فرصة تاريخيـــة لتجسيد اتفاقــية منطقـة التــبادل الحـــرّ
وفّر معرض التجارة البينة الإفريقية، أرضية واقعية لربط اقتصادات الدول الإفريقية، ومحاكاة مصغّرة لتفعيل مقوّمات التكامل القاري الإفريقي، كما يراد له أن يكون مستقبلا، وأثبت الإقبال المتميّز للمشاركين من متعاملين اقتصاديّين حكوميّين وخواص وزوار، أنّ تحقيق التكامل الإفريقي والاندماج الإقليمي وتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين الدول، ممكن التحقيق وذلك ما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار في المنطقة، وقد لاقت النسخة الجديدة من المعرض نجاحا لافتا، أشادت به الصّحافة الإفريقية، بفتحه آفاقا جديدة للمتعاملين الاقتصاديّين الأفارقة، وللدول والحكومات في تشكيل مواقف موحّدة إزاء مصالح القارّة.
جمعت الطبعة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية كل المقومات التي تسمح بتعزيز التكامل القارّي، وهي نفسها مقومات التكامل، حيث تمّ خلال المعرض إبرام العديد من الاتفاقيات التجارية، التي تعزّز التجارة البينية الإفريقية في إطار تدعيم اتفاقية التجارة الحرّة القارية الإفريقية للوصول إلى إنشاء سوق موحّدة.
كما أبرمت اتفاقيات في مجال تنمية وتطوير البنى التحتية في دول القارّة، وتكوير النقل البرّي والبحري وفتح خطوط جوية جديدة، سيما من الجزائر نحو دول إفريقية في شكل رحلات مباشرة. ومن شأن ذلك تسهيل حركة التجارة والاستثمارات بين الدول الإفريقية.
أكّدت الجزائر بما لا يدع مجالا للشكّ، أنها قاطرة إفريقيا ورافدها نحو تحقيق الحلم الإفريقي في التكامل، وقد وضعت كامل خبرتها وتجربتها التي مكّنتها للنهوض في بضع سنوات، لتصبح ثالث أقوى اقتصاد إفريقي.
فــرص واعــدة
كما شكّل المعرض فرصة لتقوية التعاون الاقتصادي، من خلال تبادل الخبرات والموارد، وتشجيع الاستثمارات المشتركة.
إلى جانب تشجيع الابتكار وريادة الأعمال، حيث خصّصت مساحة واسعة لرواد الأعمال الأفارقة، وبحث فرص توفير الدعم المالي والتقني للشركات الناشئة والمؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة. وتعزيز التعليم والتدريب في مجالات متعدّدة، لضمان توافر الكفاءات والمهارات اللازمة لدفع عجلة التكامل القاري، واتضح ذلك في المشاركة الفعالة للجامعة في نشاطات المعرض، باعتبارها فضاء لإنتاج الكفاءات التي تقود تنمية الدول.
يضاف إلى تلك المقومات تحقيق التنمية المستدامة، والتي انعكست في فرص الاستثمار التي قدّمها المعرض للدول والمتعاملين الاقتصاديّين في مختلف الدول الإفريقية. حيث بلغت قيمة الاتفاقيات التجارية والاستثمارية 48.3 مليار دولار، وهو رقم أكبر ممّا كان متوقّعا (44 مليار دولار).
وحدة المواقف السياسية
لعل من أبرز ركائز التكامل الاقتصادي القارّي ونتائجه على حدّ سواء، هو التكامل السياسي الذي يبرز من خلال التعاون بين الحكومات والمنظمات الإقليمية، لضمان استقرار وأمن المنطقة، وهو ما اتضح جليا من خلال المعرض عندما أبدى رؤساء عديد الدول في تصريحاتهم الرغبة الكاملة لتوحيد المواقف خدمة لقضايا القارّة، من أجل إفريقيا واحدة وموحّدة ومؤثرة في محيطها القارّي والدولي، واستغلال ثرواتها استغلالا كاملا، من خلال التحول من مجرّد استخراج المواد الأولية التي تزخر بها إفريقيا، إلى التصنيع المولّد للثروة. وربط جسور شمال القارة بجنوبها، لأنّ المصير مشترك كما كان ماضيها مشتركا، سيما فيما تعلّق بتعرّضها للمدّ الاستعماري، وآثاره الوخيمة على تطورها. كما أنّ توفر الإرادة السياسية التي أبداها القادة الأفارقة تمكّن من تجسيد فعلي لحلم منطقة التجارة الحرّة الإفريقية.
وقد اجتمعت هذه المقوّمات التي تشكّل أساسا قويا لدفع عجلة التكامل القارّي الإفريقي، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة في القارّة.
الصّحافـة الإفريقيــــة تشيـــد
هذا وأشادت الصّحافة الإفريقية بمعرض التجارة البينية الإفريقية 2025، باعتباره محطة محورية في مسار التكامل الاقتصادي القاري وفرصة لتجسيد اتفاقية منطقة التبادل الحرّ الإفريقية “زليكاف” على أرض الواقع. ووفّر منصة للشركات والحكومات والمستثمرين لإقامة شراكات وتسهيل صفقات التجارة. إضافة إلى فتح نقاشات إستراتيجية حول “التجارة والوحدة القارية” ورفع سقف الطموحات لبناء “قارّة قوية ومستقلة اقتصاديا”. كما أشادت الصّحافة الإفريقية بالتنظيم المحكم للمعرض، معتبرة أنّ الجزائر أثبتت مرّة أخرى قدرتها على استضافة فعاليات كبرى ذات بعد قاري ودولي.
فعلى سبيل المثال وصفت يومية “لاناسيون” البنينية التظاهرة بأنها “واجهة للقدرات الاقتصادية الإفريقية ومحفّز لتجسيد اتفاقية زليكاف”. وتناولت صحيفة “بيزنس داي” و«ماينيجمنت توداي” لجنوب إفريقيا تأثير المعرض الايجابي على التجارة والاستثمار في جنوب إفريقيا.
فيما سلّطت صحيفة “ذا جوارديان” و«بيزنس هول” بدولة نيجيريا، على المشاركة النيجيرية في المعرض وفرص الاستثمار المتاحة. وثمّنتا نجاح المعرض في كشف فرص الاستثمار المتاحة في إفريقيا.
