق على المسار القضائي الذي اتخذته الجزائر، لمتابعة كاتب يحوز على الجنسية الجزائرية، بسبب إدلائه بتصريحاته تطعن في الوحدة الترابية الجزائرية، وتحاول بطريقة مشبوهة تزوير التاريخ.
لكن الإيديولوجية الاستعمارية ومنطق الهيمنة، دفع بها إلى التدخل السافر في العدالة الجزائرية، ومحاولة الإساءة لها ومطالبتها بطريقة فجة بإطلاق سراح هذا الشخص، دون حتى بداية إجراءات المحاكمة.
تعتقد هذه التيارات الفرنسية المرتبطة ببقايا منظمة الجيش السري الإرهابية والصهيونية العالمية، أنّه من السهل التعليق على الإنابات القضائية الجزائرية الخاصة بالمتورطين في نهب أموال الجزائريين بالقول إن «العدالة الفرنسية مستقلة»(..) أو اجترار عبارة «إنّ حرية الصحافة مضمونة» (..) حينما يتعلق الأمر بالتجاوزات الخطيرة للإعلام الفرنسي. وتزعم بأن قيم التفوق الفرنسي ترتبط بالحرية التي تعني أنها «تقول ما تريده»، بينما لا يحق للآخرين إظهار قيمهم وإلا ستكون فرنسا في وضع «إهانة».
وبعد فشل مسعى الضغط على العدالة الجزائرية، صارت هذه الأصوات الفرنسية المنهارة أخلاقيا، تتطلع إلى التطفل على صلاحيات رئيس الجمهورية، المتعلقة بالعفو الرئاسي، ومحاولة توجيهها بما يشبع نزعتهم العنصرية الحاقدة.
ربما لم تنقض فترة تلقين التيار اليميني الفرنسي، الدروس الكافية التي تجعله يفهم حقيقة الجزائر، التي لا تنحني ولا تخضع للضغوط الخارجية مهما بلغ مداها، وأنّ القيم الفرنسية التي تحمي كاتبا يطعن في سيادة دولة ويحاول تزوير تاريخها، لا تصمد أبدا أمام قيم الشعب الجزائري الضامنة لصون السيادة والاستقلال الذي تحقّق بدماء الملايين من الشهداء.
وحينما تفهم هذه الأصوات التي لم تتقبّل حتى حق الجزائريين في الاحتفال بذكرى استرجاع السيادة بحجة أنه «شتيمة لفرنسا»، أن الجزائر لن تدوس على مسعى تكريس دولة الحق والقانون عن طريق استقلالية القضاء من أجل إرضاء طرف خارجي.
ولا يمكن أن تستعيد العلاقات الجزائرية الفرنسية، طريق الحوار والهدوء إلا عندما تتوقف العصب المتصارعة في باريس عن توظيف الجزائر في الصراع الداخلي والإحجام عن التدخل فيما لا يعنيها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025
العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025
العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025