مظاهرات الـ 11 ديسمبر أفشلت مشروع ديغول «الجزائر جزائرية»:

قدور محمد: تلقين الأجيال أهمية الدبلوماسية في نجاح الثورة

سهام بوعموشة

يحتفل الشعب الجزائري اليوم بالذكرى الـ ٥٢  لمظاهرات ١١ ديسمبر ١٩٦٠ المجيدة التي تعتبر منعرجا حاسما في تاريخ حرب التحرير الوطني، وكشفت هذه المظاهرات التي انطلقت  ببلوزداد «بلكور سابقا» قبل أن تتوسع إلى الأحياء والمدن والمناطق الجزائرية الأخرى مرة أخرى، الأساليب القمعية والوحشية التي واجه بها المحتل الفرنسي ضد المتظاهرين الجزائريين الذين تحدوا الآلة الاستعمارية رافعين بذلك شعارات الجزائر مسلمة وتحيا جبهة التحرير والحكومة الجزائرية المؤقتة، وبالفعل أكدت المظاهرات للعالم أجمع الحقيقة الإجرامية للمستعمر.
وحسب المؤرخين فإن الجنرال دي غول كان يريد من خلال سياسيته لإبقاء الجزائر أرضا فرنسية عزل جبهة التحرير الوطني وأعضاء الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية عن الشعب الجزائري، لكن الشعب الجزائري أظهر مرة أخرى نضجه السياسي المتميز وأفشل مناورة القادة الفرنسيين آنذاك، وبرفعهم لشعارات والأعلام الوطنية تعكس تطلع الشعب إلى قيام «جزائر مسلمة ومستقلة» وتعبيرهم عن دعمهم لجبهة التحرير الوطني ولجيش التحرير الوطني وللحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية فإن المتظاهرين كتبوا بدمائهم صفحة أخرى مجيدة من تاريخ مقاومة الشعب الجزائري للمستعمر الفرنسي. أضاف المؤرخون.
وقد خلفت هذه المظاهرات التي واجهتها قوات الاحتلال الفرنسي بالعنف مئات الضحايا من السكان الجزائريين من بينهم أطفال، وعلى الصعيد الدولي كان لمظاهرات ١١ ديسمبر ١٩٦٠ الفضل أيضا في إسماع صوت الجزائر للمنظمات الدولية، حيث تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أيام قليلة بعد هذه الأحداث لائحة تعترف بحق الشعب الجزائري في تقرير المصير والحرية. كما كان من نتائج هذه المظاهرات توسيع دائرة دعم القضية الجزائرية وكفاح الشعب الجزائري من أجل حريته واستقلاله عبر العالم، ان الاحتفال بالذكرى ٥٢ لمظاهرات ١١ ديسمبر ١٩٦٠ التي يعتبرها الكثير من المؤرخين مرحلة هامة في تاريخ حرب التحرير الوطني، تتطلب منا  ضرورة كتابة تاريخ الثورة حتى تعرف الأجيال الصاعدة تضحيات الشعب الجزائري، وكي لا يضيع موروثنا التاريخي، وفي هذه النقطة فإنه ما يزال الكثير من المحطات التاريخية التي لم تعط حقها من الدراسة الموضوعية المستفيضة على غرار الباحثين الفرنسيين الذين كتبوا بكثرة في هذا المجال، وبالمقابل أعدو أفلاما وثائقية حول أهم المحطات التاريخية التي شهدتها ثورتنا المجيدة.
ما يؤخذ بالقوة يجب أن يسترجع بالقوة.. نظرية غير صحيحة
وفي هذا الصدد، شدد أستاذ مادة تاريخ الثورة بجامعة بوزريعة قدور محمد على ضرورة إعادة الاعتبار للتاريخ الوطني، وكذا البرامج التربوية التي تلقن للأجيال حول تاريخ الثورة، بما في ذلك وسائل الإعلام التي ينبغي عليها معالجة المواضيع بنزاهة والابتعاد عن ترسيخ مفهوم أن الثورة أصبحت ممارسة سياسية واقتصارها على الطبقة الثورية.
ويرى قدور محمد أن فكرة « ما يؤخذ بالقوة يجب أن يسترجع بالقوة» التي تدرس في المؤسسات التعليمية ونعاني من ترديدها في كل المناسبات، هي نظرية غير صحيحة بالمطلق، ويجدر على المسؤولين الذي يوجد الحل بين أيديهم إفهام الشباب بأن الثورة حققت إنجازات كبيرة لا سيما من الناحية الدبلوماسية، وما لعبه الشعب في مساندة جبهة التحرير الوطني والوقوف بصدور عارية في وجه رصاص الاستعمار. بالرغم من أن فرنسا كانت تمثل آنذاك أكبر قوة ومن ورائها حلف الناتو.
وأضاف أستاذ مادة تاريخ الثورة في تصريح لـ «الشعب» بأنه بهذه الطريقة نقدم الرسالة الحقيقية للشهداء للأجيال الصاعدة، لأن الطرق السياسية كان لها دور مهم دون نسيان الجانب العسكري. وهكذا نحبب التاريخ للشباب، مشيرا بأنه بالطرق السلمية يمكن لأي شعب في العالم أن يوصل صوته للعالم وليس شريطة استخدام القوة.
وبالموازاة مع ذلك، أكد محدثنا  أن مظاهرات الـ ١١ ديسمبر ١٩٦٠ شكلت آخر منعرج حاسم في الثورة التحريرية التي سرعت في إجراء المفاوضات مع الطرف الفرنسي، وإبطال مشروع الجنرال شارل ديغول القائل «الجزائر جزائرية» ومحاولة تقسيمها الى الشمال والجنوب، وبالمقابل أراد القضاء على جبهة التحرير الوطني الممثل الشرعي والوحيد للشعب.
لكن مظاهرات الـ١١ ديسمبر وخروج الشعب الجزائري عن بكرة أبيه ومن كل الفئات هاتفا بعبارات «الجزائر مسلمة» ويحيا فرحات عباس والحكومة الجزائرية المؤقتة قال قدور محمد أفشلت مشروع ديغول ومعه لوبي المعمرين والأقدام السوداء. مضيفا بأنه بعد تاريخ الـ ٢٠ ديسمبر عقدت الأمم المتحدة جلستها، وصوتت لقرار جبهة التحرير لما رأته من همجية القوات الفرنسية في مواجهة المتظاهرين، حيث دخل مندوبو الآفلان إلى الجلسة بكل راحة. وبالتالي ساهمت المظاهرات في مهمة الدبلوماسية الجزائرية، بعد رفض الحكومة الفرنسية التفاوض مع الحكومة المؤقتة. وتجدر الإشارة الى أنه، بمناسبة الذكرى الـ ٥٢ لمظاهرات الـ ١١ ديسمبر ١٩٦٠ نظم ملتقى تاريخي بمخبر الوحدة المغاربية عبر التاريخ بجامعة بوزريعة نشطه مجموعة من الأساتذة المختصين في المجال.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024
العدد 19444

العدد 19444

الأحد 14 أفريل 2024
العدد 19443

العدد 19443

السبت 13 أفريل 2024