تعزيز التواجد خارج الفضـاءات التقليدية

الانضمام إلى “آسيان“.. آفـاق جزائرية واعـــدة

آسيا قبلي

فرص استثمارية وأسواق جديدة وفق قاعدة رابح- رابح 

محطة مفصلية في مسار انفتاح الجزائر على التكتلات الإقليمية الكبرى

في خطوة تعكس التزامها بتوسيع آفاق التعاون الدولي وتنويع شركائها الاقتصاديين، عزّزت الجزائر إستراتيجيتها الاقتصادية بالتوقيع على وثيقة الانضمام إلى معاهدة الصداقة والتعاون لرابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان». ويُرتقب أن يفتح هذا الانضمام آفاقاً واعدة للطرفين، سواء في توسيع دائرة الشراكات الاقتصادية أو في تنسيق المواقف حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

تُعد الخطوة محطة مفصلية في مسار انفتاح الجزائر على التكتلات الإقليمية الكبرى، بما يدعم مصالحها الاقتصادية ويعزّز حضورها الدبلوماسي، كما يُسهم في بناء أرضية تفاهم وتعاون في مجالات الاقتصاد، الأمن والسياسة، بما يخدم السلم والاستقرار على المستوى العالمي.
وباشرت الجزائر إستراتيجية تنويع الشركاء منذ سنوات قليلة، وعملت على تعزيزها بما يشكل لها حماية من مخاطر الاعتماد على شريك واحد، مع ضمان زيادة الاستقرار الاقتصادي، وجلب المزيد من الاستثمارات في مختلف القطاعات التي يتميز بها الشريك الآخر، كما تسمح هذه الإستراتيجية بفتح آفاق كبيرة للولوج إلى أسواق جديدة في مختلف مناطق العالم.
يأتي التوقيع على وثيقة انضمام الجزائر إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا، استجابة لطلب تقدمت به الجزائر، يوم 20 ديسمبر 2023، بهدف بناء علاقات وطيدة بين الجزائر وتكتل «آسيان»، ضمن التوجه الجديد الذي وضعه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في السياسة الخارجية، عبر تنويع الشركاء الاقتصاديين والسياسيين، بما يخدم المصالح العليا للجزائر وشركائها من جهة، وبما يساهم في بناء عالم أكثر استقرارا وعدلا، تدار فيه النزاعات السياسية والمنازعات الاقتصادية بالدبلوماسية بعيدا عن القوة العسكرية.
تنويع متوازن
توازن الجزائر في شراكاتها الاقتصادية بين مختلف مناطق العالم، بداية من أفريقيا العمق الاستراتيجي، إلى الاتحاد الأوروبي وأمريكا، والصين وروسيا الشريكين التقليديين، وصولا إلى تكتل رابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان» مرورا بالدول العربية ومجموعة بريكس، التي تعتبر الجزائر عضوا في بنكها للتنمية. ويمنح هذا التوازن الجزائر هامش حرية وجذب للاستثمار والولوج إلى أسواق جديدة، والقدرة على الصمود في وجه التحديات الاقتصادية وتقلبات السوق الدولية، سيما في قطاع المحروقات الذي يؤثر بشكل سلبي على مداخيل الخزينة. وعلى الصعيد السياسي يمكّن تنويع الشركاء الاقتصاديين الجزائر من تعزيز العلاقات الدبلوماسية وترقيتها وبناء مواقف متطابقة بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.
التوجه شرقا
وفي هذا الإطار، كانت الجزائر ربطت علاقات شراكة جديدة مع دول الشرق، سواء في أوروبا الشرقية على غرار سلوفينيا، التي زارها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وأسفرت عن نتائج إيجابية وإبرام اتفاقيات في مجالات متعددة، ثم توسيع التعاون مع كازاخستان في آسيا الوسطى، وتشكيل فريق عمل مشترك لمتابعة المشاريع الاستثمارية بين البلدين.
وقبل هذا، انضمت الجزائر إلى بنك التنمية الجديد لمنظمة «بريكس»، التي تضم كلا من البرازيل الهند الصين وروسيا، وجنوب أفريقيا، ثم وسعت لتشمل مصر وإيران والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإثيوبيا، وهي – أي بريكس- شريك لعشر دول أخرى من مختلف قارات العالم الخمس، هذا يتيح مساحة شراكة واسعة للتعاون بين مختلف دوله والجزائر. كما توفر مساهمة الجزائر في البنك مصادر تمويل مشاريعها التنموية، وجلب استثمارات من دول المجموعة وشركائها.
وفي إطار إستراتيجية تنويع الشركاء الاقتصاديين دائما، توجهت الجزائر إلى جنوب شرق آسيا لتربط علاقات اقتصادية جديدة مع التكتل الاقتصادي «رابطة دول جنوب شرق آسيا»، المعروف اختصارا بـ «آسيان»، ومن شأن هذه الخطوة أن تفتح أبوابا جديدة أمام الاقتصاد الوطني الجزائري، سواء بجلب الاستثمارات الأجنبية من دوله الأعضاء أو من دول التكتلات الاقتصادية الشريكة له، أو بإيجاد أسواق جديدة لمناخات الشركات والمؤسسات الجزائرية، كما يستفيد التكتل من الفضاءات التي تتواجد بها الجزائر خاصة في أفريقيا التي تعتبر سوقا مفتوحة على كل الحاجيات والسلع، وتعتبر الجزائر بوابتها، لتتوسع بذلك حلقة الاعتماد والمنافع المتبادلين.
خامس أكبر اقتصاد عالمي
تعتبر رابطة دول جنوب شرق آسيا ثالت أكبر اقتصاد في آسيا وخامس أكبر اقتصاد في العالم، بعد الولايات المتحدة والصين واليابان وألمانيا، بناتج محلي إجمالي بلغ 3 تريليون دولار، ويرتقب أن يسجل التكتل نموا اقتصاديا بنسبة 4.64% خلال العام الجاري. وقدرت إحصائيات حديثة للعام 2025 نواتج الدخل المحلي الخام للدول الأعضاء على الشكل التالي: احتلت اندونيسيا المركز الأول بـ 1.49 تريليون دولار، وتايلاند حوالي 574 مليار دولار، وسنغافورة بـ 527 مليار دولار، تليها ماليزيا بـ 430 مليار دولار، وفيتنام 433 مليار دولار، وميانماربـ 76 مليار دولار، وكمبوديا بـ 29 مليار دولار، ثم لاوس بـ 18 مليار دولار، فبروناي بـ 14 مليار دولار.
ويتوقع أن يصل متوسط نسبة نمو الصادرات والواردات من السلع لدول آسيان، بنهاية السنة الحالية، إلى 4.8 بالمائة، كما ينتظر أن تصبح آسيان خلال السنوات الثلاث المقبلة، أحد أبرز المراكز العالمية سريعة النمو لتخزين وإدارة البيانات، لتسبق بذلك أميركا الشمالية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025
العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025