أجواء احتفائية عاشتها، أمس، قاعة الحفلات بدالي إبراهيم اثر تخرج دفعة ثانية من المكونين في اختصاص الوساطة القضائية التي تحمل قيمة لا تقدر بثمن في تسوية النزاعات بين المتخاصمين بالتي هي أحسن بعيدا عن الحقد، الضغينة والانتقام.
الدورة الثانية التي تسلم خلالها 25 مكونا شهادات مهنية، جرت تحت إشراف وزارة العدل وبدعم من الاتحاد الاوروبي في برنامجه “سبرينغ”، نظمتها الجمعية الوطنية للوساطة القضائية رصدت “الشعب” فعالياتها متوقفة عند أهدافها ودلالاتها لقطاع عدلي يعرف تغييرات وتطورات بفعل الإصلاحات التي جاءت لخدمة المتقاضين والمواطنين والتكفل بانشغالاتهم وقضاياتهم.
أكد على هذا الطرح علي بوخلخال رئيس الجمعية لـ«الشعب” مرافعا لثقافة الوساطة التي يجهل الكثير من الجزائريين قيمتها رغم أهميتها في نشر التسامح والمودة ومحاربة العنف الدخيل على مجتمعنا.
وقال بوخلخال إن الجمعية سطرت برنامجا يمتد إلى غاية 5 فيفري القادم للتكوين القاعدي المعمق في الوساطة. وجرى البرنامج على فترتين بدءا من 2 نوفمبر الماضي الى غاية الخميس. وتنطلق الفترة الثانية يوم 15 جانفي الداخل الى غاية الخامس فيفري ليشرع بعدها مباشرة في عملية التكوين على مستوى المجالس القضائية مما يؤكد أهمية الموضوع الذي يشكل محورا مفصليا في مسار الإصلاح العدلي.
لكن لماذا الوساطة القضائية وإلى أي مدى يقتنع الجزائري بجدواها في علاج تعقيدات ونزاعات سلميا دون المرور بالمرافعات والجلسات القضائية ومعارك إصدار الأحكام وتنفيذها وتداعياتها؟
الوساطة هي حل ودي يتفق عليه الطرفان المتنازعان يعينان عن طريق القضاء وسيطا قضائاي محايدا، مؤهلا وليس له سلطة القرار، الذي يكون من صلاحيات المتخاصمين. للقيام بهذه المهمة رأت الجمعية، بحسب رئيسها بوخلخال، ضرورة تكوين الوسطاء القضائيين قبل كل شيء مثلما هو متعارف عليه لدى الدول التي خاضت تجارب في تهدئة النفوس وروح الغليان لدى عامة الناس. ولديها مدارس ومنظمات في الميدان من أجل الترويح لثقافة السلم الاجتماعي.
بالنسبة للتشريع الجزائري، ظهرت الوساطة القضائية في قانون الإجراءات الادارية والمدنية عام 2009، وتريد الجمعية حاملة التسمية المعتمدة عام 2012 تجسيدها في الميدان.
وأبرز وسطاء آخرون في الجمعية أهمية هذا الإجراء في جمع شمل الجزائريين الذين يخرجون من نزعات حاملين صداقة بعضهم البعض عكس الحكم القضائي الذي يكون لصاحب طرف على آخر تولد لديه كراهية وانتقام إلى درجة التفكير في تكرار الخصومة والعنف.
وقال العايب مصطفى رئيس الوسطاء القضائيين بمجلس قضاء عنابة في هذا الشأن، إن الإجراء الموجود في عمق المجتمع السائر عليه أفراده وجماعته من زمان، يعني الأخذ بأيدي المتنازعين والوصول بهم إلى روح التآخي والمودة ونقاء الضمير والقلب.
وينجرّ عن هذا الأمر ربح للوقت، المصاريف وتحقيق الصلح والتعايش؛ ذلك أن الاتفاق المتوصل إليه من الخصمين نافذ بصيغة قانونية وغير قابل للطعن مما يكسبه متانة ودواما، تطبيقا لديننا الحنيف “الصلح خير”.
من جهتها قالت السيدة شائعة جعفري، إحدى خريجات الدورة التكوينية، إنها تحرص على جدوى تطبيق هذا الإجراء في الميدان الأسري، حيث هناك فراغ رهيب يستدعي سدّه من أجل علاج تعقيدات اجتماعية متفشية بكثرة وسط العائلات كالطلاق، الحضانة، النفقة وأشياء أخرى.
وقالت السيدة جعفري، وهي رئيسة المرصد الجزائري للمرأة، إن المادة 9 من الوساطة القضائية سمحت بكل شيء، عدا مجال الأسرة. وهي ترى من الضرورة بمكان توسيعها للشؤون الأسرية المليئة بنزاعات ما أحوج الوساطة القضائية لعلاجها بهدوء ومحبة بعيدا عن أي إكراه وضغط.