رفعـن التحـدي واقتحمن قطـاع النفط والغاز

الفحلات.. تُحلّقـــن في سمـاوات سوناطــراك

رغم إدراكهن أن الأمر ليس سهلا بالنظر لصعوبة المهنة ومشقتها فإن أمينة، عائشة وآسيا قررن رفع شعار التحدي في مجال ظلّ حكرا على الرجل عندما التحقن منذ بضعة أشهر بمركز إنتاج الغاز بحاسي باحمو بولاية تيميمون، ليشغلن منصب تقني استغلال بواحد من أهم حقول الغاز بالجنوب الغربي الجزائري.

 ومن قلب الكثبان الرملية بعمق الصحراء الشاسعة، بالضبط من قاعدة الحياة التي أنشأها مجمع سوناطراك لفائدة أزيد من 250 عاملا بهذه المنشأة الحيوية تلتحق أمينة، وعائشة وآسيا بمناصب عملهن يوميا يحدوهن في ذلك شغف الاكتشاف والتعلم في عالم كان إلى وقت قريب حكرا على الرجال.
 ويكون الالتحاق بمكان العمل بالنسبة لهاته الفتيات مضبوطا مع عقارب الساعة وهي تشير إلى السابعة صباحا، وببذلة العمل ووسائل الحماية اللازمة لسلامتهن، حيث يبدأن يوما جديدا وكلهن عزم واستعداد لمراقبة خطوط الإنتاج والتجميع بحقل ينتج ما لا يقل عن 5.4  مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميا.
 وكعادته، يقوم الفريق الثلاثي بجولة تفقدية لمسار الأنابيب العملاقة، وبجدية ملحوظة يتمّ الوقوف على أبسط التفاصيل، حيث المساحة الواجب معاينتها محددة، فلا شيء هنا يتمّ دون تخطيط.
 وتقول عائشة أقرامو، صاحبة الـ22 عاما، أن شغفها بما تقوم به يدفعها لأن تكون جدية في كل شيء، مضيقة أن ما تقوم به اليوم كان بالأمس حلما يراودها، وهي بذلك مدركة لحجم المسؤولية التي تقع على عاتقها، الأمر الذي يحفزها على أن تكون دوما في المستوى.
 الشابة العشرينية، خريجة جامعة أحمد راية بولاية أدرار وابنة مدينة تيميمون، المتحصلة على شهادة الليسانس (تخصص هندسة الطرائق) تواصل مسارها العلمي لنيل شهادة الماستر في نفس التخصص، تحدثت عن التحاقها بحقل الغاز بحاسي باحمو في منصب تقني استغلال، بكل فخر، لا سيما وهي ترى حلمها يتجسد على أرض الواقع.
 وأضافت أنها رفعت سقف طموحاتها عاليا فور نجاحها في المسابقة التي نظمتها شركة سوناطراك، مؤكدة أنها تمكنت من اجتياز أول عتبة في شهر سبتمبر المنصرم للعمل بأكبر وأهم شركة وطنية في الجزائر.
 وتضيف بأن البداية لم تكن سهلة، لكنها عازمة كل العزم على المضي قدما في مساري المهني ومستعدة للتعلم والتكيف مع كل الظروف لتنمية معارفي العلمية في مجال الغاز الطبيعي.
 وبخصوص المنصب كتقني استغلال بهذا الحقل، تحدثت أمينة بودراية، صاحبة 28 عاما، مؤكدة أن التحاقها بمجمع سوناطراك يعد خطوة هامة في مسار تجسيد حلم العمل والتألق الذي طالما راودها وهي طفلة في المدرسة، وهذا بفضل الدعم الكبير الذي حظيت به من قبل عائلتها.
 أمينة، وبحماس لافت ولهجة واثقة، قالت إنها اقتحمت هذا الميدان، وهي واعية بأهمية الفرصة التي حظيت بها، مبرزة أهمية مواصلة الاعتماد على النفس من أجل تطوير مهاراتها دون تردد أو خوف، لاسيما وهي محاطة بعديد الكفاءات في هذا المجال.
 وأشارت أمينة إلى أنها وزميلاتها حظين بترحاب كبير من قبل القائمين والعاملين بالحقل الغازي، الأمر الذي ساعدهن على الاندماج بسرعة في هذا الوسط، لافتة إلى أن العمل الجماعي شكل بالنسبة لهن دافعا إضافيا للاستفادة من تجارب وخبرات من سبقهم في عالم النفط والغاز.
 من جانبها، أوضحت آسيا جبايلي (25 عاما) أن اهتمامها كان بالدرجة الأولى منصبا حول كيفية إتمام مهمة مراقبة أحد الأنابيب عن كثب، وفور التأكد من أن الأمور تسير بالشكل المطلوب عادت للحديث بهدوء عن طبيعة عملها الذي أضحت تقوم به بشكل عادي، بالرغم مما يتطلبه من جهد وتركيز.
 آسيا، خريجة جامعة أدرار أيضا، كانت بدورها ضمن المتفوقات في مسابقة سوناطراك، تحوز على شهادة ماستر في هندسة الكيمياء وتعتزم مواصلة دراستها الجامعية لنيل شهادة مهندس، تقول إنها تعمل لفترة شهر وتنال فترة راحة لشهر آخر على غرار باقي زميلاتها.
 وتابعت بأن إعداد التقارير وضبط التدخلات وتنفيذ التعليمات والمهام المنوطة بها والبحث عن مواطن الخلل يندرج ضمن يومياتها وهي تعمل على إتقان كل ما تقوم به وتكتسب خبرة جديدة كل يوم.
 وتبقى تجربة كل من أمينة، عائشة وآسيا بهذا الحقل الغازي مثالا يحتذى به في طموح المرأة الجزائرية ودليلا على المكانة التي أصبحت تحتلها في المنظومة الاقتصادية الوطنية، ومن ثم المساهمة جنبا إلى جنب مع الرجل في صناعة مستقبل زاهر وواعد لجزائر المستقبل التي ينشدها الجميع، والتي حلم بها شهداء ثورة أول نوفمبر المجيدة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024