تمنراست

نساء يمتهن جمع الحصى لتخفيف أعباء الحياة اليومية بمنطقة التدكلت

تلجأ العديد من نساء منطقة التدكلت خاصة عبر منطقتي إينغر وعين صالح (تمنراست) إلى جمع الحصى وبيعه لأشخاص آخرين بغرض إستعماله في أشغال البناء الأمر الذي يوفر لهم بعض النقود تمكنهم من تخفيف أعباء الحياة اليومية في ظل الظروف التي تعيشها الكثير من العائلات.
فقد إمتهنت هاته النسوة مهنة جمع الحصى واعتبرنها مصدر للاسترزاق وكسب قوتهن اليومي رغم المعاناة والظروف الطبيعية الجد قاسية التي تميز الحمادة الصحراوية القاحلة ولظروفهن التي لم تتح لهن الفرصة للتمتع بملذات الحياة كسائر نساء جيلهن.
فلم يمنعهن طبيعتهن الأنثوية ولا مسؤوليتهن تجاه عائلاتهن من الخروج من بيوتهن مع بزوغ فجر كل يوم مع أصحاب الشاحنات تحت قسوة برد الشتاء وحرارة الصيف المحرقة. فجمع كمية تكفي حمولة الشاحنة يكلفهن نحو يوم إلى ثلاثة أيام حسب الفصول وكمية تراكم الحصى مقابل الحصول على مبلغ مالي لا يزيد عن 4 آلاف دج يقدمه أصحاب الشاحنات الذين بدورهم يبيعونه للخواص والمقاولين قصد استغلاله في أشغال البناء.
فمن أجل ضمان معيشة تسد مطالبهن تحمل هاته النسوة في أيديهن ما يكفيهن من الماء والغذاء ويلبسن ملابس مهترأة ويضفن نقابا وبعض المستحضرات التقليدية على وجوههن كالكركم والزعفران وما يسمى بالمكارة أوالحميرة حتى لا تتضرر بشرتهن من أشعة الشمس والغبار المتطاير.
أما عن الوسائل المستخدمة في عملية الجمع  فهي تقليدية ومتاحة في كل بيت بمنطقة التدكلت على غرار عرجون النخيل بعد أن يتم تمليسه وإضفاء بعض اللمسات عليه لجمع الحصى وغرابيل عبارة عن مائدة تقوم النسوة بثقبها للغربلة.
وبحسب خالتي جمعة وهي واحدة ممن إعتدن على هذه المهنة بالرغم من سنها الذي تجاوز الأربعين سنة فإن صورة تلك الحشود من النسوة اللاتي يجمعن الحصى وسط جو من الغبار أصبحت معتادة وتدعو للفضول لدى مستعملي الطريق الرابط بين دائرة عين صالح وإينغر على بعد 10 كلم والطريق الوطني رقم 52 الرابط بين إينغر وولاية أدرار على بعد 11 كلم بحيث يركنون عرباتهم للتساؤل عما يقوم به هؤلاء النسوة.
من جهته يعتبر عمي عمر وهو أحد سائقي الشاحنات أن أيادي هاته النسوة تبقى عبارة عن «محاجر طبيعية» تغني عن الذهاب إلى المحاجر الصناعية نظرا لوجود فرق كبير في سعر الحصى الناتجة عن المحاجر والتي تعرف أسعارها ارتفاعا كبيرا بالإضافة إلى كثرة الطلب عليها في ظل ورشات البناء المفتوحة بالمنطقة.
وفي هذا الصدد يؤكد العديد من سكان هذه المناطق - الذين إلتقتهم «وأج» - على خطورة هذه المهنة على البيئة بإعتبارها تعد واحدة من أسباب التصحر الذي تعرفه مناطق الصحراء كون أن الرمال التي تحملها الرياح كانت ترقد تحت الحصى وبعد تصفيته من الرمال والشوائب الأخرى وجمعه تبدأ الرمال في الانتشار الواسع بفعل غبار الرياح.
وبالرغم من ذلك فإن النسوة مصرات على مواصلة القيام بهذه المهنة ومواجهة مصاعبها القاسية من أجل ضمان معيشة كريمة لأبنائهن ورعايتهن في الوقت الذي يتطلعن إلى غد مشرق ينسيهم البؤس والحرمان الذي يعشنه.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024
العدد 19444

العدد 19444

الأحد 14 أفريل 2024
العدد 19443

العدد 19443

السبت 13 أفريل 2024