في خطاب افتتاحي تاريخي لمعرض التجارة البينيـة الإفريقية..رئيـس الجمهوريـة:

منطلـــــق جديـد وعهد متجدّد..

المركز الدولي للمؤتمرات: فضيلة بودريش

إفريقيـا ليست حقل تجارب لأسلحة أجنبية..ومن يريد وقف الهجرة السريــة فليساعدها على الاستثـمار وتوفـير فــرص عمل لشبابهـا

 معتــزون باحتضان طبعة تأتـــي في ظــرف عالمــي بالــغ الدقـــة والحساسيـــة

الجزائـر تسعـى بمشاريــع عملاقـة إلـى استــدراك النقائـص ورفـع التحـدي

نفتخر بتكويــن 65 ألـف إطـار إفريقــي..ومحو ديــون 14 دولة أفريقية

نعمــل بـدون ضجـة عـلى توفــير سنويــا 8 آلاف منحــة دراسيــة للأشقــاء

اللقـاء ليـس تظاهـرة اقتصاديـة فقـط بـل تجسيـد لوعـي جماعـي نحو بناء قارة متكاملة

أحرزنا إنجـازات..لكن الطريـق لا يزال طويـلا لتصحيح المظالم التاريخية في حق إفريقيا

تمكـين قارتنــا مـن صناعـة القــرار الاقتصـادي الــدولي وتجـاوز التهميـش

فلتصنـــع قارتنــا غذاءها بنفسـها وتستثمـــر ثرواتهـا لصالــح أبنائهــا

وضع رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، خارطة طريق شاملة لتعميق التعاون والتبادل البيني القاري، في إطار تجنيد الجهود لتحقيق حلم التكامل الإفريقي، يجعل الشباب في قلب المقاربة التنموية، ويقود قاطرة الابتكار وتكريس التحرر الاقتصادي، بما يسمح بالتغير والازدهار؛ لأن مستقبل القارة بيد شبابها، وفي إصرارها على أخذ موقعها وتبوئ مكانتها المستحقة في عالم متغير وسريع التطور.

رافع رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الخميس،  من أجل رؤية جامعة ومشتركة لإفريقيا قوية وفاعلة، مؤكدا حرص الجزائر على أن تكون طرفا فاعلا ضمن هذه الرؤية المستقبلية الطموحة.
 وخلال إشرافه بالمركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال” على افتتاح الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية 2025، أكد رئيس الجمهورية أن “إفريقيا هي المستقبل وأن الجزائر ستكون طرفا فاعلا في مسعى رفع تحدي التنمية في القارة”، وأعرب عن فخر واعتزاز الجزائر باحتضانها للطبعة الرابعة لهذا المعرض الذي ينعقد - كما قال - في “ظرف عالمي بالغ الدقة والحساسية..ظرف تتسارع فيه الأحداث على نحو غير مسبوق”.
 وأكد رئيس الجمهورية أن اللقاء “ليس مجرد تظاهرة اقتصادية، بل هو تجسيد لوعي جماعي يحدونا جميعا نحو بناء قارة متكاملة، قارة قوية الإرادة وقارة فاعلة في محيطها الإقليمي والدولي”، وذكر بما تم تحقيقه على المستوى القاري قائلا: “لن ننكر أننا أحرزنا إنجازات معتبرة خلال العقدين الماضيين، أبرزها تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية وانضمام الاتحاد التجاري الإفريقي إلى مجموعة العشرين وربط علاقات شراكة مع أكبر القوى والمنظمات الاقتصادية في العالم”، معتبرا أن “الطريق لا يزال مع ذلك طويلا لتصحيح المظالم التاريخية في حق إفريقيا وافتكاك المكانة التي تليق بها في الاقتصاد العالمي”.

جهــود موحـّدة..

 ودعا رئيس الجمهورية إلى “توحيد جهود الدول الإفريقية من أجل تمكين القارة من المساهمة في صناعة القرار الاقتصادي الدولي وتجاوز التهميش الذي تعاني منه”، مستدلا في ذلك بالحصص الضئيلة التي تحوزها الدول الإفريقية في هذه الهيئات كعدم تجاوز حصتها في حقوق التصويت بصندوق النقد الدولي نسبة 6.5 بالمائة، وهي الحصة الأضعف على الإطلاق بهذه المنظمة، فيما لا تتجاوز بالبنك العالمي 11 بالمائة.
 الأمر نفسه بالنسبة لحصة إفريقيا من التجارة العالمية، والتي ذكر رئيس الجمهورية بأنها لا تتجاوز 3 بالمائة، ما يعد “رقما ضئيلا مقارنة بما تمتلكه القارة من موارد تشكل 30 بالمائة من الثروات الطبيعية العالمية، يضاف إلى ذلك تجاوز عدد سكانها المليار ونصف المليار نسمة، يشكلون سوقا استهلاكيا صاعدا وهائلا”.
 وفي ذات المنحى، ذكر رئيس الجمهورية بأن حصة إفريقيا من تدفق الاستثمارات العالمية لا تتجاوز 94 مليار دولار أمريكي سنويا، وهي “الحصة الأضعف في العالم”، بحيث تمثل نسبة لا تتجاوز 6 في المائة من إجمالي هذه التدفقات.
 كما توقف رئيس الجمهورية عند “الفجوة العميقة في البنى التحتية الأساسية للنقل والطاقة والاتصالات والتمويل” التي تعاني منها القارة الإفريقية، مبرزا أن هذه المعطيات “يجب ألا تحد من عزيمتنا، بل على العكس، ينبغي أن تكون دافعا إضافيا للنهوض بطاقاتنا الجماعية لتحويل واقعنا القاري إلى نجاح في التنمية”.
 وتطرق رئيس الجمهورية، في كلمته الافتتاحية، إلى مساعي الجزائر في استدراك هذه النقائص والمساهمة في رفع التحدي لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية، من خلال العديد من المشاريع الهيكلية الكبرى التي تعود بالنفع على القارة، وفي صدارتها الطريق العابر للصحراء وأنبوب الغاز الجزائر- نيجيريا الذي سيؤمن الطاقة لعدة دول وكذا مشروع الألياف البصرية الذي يعزز السيادة الرقمية وخط السكة الحديدية الذي سيصل إلى أعتاب الدول الشقيقة جنوبا، حيث يمر من أدرار إلى مالي وخط يصل إلى النيجر مرورا بتمنراست، بالإضافة إلى إطلاق رحلات جوية وبحرية تربط العواصم الإفريقية وفتح فروع للبنوك الجزائرية في مختلف البلدان الإفريقية، إلى غيرها من المشاريع.
 كما أشار رئيس الجمهورية إلى المساهمة في توفير مقومات التجارة البينية الإفريقية، لا سيما عبر إنشاء خمس مناطق للتبادل الحر مع الدول الشقيقة في المغرب العربي ومنطقة الساحل الصحراوي.
 وفي معرض تأكيده على البعد التضامني الذي تتبناه الجزائر تجاه باقي دول القارة، أشار رئيس الجمهورية إلى أن “الجزائر تفتخر بأنها ساهمت منذ استقلالها في تكوين ما لا يقل عن 65 ألف إطار إفريقي، إيمانا منها بأهمية النضال من أجل تنمية إفريقيا”، وأضاف أن الجزائر قامت إلى وقت قريب بمحو ديون 14 دولة إفريقية، قدرت قيمتها بـ1.5 مليار دولار، وهو ما يبرز التوجه الإفريقي للجزائر.
وأعرب رئيس الجمهورية عن يقينه بأن “مستقبل إفريقيا، كما تؤمن به الجزائر، يكمن في مدى القدرة الجماعية لدولها على إقامة بنية تحتية متكاملة، مبرزا أهمية خلق مناخ للاستثمار لفائدة الجميع، وهو الهدف الذي يرتبط تحقيقه - مثلما قال - بـ«مضاعفة الجهود وحشد الطاقات وتوحيد المسار لنحول منطقة التجارة الحرة الإفريقية إلى أداة فعلية للتنمية”.
 واستدل رئيس الجمهورية بقدرات الجزائر التي يمكن أن تسهم في نمو القارة، من خلال إمكانية استقبال الموانئ الجزائرية في غضون 5 أو 6 سنوات المقبلة، للبضائع القادمة من دول افريقية لا تملك منفذا على البحر.

نناضل لتنمية افريقية حقيقية

ودعا رئيس الجمهورية الرؤساء والقادة الأفارقة المشاركين في هذه التظاهرة الاقتصادية الكبرى والتي تعد محطة مركزية في مسار التحول الاقتصادي والتجاري، إلى جعل الطبعة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية، منطلقا جديدا وعهدا متجددا تتكاتف فيه الجهود من أجل افريقيا قوية، متضامنة ومزدهرة، وقال: “فلتصنع إفريقيا غذاءها بنفسها ولتستمر وتستثمر ثرواتها لصالح أبنائها وبناتها وتنتزع مكانتها عن جدارة واستحقاق في عالم اليوم والغد على حد سواء”، وكما صرح رئيس الجمهورية قائلا: “أتوجه إليكم بكلمات ربما تكون عاطفية، لكنها نابعة من صميم القلب، نحن نناضل من أجل تنمية افريقية حقيقية”. مراهنا على أهمية تدفق الاستثمارات المنتجة والتي تبدأ من ضرورة خلق مناخ للاستثمار لفائدة الجميع، ويتطلب ذلك حسب تأكيد رئيس الجمهورية أهمية مضاعفة الجهود وتجنيد الطاقات وتوحيد المسار لتحويل منطقة التجارة الحرة الإفريقية إلى أداة فعلية للتنمية.

صناعـة القرار الاقتصــادي

ولقد برهنت الجزائر، من خلال خطاب الرئيس تبون التاريخي، على تأثيرها الإيجابي بشكل يخدم مسارات التنوع الاقتصادي ويدعم جهود الاستقرار، ودعا الرئيس إلى المواصلة على هذا النهج حتى تتمكن القارة السمراء من أخذ فرصتها في التطور والاندماج وتحقيق النهضة وتجاوز تحدي التهميش.

الجزائر أنجزت مشاريع هيكلية للقارة

وقدم رئيس الجمهورية صورة مفصلة عن واقع وتحديات الحياة الاقتصادية والمؤشرات الكبرى المرصودة في القارة الإفريقية، وحرص على تحفيز العزائم وشحذ الهمم من أجل رفع التحدي عاليا وعدم التأثر بأي نقائص مسجلة، من بينها الفجوة المسجلة في البنى التحتية الأساسية لقطاعات النقل والطاقة والاتصالات والتمويل”، والسير قدما من أجل تحويل أي واقع صعب إلى دافع ومحفز للتغيير والنهوض بالطاقات الجماعية وتحويلها إلى نجاح تنموي وتطور اقتصادي يحمل القارة إلى بر الأمان. وأوضح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أن مستقبل القارة الإفريقية يتوقف على مدى القدرة الجماعية لدولها في إنجاز بنية تحتية متكاملة.
وسلط رئيس الجمهورية على مختلف الجهود الجادة والمتواصلة للجزائر في سد الفجوات واستدراك النقائص، من خلال الاستثمار الكبير في رهانات محورية لفائدة الأجيال عبر إنجاز سلسلة من المشاريع الهيكلية الكبرى، التي من المرتقب أن تتقاسم إيجابياتها دول القارة الواحدة، وذكر السيد الرئيس من جملة هذه المشاريع كل من الطريق العابر للصحراء وإلى جانب أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر ونيجيريا مرورا بالنيجر وإلى جانب مشروع الألياف البصرية الذي يراهن عليه في تعزيز السيادة الرقمية، ويقابله إطلاق رحلات جوية وبحرية تربط العواصم الإفريقية وكذا فتح فروع للبنوك الجزائرية في عدة بلدان إفريقية، ومشاريع إستراتجية ذات بعد قاري، بينها توفير مقومات التجارة البينية الافريقية، على غرار إنشاء خمس مناطق للتبادل الحر مع الدول الشقيقة في المغرب العربي وكذلك في منطقة الساحل الصحراوي.
وكشف رئيس الجمهورية أن الجزائر لم تدخر جهدا في سبيل منح دفع قوي لتطور القارة، في إطار تضامنها المستمر بقناعة، مؤكدا أنها تفتخر منذ الاستقلال تكوينها أزيد من 65 ألف إطار إفريقي، انطلاقا من إيمانها العميق بأهمية النضال من أجل تنمية إفريقيا”، وقال في نفس السياق أن الجزائر تعمل ضمن هذا المسعى “دون ضجة’’. وتستمر في توفير سنويا نحو 8 آلاف منحة دراسية للأشقاء الأفارقة، وهذا ما يسمح لهم الالتحاق بمقاعد ومعاهد وأقطاب الامتياز في تخصصات الرياضيات والروبوتيك والذكاء الاصطناعي.
وأقر السيد الرئيس أن إفريقيا في حاجة ماسة للاستثمار وقال أنها ليست “حقل تجارب لأسلحة أجنبية” موضحا في نفس المقام أن من أراد إيقاف الهجرة، أو ما يطلق عليها “غير الشرعية” فليساعدها على الاستثمار وتوفير فرص عمل للشباب الإفريقي لتحسين الظروف ووقف إجحاف العالم في حق إفريقيا”.

كلمـات مضيئـة مـن خطـاب الرئيــس تبـــون

 -  إن لقاءنا، اليوم، ليس مجرد تظاهرة اقتصادية، بل هو تجسيد لوعي جماعي يحدونا جميعًا نحو بناء قارة متكاملة، قارة قويّة الإرادة، وقارة فاعلة في محيطها الإقليمي والدولي..

-  تفخر الجزائر بأنها ساهمت منذ استقلالها في تدريب عدد كبير من الإطارات الأفريقية، بدون ضجة وبدون منّ، إيمانًا منا أننا نناضل في صمت من أجل إفريقيا.

-  همّنا اليوم اقتصادي بامتياز، وهو همّ مصيري، يستوقفنا جميعًا لنطرح السؤال الجوهري: أين تقف إفريقيا اليوم من الاقتصاد العالمي بأسره؟

- إفريقيا لا تزال مغيّبة في صنع القرار الاقتصادي العالمي، بحكم تهميشها في أغلب المؤسسات الاقتصادية والتجارية والمالية الدولية، فمثلاً، لا تتجاوز حصة الدول الإفريقية مجتمعة نسبة 6.5 بالمائة من حقوق التصويت بصندوق النقد الدولي.

 إن الجزائر تؤمن أن نجاح منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية يتوقف على مدى قدرتنا الجماعية على إقامة بنية تحتية متكاملة.

- لنجعل من هذه الطبعة منطلقًا جديدًا وعهدًا متجددًا، نضع فيه أيدينا بأيدي بعضنا البعض ونسير فيه بخطى ثابتة نحو إفريقيا قوية متضامنة مزدهرة، إفريقيا تصنع غذاءها بيدها، تستثمر ثرواتها لصالح بناتها وأبنائها، وتنتزع مكانتها عن جدارة واستحقاق في عالم اليوم وعالم الغد على حد سواء.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19867

العدد 19867

الخميس 04 سبتمبر 2025
العدد 19866

العدد 19866

الأربعاء 03 سبتمبر 2025
العدد 19865

العدد 19865

الثلاثاء 02 سبتمبر 2025
العدد 19864

العدد 19864

الإثنين 01 سبتمبر 2025