مستجدات هامّة في مختلف المستويات.. خبراء لـ «الشعب»:

مراجعة المناهج الدراسية لتحسين جودة التعليـم

سارة بوسنة

تحقيــق التـوازن بـين تدعيم المهـارات الأساسية للطفـل وتنميـة وعيـه

شرعت وزارة التربية الوطنية مع الدخول المدرسي 2025 /2026 في إدخال سلسلة من المستجدات الهامة على المناهج الدراسية، في خطوة وصفها خبراء في التربية بأنها تمثل البداية الفعلية لإصلاح تدريجي يهدف إلى تحسين جودة التعليم في مختلف المستويات الدراسية.

شملت المستجدات إعادة هيكلة السنة الثالثة ابتدائي، واعتماد منهاج جديد لمادة اللغة الإنجليزية في السنة الأولى متوسط، إضافة إلى تعديل الحجم الساعي للغتين الفرنسية والإنجليزية في الطورين المتوسط والثانوي، بما يعكس توجه الوزارة نحو تخفيف البرامج وتحقيق تدرج منطقي في المواد، تمهيدا لإصلاح شامل يطال المناهج والكتب المدرسية بشكل جذري.
تم حذف مادتي التربية المدنية والجغرافيا من السنة الثالثة ابتدائي هذا الموسم، وفق ما أكد الخبير التربوي موسى سليماني لـ»الشعب»، مع الإبقاء على نصف ساعة لمادة التاريخ.
وأوضح أن تقليص الحجم الساعي للغة الفرنسية بساعة واحدة جاء على حساب إضافة نصف ساعة للغة الإنجليزية، في إطار خطة تهدف إلى منح اللغة الإنجليزية حضورا أكبر ضمن البرنامج الدراسي، وتهيئة التلميذ لتحديات المرحلة المتوسطية القادمة.
وأضاف المتحدث أن هذه العملية ليست جديدة، بل تأتي استكمالاً لما بدأ العام الماضي، حين شملت عملية الحذف السنتين الأولى والثانية ابتدائي، وهو ما يجعل التعديل في السنة الثالثة خطوة متدرجة ضمن إستراتيجية موسعة لإعادة هيكلة البرامج الدراسية على جميع الأطوار.

التعديلات في الطور المتوسط والثانوي

وأشار سليماني إلى أن التغييرات لم تقتصر على التعليم الابتدائي، بل شملت كذلك السنة الأولى متوسط، حيث تم تعديل الحجم الساعي للغتين الفرنسية والإنجليزية ليصبح 3 ساعات ونصف لكل منهما، بعد أن كانت اللغة الإنجليزية ساعتين ونصف والفرنسية أربع ساعات ونصف. أما في التعليم الثانوي جذع مشترك آداب، فقد تم تقليص حجم اللغة الفرنسية من خمس ساعات أسبوعياً إلى أربع ساعات، بما يعكس توجهاً لتخفيف العبء الدراسي وتوزيع الوقت بطريقة أكثر توازناً بين المواد.
وفي هذا السياق نوه سليماني بالديناميكية التي أطلقها وزير التربية والتي بدأت تظهر أثرها على الموظفين والمعلمين، قائلا بأنهم أصبحوا يشعرون بأن مطالبهم يمكن أن تتحقق على أرض الواقع، خاصة بعد إصدار القانون الأساسي وما تلاه من وعود بإدخال تعديلات وتحسينات.

تدرّج في الإصلاح ومواكبة تطورات العالمية

في المقابل، أشار المستشار التربوي كمال نواري إلى أن المنشور الإطار للدخول المدرسي 2025/
2026 حمل مستجدات هامة تهدف إلى تعزيز جودة التعليم عبر كافة المستويات. ومن أبرز هذه التعديلات إعادة هيكلة مواقيت السنة الثالثة ابتدائي، وإدخال منهاج جديد للغة الإنجليزية في السنة الأولى متوسط، بالإضافة إلى تعديل الحجم الساعي للغتين الفرنسية والإنجليزية في الطورين المتوسط والثانوي.
وأوضح نواري أن السنة الثالثة ابتدائي شهدت حذف مادتي التربية المدنية والجغرافيا، مع تعديل توقيت المواد الأخرى لتعزيز الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية، في الوقت الذي بقي فيه الحجم الساعي الإجمالي للتلميذ 22 ساعة ونصف أسبوعيا.
 وأضاف أن هذه التعديلات تهدف إلى تخفيف البرامج الدراسية، مع تحقيق تدرج منطقي في المواد بما يتوافق مع كل طور تعليمي، مع مواصلة تدعيم التعلمات الأساسية، بما يشمل المهارات اللغوية والرياضياتية القاعدية، فضلاً عن المهارات البدنية والثقافية والفنية، وتنمية الحس العلمي لفهم المحيط الطبيعي والتكنولوجي، وتعزيز الوعي الوطني للهوية التاريخية للجيل الناشئ.
وأوضح نواري أن إعادة الهيكلة تتم وفق مبدأ التدرج، مع مراعاة قدرات التلميذ وسنّه، إلى جانب متابعة المستجدات العالمية، خاصة في مجال الإعلام وتكنولوجيات الاتصال، حيث تقرر توسيع تجهيز المدارس الابتدائية بالألواح الإلكترونية، كخطوة نحو رقمنة التعليم وتحديث أساليب التدريس.
وفي هذا الصدد، دعا نواري إلى ضرورة فتح ورشات وطنية تضم خبراء من وزارتي التربية والتعليم العالي، لمناقشة عملية تغيير المناهج ومراجعتها بعمق، بما يضمن مدرسة عصرية قادرة على مواجهة تحديات المستقبل التربوي والعلمي، وتحقيق التوازن بين تدعيم المهارات الأساسية للطفل وتنمية وعيه الوطني والثقافي.

التأثيرات المتوقعة على التلميذ والمعلم

وبحسب ما أكده الخبيرين، فإن التعديلات الجديدة ستتيح للتلميذ توزيع جهده بشكل أفضل، مع منح وقت إضافي للغة الإنجليزية والأنشطة التربوية غير الصفية، ما يعزز من مهاراته اللغوية والفكرية والبدنية. أما المعلم، فسيحتاج إلى إعادة تنظيم حصصه اليومية والتكيف مع التوزيع الجديد للمواد، وهو ما يستدعي تكثيف التدريب البيداغوجي وورشات الدعم لتسهيل انتقال سلس نحو النظام الجديد.كما يرى الخبيرين أنّ تخفيف بعض المواد وتعديل الحجم الساعي يعزز من قدرة التلميذ على التركيز وفهم المحتوى الأساسي لكل مادة، مع ضمان استمرار تدعيم التعلمات الأساسية مثل القراءة والكتابة والحساب، وهو ما يمثل خطوة أولى نحو تحقيق إصلاح أوسع للمناهج.

نحـو ورشــة إصــلاح شاملــة

واتفق كل من موسى سليماني وكمال نواري على أن التغييرات الحالية تمثل مرحلة أولى ضمن مسار طويل لإصلاح المناهج، وأن الحاجة ماسّة الآن إلى إطلاق ورشات وطنية تضم مختصين من جميع الأطراف المعنية، لمناقشة كل مادة وكل كتاب مدرسي على حدة، بما يضمن مواءمة المناهج مع التحديات التعليمية الحديثة، وتنمية مهارات التلاميذ الأساسية، وتعزيز الهوية الوطنية والفكر النقدي لديهم.
على أن الانطلاقة التدريجية للتغييرات، بدءا من السنة الثالثة ابتدائي، تمثل خطوة مهمة، لكنها تحتاج إلى متابعة دقيقة لضمان النجاح الكامل للإصلاح الشامل، بما يحقق رؤية الوزارة في مدرسة جزائرية حديثة، متوازنة، وقادرة على تلبية تطلعات المجتمع وتحديات المستقبل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19877

العدد 19877

الثلاثاء 16 سبتمبر 2025
العدد 19876

العدد 19876

الأحد 14 سبتمبر 2025
العدد 19875

العدد 19875

الأحد 14 سبتمبر 2025
العدد 19874

العدد 19874

السبت 13 سبتمبر 2025