انفتاحٌ وتعاون مشترك.. خبراء ومختصون لـ “الشعب“:

التكتلات الإقليمية الصاعدة.. طريق الاقتصاد الرابح

سفيان حشيفة

فتح المجال للمنتجات غير الطاقوية صوب أسواق جديدة

انضمت الجزائر رسميًا إلى معاهدة الصداقة والتعاون لرابطة «آسيان»، وذلك في مراسم أجريت بمدينة كوالالمبور عاصمة دولة ماليزيا، خلال اليوم الأول من أشغال الدورة 58 لاجتماع وزراء خارجية هذا التكتل الإقليمي.

يؤكد مختصون وخبراء، أن التوقيع على وثيقة انضمام الجزائر إلى معاهدة الصداقة والتعاون لدول جنوب شرق آسيا، بدعم جميع الأعضاء في الرابطة، يعكس مكانتها لدى بلدان تلك المنطقة الشرقية من المعمورة، والرغبة في الاستفادة من المقاربة الدبلوماسية الرائدة لبلد الشهداء في الفضاء الدولي.
وتعليقًا على الموضوع، قال أستاذ العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير بجامعة الجزائر-3، الدكتور شرياف جمال الدين نوفل، إن الدولة الجزائرية تسعى جاهدة لتنويع شركائها الاقتصاديين، من أجل فتح المجال صوب أسواق جديدة لمنتجاتها غير الطاقوية، خاصة ضمن التكتلات الاقتصادية الناجحة في العالم، وهذا ما دعا إلى التوقيع على معاهدة الصداقة والتعاون لرابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان».
واعتبر الدكتور نوفل شرياف، في تصريح خصّ به «الشعب»، انضمام الجزائر لمجموعة «آسيان»، خطوة جد استراتيجية مدروسة، ترمي إلى التّفتّح على التكتلات الإقتصادية الإقليمية، وولوج التعاون المشترك الذي يجمع عدة أطراف فاعلة، مشيرا أن هذه الرابطة تمتلك ناتجًا سنويًا يتجاوز 3.6 ترليون دولار، وهو ثالث اقتصاد في آسيا والخامس عالميًا.
وأوضح شرياف، أن هناك مبادئ أسياسية تجمع أعضاء آسيان، مثل تحقيق السلام والاستقرار الدوليين، والجزائر معروفة في الساحة الدولية بدفاعها عن نفس القواعد، مع مساندة القضايا العادلة وعدم الانحياز، وآسيان اختارتها كشريك جديد فعال لتمتعها بوزن سياسي ثقيل وسمعة دبلوماسية عريقة.
ويأتي هذا المُعطى، بالتزامن مع بحث رفع مقاعد مجلس الأمن الدولي ليشمل تمثيل دائم لقارة إفريقيا ودول جنوب آسيا، وهو ما سيدفع نحو زيادة التنسيق والتشاور بين دول آسيان في هذا الجانب.
فضلاً عن ذلك، فإن تعزيز التعاون بين دول جنوب- جنوب سيسمح بتحقيق نمو وتكامل اقتصادي، من شأنه تقليص الفجوة مع الدول المتقدمة، خاصة وأن دول آسيان تتمتع بتطور كبير في مجال التكنولوجيا، وتحقق سنويًا أرقامًا اقتصادية إيجابية في ظل تراجع التكتلات الكلاسيكية الكبرى، وفقًا للمصدر ذاته.
من جهتها، تعرف الجزائر تحولاً اقتصاديًا هامًّا، وتقدمًا متسارعًا في عديد القطاعات غير الطاقوية، وتتطلع إلى البحث عن أسواق جديدة لتصدير منتجاتها محلية المنشأ، ورفع مستويات التبادل التجاري مع الدول الشريكة، وجذب استثمارات ونقل التكنولوجيا إلى الداخل، بعد تعديل قانون الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال، الذي أتاح توطين مشاريع جزائرية – أجنبية محلية وفق قاعدة رابح- رابح لكل الأطراف والشركاء.
كما تشهد الجزائر إنجاز مشاريع بنية تحتية ولوجيستية ضخمة، على غرار توسيع شبكة السكك الحديدية في جنوبها الكبير، وتشييد الطريق العابر للصحراء نحو العمق الإفريقي، وإنجاز طريق تندوف- الزويرات الموريتانية، وإنشاء مناطق للتبادل الحر مع الدول الحدودية المجاورة، وهو ما يجعل من بلد الشهداء بوابة حقيقية مستقبلية نحو إفريقيا، يضيف أستاذ العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير بجامعة الجزائر-3، الدكتور شرياف جمال الدين نوفل.
إلى ذلك، يرى رئيس المركز الجزائري لرجال الأعمال والمتعاملين الاقتصاديين، مسعود تيمونت، أن انضمام الجزائر إلى رابطة آسيان، يُمثِّل انفتاحًا استراتيجيًا نحو آسيا، سيتيح فرصًا واعدة في مجالات الاقتصاد والتجارة ونقل التكنولوجيا.
وكشف مسعود تيمونت، في اتصال مع «الشعب»، أن توجه الجزائر إلى التكتلات الاقتصادية شيء يبعث على الطمأنينة، ويضمن رهان تحقيق المكانة المرموقة ضمن عالم لا يعترف إلا بالسلاح الاقتصادي والأمن الغذائي كقوة بديلة عن النظرة الكلاسيكية. فالجزائر بهكذا خطوات، تكون قد أدركت الركب المتقدم، والقطار انطلق بسكة متينة نحو التنافسية والريادة، وبلوغ تطلعات الجزائريين في الإرساء لاقتصاد قوي ومتطور.
وأبرز محدثنا، أن رابطة دول جنوب شرق آسيا، واحدة من أقوى التكتلات الاقتصادية في العالم، وتضم كلا من أندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وفيتنام وتايلاندا وبروناي وكمبوديا وميانمار ولاوس والفلبين، بالإضافة إلى الجزائر التي انضمت مؤخرًا لآسيان.
وعن أهداف الرابطة، أشار تيمونت، إلى أن آسيان تصبو إلى تعزيز النمو الاقتصادي ودعم تنمية مستدامة بين الأعضاء، وتسهيل وتعميم التكامل الاقتصادي بين دول التكتل، والسعي نحو تشكيل سوق مشتركة وتحرير التجارة، وتشجيع التعاون الثقافي والتعليمي ودعم التبادل الطلابي والبحثي، وكذا تحقيق السلام والاستقرار والإزدهار لضمان عالم أفضل.
هذا وقد وقّع وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، السيد أحمد عطاف، في كوالالمبور الماليزية، على وثيقة انضمام الجزائر إلى معاهدة الصداقة والتعاون لجنوب شرق آسيا، في اليوم الأول من أشغال الدورة الثامنة والخمسين لاجتماع وزراء خارجية «آسيان».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19822

العدد 19822

الإثنين 14 جويلية 2025
العدد 19821

العدد 19821

الأحد 13 جويلية 2025
العدد 19820

العدد 19820

السبت 12 جويلية 2025
العدد 19819

العدد 19819

الخميس 10 جويلية 2025