يضمن القانون الدولي للدولة كامل الحق في إبرام الاتفاقيات والمعاهدات والتصديق عليها أو التحفظ على بنودها، والانضمام إليها أو الانسحاب منها، ويعتبر أن ذلك من صميم الممارسات السيادية للدولة، بما يتيح لها الحق في اتخاذ القرارات المتعلقة بمصالحها الوطنية، وهو حق تمارسه الدولة الجزائرية بكل سيادة، بحسب أستاذ القانون العام الدكتور موسى بودهان.
تمارس الدولة الوطنية سيادتها الكاملة فيما تعلق بإبرام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وما يترتب عن هذا الحق من حق في التفاوض والاتفاق على شروط الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، والتصديق عليها بما يتوافق والإجراءات الدستورية والقانونية للدولة، ويعني ذلك أن تلتزم الدولة بتنفيذ شروطها والامتثال لأحكامها، مادامت عضوا فيها، كما يمكنها الانسحاب من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وفقا للشروط والإجراءات المحددة في الاتفاقية.
ولها أيضا الحق في تفسير الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وفقا لمبادئ القانون الدولي وقواعد التفسير.
في هذا السياق، أكد أستاذ القانون العام الدكتور موسى بودهان، في اتصال مع «الشعب»، أن توقيع الجزائر على الاتفاقيات الدولية هو أمر سيادي محض، وبالتالي فإن تعديل القوانين وسن القوانين الجديدة، ومراجعة قوانين قائمة هو من العمل السيادي للدولة الجزائرية، من حقها أن تسن ما تراه مناسبا من القوانين وتعدل ما تراه كذلك، وهو لا يعد إشكالا، مادامت لم تخرج عن إطار ما ينص عليه الدستور وعادات وتقاليد وأعراف الأمة الجزائرية.
وأضاف، أنه لا ينبغي الانسياق وراء دعوات المساواة بين الرجل والمرأة فيما يخالف تعاليم الدين الإسلامي، باعتباره دين الدولة بنص الدستور، وبالتالي لا يمكن أن تكون القوانين مخالفة للدستور. وعليه، نحن لا نعارض أية تعديلات في القوانين، مادامت لم تخرج عن إطار ضوابط الدستور واحترام عادات وتقاليد وأعراف الأمة الجزائرية.
وبالمناسبة، تطرق الدكتور بودهان إلى مسألة إقدام الجزائر على رفع التحفظ عن المادة 15 الفقرة الرابعة من اتفاقية سيداو. وقال، إن ما جاء في المادة، سبق للجزائر أن عدلت قوانينها المتعلقة بنقل جنسية الأم إلى الأبناء، بتعديل الأمر 70/86 بالأمر 05/01 الذي صدر سنة 2005، وعليه هذا الأمر تم الفصل فيه، كذلك الأمر المتعلق بحق المرأة ومساواتها مع الرجل، فعدلنا أولا القانون 84-11 بموجب القانون 05/02، الصادر سنة 2005، وقبل ذلك فصل دستور الجزائر في مسائل كثيرة منها المساواة بين المرأة بالرجل، بما يضمن لها حقوقها السياسية والاجتماعية والمدنية، كما ضمن لها حرية التنقل وإبرام العقود وغيرها من الممارسات التي تعتبر مشتركة مع الرجل، والتي تتنافى مع روح المجتمع الجزائري وتعاليم الدين الإسلامي. وبالتالي، يقول أستاذ القانون العام، إن الأمر لا يتعلق بتعديلات جديدة في قانون الأسرة، أو قانون الجنسية، لأنه سبق تعديلها وهي لم تعد تتعارض والمادة التي رفع عليها التحفظ. واعتبر أن مراجعة قوانين قائمة يندرج ضمن العمل السيادي للدولة الجزائرية، ومن حقها أن تسن ما تراه مناسبا.