انتصـارات قانونية في ملـف الثروات.. قاعدة صلبــة لاستئنـاف النضــال
ملاحقـات جنائيــة ضـد شركــات النهب بدايــة مــن جانفـــي 2026
كسر الحصـار الإعلامي ووضــع الدعايــة المخزنيـة في الزاويـة الضيقــة
رفض دولي لشرعنــة الاحتــلال بتصويــر “أوديسا” في الداخلـة المحتلة
حققت القضية الصحراوية نقلة نوعية في مسارها النضالي؛ سياسيا من حيث الدعم الدولي المتزايد للقضية العادلة. وقانونيا لاسترجاع حقوق الشعب الصحراوي انتهكها نظام المخزن في المغرب. كما حققت انتصارات عسكرية في كفاحها المسلح الذي استأنفته عقب خرق الاحتلال المغربي اتفاق الهدنة ذات نوفمبر 2020.
كان حصولها على قرار محكمة العدل الأوروبية الذي أبطل اتفاقيات الصيد والتجارة بين الاتحاد الأوروبي والاحتلال المغربي، منعرجا حقيقيا، خاصة فيما تعلق بالاعترافات الأهم في هذا القرار التي تؤكد أن الشعب الصحراوي هو السيد على ثرواته، ولا يمكن التصرف فيها دون العودة إليه واستشارته، وأن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي.
شكلت هذه التفاصيل في القرار أرضية صلبة في مسار نضال البوليساريو لإنهاء الاحتلال المغربي، ليس بمقاضاته هو فقط، بل بمقاضاة الشركات التي تورطت أو مازالت تتواطؤ معه في نهب ثروات الشعب الصحراوي، أمام القضاء الجنائي، باعتبارها شريكة في جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها المخزن ضد الشعب الصحراوي، بالتالي يمكن الترافع به، أي القرار، في ملف حقوق الإنسان لتضاف آلية مراقبة حقوق الإنسان لبعثة مينورسو.
تأييد خارجي متزايد
لم يقتصر الدعم الخارجي للقضية الصحراوية على الاعتراف الدبلوماسي من دول أخرى، بل امتد إلى الدعم الشعبي في مختلف مناطق العالم في أوروبا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث يتم، بشكل دوري، تنظيم فعاليات لمساندة حق تقرير المصير للشعب الصحراوي، ومن ذلك مشاركتها في الاجتماع الوطني السابع عشر لحزب العمل البرازيلي، الحزب الحاكم في البلاد. وكان الاجتماع فرصة للقاء وفود العديد من الدول، الذين أكدوا تأييدهم للحق المشروع والشرعي، على غرار الأرجنتين والشيلي والأورغواي وإسبانيا وفنزويلا، التي جددت للرئيس الصحراوي إبراهيم غالي، قبل أيام فقط، موقفها الداعم للشعب الصحراوي وحقه في تقرير المصير.
وفي ألمانيا، تجري فعاليات أسبوع نضال المرأة الصحراوية وعرض أفلام توثق نضالها. فيما خصصت مدينة اتشيريالي الإيطالية يوما للاحتفال بالثقافة الصحراوية، من أجل التعريف بها. بينما نظمت الفيدرالية الكنارية للبلديات عدة فعاليات لاستقبال الأطفال الصحراويين.
وفي الأثناء، عبرت الجمعية البنمية للتضامن مع الشعب الصحراوي، عن إدانتها لتصوير فيلم “أوديسا” بمدينة الداخلة المحتلة، معتبرة ذلك خرقا للقانون الدولي، لتنضم بذلك إلى اتحاد المحامين الأوروبيين الذي بدأ في إعداد شكوى ضد شركة يونيفرسال “بيكتشرز” المنتجة للفيلم أمام محكمة العدل الأوروبية، مستندا إلى أن الصحراء الغربية تعتبر أرضا محتلة، بحسب القانون الدولي. كما هددت جبهة البوليساريو بمقاضاة جميع الشركات المشاركة في الإنتاج ودعت إلى مقاطعة عالمية للفيلم، معتبرة أن التصوير يمثل شرعنة للاحتلال.
وقارنت صحيفة التلغراف البريطانية بين تصوير الفيلم في الأراضي المحتلة وبين الأفلام التي صورت في المستوطنات الصهيونية غير الشرعية، معتبرة أن ذلك “يعيد إنتاج جرائم الاستعمار عبر السينما”..
كل هذه التظاهرات وغيرها كثير على مستوى العالم، تعني كسر الحصار الإعلامي الذي يفرضه نظام الاحتلال المغربي، مما أدى إلى دحر دعايته وفتح عيون الشعوب على حقيقة معاناة الشعب الصحراوي منذ خمسين عاما.
وبالتوازي مع ذلك، يواصل الجيش الصحراوي حرب استنزاف ضد المخزن الذي تكبد خسائر فادحة، وعجز عن الحسم العسكري، خاصة بعد استئناف القتال في نوفمبر 2020، وتوسيع دائرة المواجهة والأهداف، وهو ما دفعه للدعوة لوقف إطلاق النار، بحسب عسكريين صحراويين.
ملاحقات جنائية
تعتزم البوليساريو متابعة الشركات المتعاونة مع الاحتلال المغربي في نهب الثروات الصحراوية أمام القضاء الجنائي الدولي، بتهمة المشاركة في إبادة الشعب الصحراوي، من خلال تمويل خزينة النظام المخزني، الذي يتربح من بيع ثروات ليست ملكه. وفي السياق، أصدر رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة السيد إبراهيم غالي، في وقت سابق، تعليمة رئاسية لتشكيل مجموعة مكلفة بمتابعة ملف الثروات الطبيعية والقضايا القانونية ذات الصلة.
من جهته أعلن مركز التحليل للصحراء الغربية (CASO)، الثلاثاء الماضي، أنه “اعتبارا من الفاتح جانفي 2026 سيرفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الفرنسية في إطار مهامه المتعلقة بالمصلحة العامة ضد كل شركة أو كيان اقتصادي ساهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، في استغلال الموارد الطبيعية للصحراء الغربية التي تعتبر إقليما غير مستقل، بحسب الأمم المتحدة، دون الموافقة الحرة المباشرة للشعب الصحراوي، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الصحراوية.
وتستند هذه المتابعات القانونية، المزمع مباشرتها، على قرار محكمة العدل الأوروبية لعام 2024 الذي يعتبر مرجعية قوية يمكن اعتمادها في المرافعات، إذ منح حصانة لأهلية جبهة البوليساريو في الترافع عن حق الشعب الصحراوي، إضافة إلى قرار مجلس الدولة الفرنسي، الصادر عقب قرار محكمة العدل الأوروبية، والقاضي بإلزامية وضع وسم “مستورد من الصحراء الغربية” على المنتجات الفلاحية الصحراوية والإشارة إليها وحدها كبلد المنشأ.
إلى ذلك، دعا المرصد الدولي لمراقبة موارد الصحراء الغربية، الخميس، الجهات المعنية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، إلى اتخاذ إجراءات “صارمة” لضمان احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة وحماية حقوق الشعب الصحراوي في ثرواته، وأن العديد من الشركات التي تتاجر بمنتجات سمكية منشؤها الصحراء الغربية المحتلة تواصل إدخال هذه المنتجات إلى السوق الأوروبية، رغم أحكام محكمة العدل الأوروبية الصادرة في 4 أكتوبر 2024 التي تمنع هذا الأمر، معتبرا ذلك دعما ضمنيا للاحتلال المغربي غير القانوني في الصحراء الغربية.