تقدّم ملحوظ على صعيد تنويع التعاون المشترك.. خبراء لـ”الشعب”:

شّراكة متنامية..وسرعـة قصــوى لتقويــة التعـاون والتنسيــق

سفيان حشيفة

 مزايا اقتصادية جزائرية تجعلها فاعلا رئيسيًا في شمال افريقيا

تحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي على المستويين الإفريقي والمتوسطي

عرفت العلاقات الجزائرية -الأمريكية، في الآونة الأخيرة، تقدمًا ملحوظًا على صعيد تنويع الشراكة والتعاون الثّنائي، ليشمل قطاعات عسكرية وطاقوية وصناعية وتجارية وزراعية وتكنولوجية، يترجمه عقد اجتماعات ولقاءات رفيعة المستوى وتوافد كبار المسؤولين بين البلدين.

يرى خبراء أن العلاقة بين الجزائر وواشنطن تسير بسرعة قصوى نحو تعديد أوجه التعاون والتفاهم، وتوثيق التنسيق حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية خاصة في منطقتي الساحل الإفريقي والشرق الأوسط، تجسيدًا لطموحات قائدي البلدين في رفع الشراكة الثنائية إلى أعلى المستويات.
وفي هذا الخصوص، يؤكد الخبير في الدراسات الأمنية والإستراتيجية، الدكتور عمار سيغة، أن التعاون الثنائي الجزائري الأمريكي، صار واعدًا بشرَاكات جديدة تشمل قطاعات غير أمنية، ما يعكس الاحترام الدولي الذي تحظى به الجزائر، بخلاف التقارير المغلوطة المصاغة داخل دوائر أوروبية ضيقة، تهدف إلى تقديم سردية مغايرة للواقع الإيجابي متعدد الأبعاد عن بلد الشهداء.
وقال الدكتور عمار سيغة، في تصريح خصّ به “الشعب”، أن الإهتمام الأمريكي بتعزيز التعاون مع الجزائر، يساعد على تحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي على المستويين الإفريقي والمتوسطي، ويسمح بتعميق التنسيق الأمني في إطار مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف بين البلدين، خاصة أنه يشكل أولوية لدى واشنطن، في ظل إعادة رسمها لخرائط التموضع الجيوسياسي في العالم.
وأوضح سيغة، أن هذا التقارب سيسهل من توسيع وتنويع الاستثمارات الأمريكية وممارسة الأعمال الاقتصادية في الجزائر، في إطار المصالح المشتركة للبلدين وفق قاعدة رابح رابح، لاسيما في صفقات الطاقة والصناعة والتكنولوجيا، مع ضرورة الاستمرار في التواصل في ما يخص الملفات الأمنية والسياسية المطروحة في قارة إفريقيا والشرق الأوسط.
وأشار محدّثنا، إلى أن مجالات التعاون بين الجزائر وواشنطن ستعزّز أكثر في المرحلة القادمة، والولايات المتحدة توّاقة إلى استغلال فرص الشراكة المتاحة مع بلد الشهداء.
وقد اعتبر سيغة تقرير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الأخير حول تطوّر العلاقات الجزائرية الأمريكية، مهما بالنسبة لدوائر صناعة القرار في البيت الأبيض، مضيفًا أن هذا النوع من مراكز البحث والاستشراف، يعدّ مصدرًا قويًا لبلورة السياسات، وفهم وإدراك صناعة القرارات المصيرية، خاصة منها تلك المرتبطة بالسياسة الخارجية الأمريكية.
كما تؤكد المؤشرات على رغبة الولايات المتحدة في توسيع التعاون مع الجزائر بقطاعات غير أمنية مثل الطاقة والمناجم والصحة والفلاحة وإدارة المياه، في ضوء صعود الاستثمارات الصينية داخل البلاد، وفقا للمصدر ذاته.
وخلص الخبير في الدراسات الأمنية والإستراتيجية، الدكتور عمار سيغة، إلى أن الجزائر تملك فرصًا واعدة لتحقيق مراتب اقتصادية متقدمة قاريًا وإقليميًا، في ظل النمو الكبير الذي تعرفه مختلف قطاعاتها الإنتاجية غير الطاقية، فضلاً عن ذلك تحوز أيضًا على نقاط قوة في المجال الدبلوماسي وقدرتها على الوساطة والحوار بين الفرقاء السياسيين، وحل النزاعات بالطرق السلمية، مما يجعلها محل اهتمام من مختلف القوى الفاعلة في العالم على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين.
ومن جهته، يعتقد الباحث في العلاقات الدولية، البروفيسور نور الصباح عكنوش، أن العلاقة الجزائرية الأمريكية لم تولد من آخر غيث، فهي علاقات عميقة وذات طابع خاص ومختلفة عن علاقات الجزائر مع الغرب.
وأكد البروفيسور نور الصباح عكنوش، في حديثه لـ«الشعب”، أن أهم محددات علاقة الجزائر بواشنطن تتمظهر على المستوى الأمني والدبلوماسي والطاقوي في إطار إستراتيجي.
وأضاف عكنوش أن علاقة الجزائر بالولايات المتحدة كانت أفضل في وضعها مع الغرب، وشهدت في عدة مراحل ما قبل الاستعمار وبعد الاستقلال زخمًا وتراكمًا، مشيرًا أن الوقت قد حان للبناء على الماضي المفعم بالودية جسورا للمستقبل.
كما أبرز محدثنا أن العلاقات الدولية دخلت في سياق تحولات كبرى بعد جائحة وباء كورونا كوفيد-19، واندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وأزمة الطاقة العالمية، وحدث السابع من أكتوبر 2023، وكلها محطات تقتضي مراجعة نسق تشبيك العلاقات بين الدول في المرحلة القادمة.
وتابع عكنوش: “هناك ما يمكن البناء عليه في هذا البُعد الحيوي للمستقبل، فالرمزيات تجمعنا مع الولايات المتحدة منذ أمد مثل مدينة الأمير عبد القادر في أمريكا، وموقف الرئيس كينيدي من استقلال الجزائر، وصولا إلى أداء جنود أمريكيين للنشيد الوطني، ومرورا بدور الجزائر في تحرير الرهائن الأمريكان في طهران عقب الثورة الإيرانية.
وعلى هذا المستوى أيضًا يجمع البلدان الصديقان الأزمة في الساحل الإفريقي من حيث التفاهمات والاتفاقات العسكرية مع “الأفريكوم”، ومن خلال تكثيف التنسيق الأمني مع واشنطن سواء في مالي أو النيجر أو في ليبيا من أجل إيجاد حل مستدام يدعم عناصر الأمن والتنمية في هذا البلد العربي الجار المنقسم على نفسه، وما رسالة واشنطن الايجابية حيال اجتماع القاهرة الأخير للآلية الثلاثية إلا مؤشرًا على أهمية التعامل مع أمريكا في المكان والزمان اللذان ينفعان الجزائر في المدى المنظور، بحسب المصدر ذاته.
الدور الكبير الذي يقوم به سفير الجزائر في الولايات المتحدة مهم جدًا ويهدف إلى تعزيز قيم الشراكة بين البلدين، وهو ما يجب تدعيمه مستقبلا بلغة المصالح المتبادلة. وقد تكون زيارة مستشار الرئيس الأمريكي رفيع المستوى لإفريقيا والشؤون العربية والشرق الأوسط، السيد مسعد بولوس، على رأس وفد هام، إلى الجزائر، نقطة انطلاقة جديدة لروابط ترنو للنمو ايجابيًا دون الإخلال بمبدأ تعدد الشراكات بالنسبة للجزائر التي تبحث عن التكيف مع المتغيرات العالمية في ظل ثبات القناعات الدبلوماسية، يذكر الباحث في العلاقات الدولية، البروفيسور نور الصباح عكنوش.
هذا وسبق وأن أصدر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، قبل أسبوعين، تقريرًا مهمًا أشاد فيه بإمكانات وموارد الجزائر، التي تتيح فرصًا كبيرة لإقامة شراكة إستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وقدم جملة من مميزاتها الاقتصادية والدبلوماسية التي جعلت منها فاعلا رئيسيًا في إفريقيا والشرق الأوسط.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19837

العدد 19837

الخميس 31 جويلية 2025
العدد 19836

العدد 19836

الأربعاء 30 جويلية 2025
العدد 19835

العدد 19835

الثلاثاء 29 جويلية 2025
العدد 19834

العدد 19834

الإثنين 28 جويلية 2025